إن الظروف التي مر بها العالم نتيجة جائحة كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية والأزمة التايوانية إضافة إلى التغيرات المناخية وإنقطاع لسلاسل الإمداد والإرتفاع الحاد بأسعار الطاقة والسلع الغذائية والتقدم التكنولوجي المتسارع, فرضت على جميع الدول مفاهيم ومتغيرات جديدة لم تظهر منذ إندلاع الحرب العالمية الثانية ,من حيث العلاقات الدولية والتحديات الجديدة سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وأمنياً, وسنتحدث عنها جميعها ومدى تأثيرها على العالم وما يجب علينا فعله للتخفيف من هذه الآثار.
هذه المتغيرات الجديدة التي ستتاثر بها دول العالم من تحديات إيجابية وسلبية :
1) الحرب بالوكالة: أصبح واضحاً أن الدول العظمى لن تتصارع فيما بينها بإستخدام جيوشها التقليدية بل ستتحارب من خلال أذرعها وحلفائها , وعدم مقدرة الدول العظمى على حماية حلفائها في أرض المعركة .
2) تعدد الأقطاب: أن حتمية نشوء أقطاب عالمية جديدة ذات طابع إقتصادي هي نتيجة لهيمنة الدولار على العالم قرابة ثمانية عقود وبالتحديد بعد الحرب العالمية الثانية منذ إتفاقية "بريتون وودز" عام 1944, والذي لا زال ليومنا هذا حيث يشكل الدولار ما نسبته 59% من العملات الأجنبية من أصل 12 ترليون التي تحتفظ بها البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم في نهاية العام 2021 ,والدولار أيضاً العملة الوحيدة في التعاملات النفطية, وقد أدى الأمر في النهاية لعكس ما يجري من نشاطات إقتصادية في الولايات المتحدة على العالم بأسره من خلال تأثر أسواق الأسهم العالمية وأسعار العملات الورقية والمشفرة والنفط والذهب سلباً, وبمقياس يبعد كل البعد عن أي تصحيح إقتصادي عالمي, لدرجة أنه لو زادت البطالة لشهر معين في الولايات المتحدة أو تأثر مخزون النفط فيها لإنعكس ذلك وتم تعميمه على الإقتصاد العالمي مما يؤثر سلباً على جميع دول العالم وخصوصاً ذات الإقتصادات الناشئة والدول النامية, وقد شاهدنا مؤخراً كيف أن الفيدرالي الأمريكي رفع قيمة الفائدة على دولاره بمقدار 75 نقطة أساس وسيرفع الفائدة أكثر وأكثر , فمعظم الدول تختلف نشاطاتها الإقتصادية ولا تتشابه مع الولايات المتحدة مثل الإقتصادات الناشئة ( التي تمتلك صفات قريبة من صفات الأسواق المتقدمة ) وأخرى نامية وبأمس الحاجة للبناء والتطوير ,إن هذه الإجراءات حتماً ستقلل معدل النمو السنوي وأرتفاع في نسبة البطالة وزيادة في المديونية فيها, إضافة إلى العقوبات الإقتصادية الأحادية على دول تؤدي إلى إختلال في النشاط الإقتصادي العالمي,لذلك حتمية نشوء أقطاب جديدة هو الحل.
بتعدد القطبية والذي سيشعربه العالم من النمو الإقتصادي الصحيح وتضاعف الناتج الإجمالي العالمي ويكون هناك التنوع الإقتصادي وعدم الإحتكار كون هناك بدائل , ويؤدي إلى خفض البطالة العالمية.
حيث إرتأت كل من روسيا والصين تأسيس تحالف إقتصادي جديد باسم BRICS والذي تشكلت نواته عام 2009, والذي يضم الآن كل من روسيا,الصين,الهند,البرازيل وجنوب أفريقيا, وهناك 11 دولة مرشحة للإنضام مستقبلاً لتحالف BRICS ,ويذكر أن الخمس دول الحالية التي تشكل BRICS لديها 50% من إحتياطي النقد العالمي ويشكلون 25% من الناتج الإجمالي العالمي وجميعهم من ضمن ال 20 الكبار .
وكذلك منظمة شنغنهاي للتعاون هذا التحالف السياسي الإقتصادي العسكري الذي يضم نصف سكان الأرض وتضم الآن 9 دول روسيا, الصين, الهند, إيران,باكستان,أوزبكستان, طاجيكستان وقرغيزستان وكازاخستان والمرجح لوصوله إلى 22 دولة بإنضام دول مراقبة وأخرى شركاء حوار .
3) ظهور عملات جديدة تنافس الدولار وهذه العملات الجديدة مثل اليوان الروسي والروبل الروسي والروبية الهندية والريال السعودي, وظهور نظام مدفوعات عالمي جديد ينافس الSWIFT
5) تغير بمراكز الدول العظمى إقتصادياً نتيجة الحرب على النفط والغاز مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا , وظهور أخرى كدول عظمى مثل الهند والسعودية.
