سلامة الدرعاوي - خطاب العرش حمل توجيهات مباشرة للحكومة ومجلس الأمّة، والمقصود بذلك أنّه ألزم كافّة مؤسّسات الدولة بالسير قدماً في عمليّة الإصلاح الشامل.
اقتصاديّاً رسخ جلالة الملك بتأكيده للمرّة الألف أنّ رؤية التحديث الاقتصاديّ لن تكون مجرد خطّة للنقاش أو التداول بقدر ما ستكون البرنامج العمليّ والتنفيذيّ للحكومة الّتي ستكون أولويّتها القادمة هي وضع هذه الرؤية على سكّة التنفيذ الرسميّ، وهذا لا يكون بالتعهّد الإعلاميّ فقط، وإنّما ببرنامج عمل تنفيذيّ مباشر لكيفيّة ترجمة سيناريوهات الخطط لبرامج عمل من ناحية تعديل التشريعات والأنظمة والقوانين، ووضع الوزارات في إطار التنفيذ الفوريّ للرؤية.
هذا يتطلّب من الحكومة كذلك عكس سياساتها الاقتصاديّة في تنفيذ الرؤية إلى أرقام ماليّة في مشروع قانون الموازنة العامّة، مصحوباً بخطّة عمل تنفيذيّة لجذب الاستثمارات الأجنبيّة الجديدة للمملكة، والّتي ستكون هي الأساس في رفد العمليّة الاقتصاديّة بقوّة التشغيل لمواجهة معدّلات البطالة المرتفعة، وتوفير فرص عمل لمليون خرّيج في السنوات العشر المقبلة.
الرسالة الثانية الّتي بعثها الملك في خطابه للمؤسّسات الدوليّة هو أنّ أيّ عمليّة إصلاح اقتصاديّ لا يمكن أن تؤتي ثمارها دون عمليّة إصلاح إداريّ، وبالتالي ضرورة النهوض بالقطاع العامّ وتوفير مظلّة داعمة للإصلاح الاقتصاديّ، فوجود جهاز إداريّ كفؤ، ضمانة أساسيّة للتنفيذ السليم للخطّة، وداعم أساسيّ للنهوض بواقع الخدمات المقدّمة للمواطنين، وعنصر حاسم في تحسين مؤشّرات وواقع بيئة الأعمال المحلّيّة.
الإصلاح الإداريّ ليس فقط بتطوير نوعيّة الخدمات والنهوض بالمستوى الإداريّ للعاملين في القطاع العامّ، بل الأمر يطال نوعيّة تلك الخدمات المقدّمة للمواطنين ومدى ملاءمتها لتطلّعات ورغبات المواطنين الّذي يعانون من تراجعات مخيفة في عدد من الخدمات الأساسيّة الّتي من المنطق أن تكون بمستويات أداء أعلى ممّا هي عليه الآن، وهذا الأمر له ارتباط آخر بكيفية تعاون وتعامل الموظّف مع المواطن والمستثمر على حدّ سواء، وسيكون معيار الأداء هو القياس في تقييم عمل الموظّف والمؤسّسات الرسميّة المختلفة.
التعاون الاقتصاديّ الإقليميّ احتلّ جزءا أساسيّاً في خطاب العرش، والملك يدرك تماماً أنّ هذا التعاون شكل من أشكال الحماية الاقتصاديّة للأردنّ وتنويع خياراته وزيادة مكتسباته سواء بالخبرات أو الشراكات بين دول تتشابه في تطلّعاتها ورؤيتها تجاه التحدّيات الإقليميّة والدوليّة.
خطاب العرش ألزم الحكومة ومجلس الأمّة على التعاطي الفوريّ مع برامج الإصلاح الاقتصاديّ والإداريّ، والبدء معاً للسير قدماً في إنجاز ما تمّ تخطيطه وإقراره قبل شهور قليلة، فلا وقت لدى المملكة للتأخّر من الآن وصاعداً، فالمطلوب هو تحويل عمل السلطتين التنفيذيّة والتشريعيّة لورشات عمل دائمة، بغرض تجويد عمليّات الإصلاح بشقّيها الاقتصاديّ والإداريّ، وبالتالي التنفيذ الفوريّ لها.
الرسائل والتوجيهات لخطاب العرش جاءت واضحة تماماً، وعلى الحكومة ومجلس الأمة تحقيق الإنجاز.