6) إختفاء العولمة: Globalization هو تعزيز التكامل بين مجموعة من المجالات المالية والتجارية والإقتصادية والتكنولوجية لربطها محلياً وعالمياً من خلال إنتقال المواد الخام والسلع المصنعة والمواد الغذائية والخدمات المتنوعة والتدريب والتكنولوجيا من خلال الشركات والمؤسسات من محلي إلى عالمي سيختفي هذا المصطلح في القريب ولن يكون هناك مشاركة في التصنيع بين الدول إلى حد كبير , وستعتمد الدول المصنعة على نفسها وهذا بدأ مؤخراً عندما بدأت الولايات المتحدة بالتفكيربإنشاء مصنع رقاقات إلكترونية جديد يؤمن إحتياجاتها في المستقبل القريب.
7) أبحاث وإكتشاف الفضاء : سيتم تقليص التعاون بين الدول العظمى في المستقبل القريب في مجال أبحاث وإكتشاف الفضاء.
8) التغيرات المناخية : لن يتم السيطرة عليها بالشكل الصحيح لفقدان التواصل بين الدول وتطبيق الإتفاقيات السابقة بينها , مما يؤدي إلى رفع حرارة سطح الأرض 1.5-2 درجة مئوية في العقد القادم.
9) قلة في إنتاج السلع العالمية المصنعة نتيجة توقف سلاسل الإمداد وإرتفاع تكلفة الشحن والإرتفاع في أسعار الطاقة والحصار على المواد الأولية التي تدخل في التصنيع مما يؤدي إلى إرتفاع في الأسعار.
10) تسجيل أقل في براءات الإختراعات والأبحاث العلمية بسبب ضعف التعاون الدولي وسيتأثر بذلك القطاع الطبي والزراعي والصناعي.
11) إزدياد الهجمات السيبرانية في العالم وسيبرز إستخدامها في السلم والحرب وسيبرز أيضاً جماعات الإرهاب السيبراني.
12) قلة المساعدات التي تنفقها الدول الغنية على الدول الفقيرة بسبب إرتفاع كلفة التصنيع وقلة إرادات الدول الغنية وكذلك زيادة الإنفاق العسكري لبناء وتحديث منظوماتها الأمنية, ولن تكن هناك مساعدات وخدمات أمنية بالمجان.
13) المجاعات نتيجة قلة الغذاء والإرتفاع الحاد في أسعاره الذي تُنتجه الدول وتستورده من غيرها , نتيجة التغيرات المناخية والزيادة في النمو السكاني, سيرتفع عدد الجائعين في العالم من قرابة 800 مليون حسب إحصائية عام 2021 ليصل إلى قرابة 1500مليون جائع بنهاية عام 2024, وبما أن عدد سكان العالم عام 2020 بلغ 7.8 مليار يعيش منهم 1.3مليار في الدول المتقدمة ويعيش 6.5 مليار في الدول الأقل تقدماً, هذا يعني أن الدول الأقل تقدماً هي الأقل دخلاً فمن الطبيعي أن يكون هناك 1.5 مليار جائع في هذه الدول ويشكلون 23% يعني من بين أربعة أشخاص سيكون هناك شخص جائع في دول العالم الثالث .
14) إحتمالية ظهور جائحات عالمية جديدة مصطنعة على غرار كورونا" COVID 19", والزيادة في عدد المرضى نتيجة للتغيرات المناخية الحادة وإرتفاع عدد الكهولة مما يؤدي إلى إرتفاع تكاليف الخدمة الطبية من وقاية وعلاج .
15) إنخفاض في الناتج القومي الإجمالي العالمي في السنوات القادمة من 10%-20%, والذي بلغ 94 ترليون دولار لعام 2021 , وخصوصاً أن العالم سيعاني من التضخم لسنوات قادمة ومن الممكن أن يدخل بركود تضخمي سيؤدي إلى الكساد مما يؤدي إلى إنخفاض في نسب النمو الإقتصادي للدول , والإنخفاض في التبادلات التجارية بينها وبالتالي فقدان المزيد من الوظائف وإرتفاع في البطالة والفقر وخصوصاً في دول العالم الثالث.
16) التراجع في الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة في المجالات السياسية والأمنية والإجتماعية والإقتصادية , ومن المتوقع أن تزداد عدد الدول دائمة العضوية فيه والتي تملك حق النقض الفيتو.
17) إزدياد الديون العالمية , حيث بلغت 303 ترليون دولار عام 2021 بعد أن كانت 226 ترليون دولار عام 2020, وبلغ نصيب أقوى إقتصاد عالمي من الديون وهي الولايات المتحدة مبلغ 30.9 ترليون دولار.
18) عدم قدرة دول العالم الثالث على سداد ديونها.
19) قلة الإستثمارات العالمية وتردد المستثمرين في الإستثمار .
20) تراجع السياحة لإرتفاع تكاليفها وفقدان الأمن والأمان خصوصاً في دول العالم الثالث.
21) إزدياد تجارة المخدرات في العالم وغسيل الإموال والإتجار بالبشر.
22) نتجة الجفاف سيكون هناك حروب على المياه .
24) إزدياد عدد اللاجئين بسبب التغير المناخي حيث قدر عددهم ب200 مليون لاجىء في عام 2050
mhaddadin@jobkins.com