زاد الاردن الاخباري -
كتب : فايز الفايز - في الزمن الذي نعيشه لا يمكننا إطلاقاً أن نفهم كيف تُدار اللعبة، ففي الوقت الذي يبحث غالبيتنا للحصول على وظيفة جديدة تسند ظهر عائلته، نرى كم الهدر المالي الفوضوي الذي تعيث به العديد من المؤسسات والشركات العامة، ولحسن الحظ أن هناك جهة رقابية تُحصي ملذات الشركات الكبرى وتضبط تجاوزات المالية العامة حتى وإن تأخر تقريرها السنوي لعام جديد، وهذا ما يقدمه تقرير ديوان المحاسبة في التأشير على معلومات صادمة، توضح كيف صبرنا بحيائنا على مائدة المؤسسات التي تنطوي على توزيع الغنائم دون أي تحقيق للمصلحة العامة ولا مخافة الله.
ومن بحر تقرير الديوان الذي قدمه رئيسه المستقيل عاصم حداد وطاقم الباحثين عنده، نلتقط بالصنارة قليلاً من الهوامير في البحر العميق، حيث جاء التقرير أن هناك مخالفات فاضحة لدى مؤسسات وهيئات وأشخاص في بعض الحكومات، وإهمال ممنهج كما يبدو، وهذا بالطبع ما يفتح شهية المراقبين بعد أن رحل الشتاء وأقحلت الأرض، حتى أن البعض منهم قد ترك المعلومات الأهم لينشغلوا بتعيين موظف في مؤسسة دون الخضوع لمقابلة شخصية، وهذا يظهر ضيق أفق وملامسات حاسدة.
الخبر اليوم هو الشركات الحكومية الخاسرة، وسآتي على ذكر تفاصيلها سريعا، بعد أن نحاول التعرف على الشخصية المبهمة التي كانت مثالا ضربه تقرير المحاسبة، فقد جاء في التقرير أن لدى التدقيق على سلفة قسم صندوق النفقات في مديرية الخزينة والبالغ مليوناً ومئة وثلاث وستين دينارا، أن هناك سلفاً قد مضى عليها أكثر من عشر سنوات ولم يتم سدادها، وجاء بالتقرير على سبيل المثال لا الحصر فإن سلف السفارة الأردنية في برلين الألمانية قيمتها مائة وسبعة آلاف ومئة وست وعشرون ديناراً لم يتم سدادها منذ عام 2013، كما أن هناك سلفة غير مسددة للسيد " إكس" بقيمة 250 الف دينار منذ عام 2012، وورد ذكرها لمرتين في التقرير على الرغم من لم يتم إغلاقها لغاية تاريخه.
وفضلا عن ذلك فإن هناك أمانات أفراد من سنوات سابقة وبعضها يزيد عن خمسة عشر عاماً لم يتم عليها أي حركة، خلافا لأحكام المادة 30 من الفقرة دال، من النظام المالي وعدم وجود إيضاح تفصيلي بخصوصها، ويظهر الجدول حول تلك الأمانات انها تعود الى عام 2003 برصيدين الأول للأفراد وبرصيد أربعة ملايين ومئتين وستين دينارا، والثاني يتعلق بالأموال المجمدة لذات السنة بلغت قيمها أربعين مليونا وسبعمائة وواحداً وثمانين الف دينار، وهذه قصة بائسة أخرى، فيما يكشف التقرير أن هناك رصيد حساب مكافآت وبدلات لممثلي شركات حكومية وإدارات المساهمات الحكومية الممولة من الشركات العامة بلغت قيمها أربعة ملايين وتسعة وثلاثين ألف دينار حتى نهاية العام 2021 ، وهناك رصيد مدور منذ عام 2017 ولا يوجد كشف حساب خاص لإدارة الحساب.
في المقابل ودليل على دلال الشركات الخاسرة وعددها سبع عشرة شركة قد بلغ صافي خسائرها جميعا 289 مليونا ومئتين وواحد وسبعين الف دينار و"شوية فراطة"، ويؤكد التقرير أن بعض تلك الشركات قد تجاوزت قيمة مطلوباتها المتداولة للشركة موجوداتها المتداولة وعجز رأس المال العامل، أي أن خسائرها أكبر من ممتلكاتها، وعجز رأس المال العامل،، وأهم الشركات هي شركة الخطوط الملكية عالية فقد جاء رأسمال الشركة 324 مليون دينار و610 آلاف دينار، فيما خسائرها بلغت 321 مليون دينار وأزيد، تليها شركة الكهرباء الوطنية برأسمال بلغ 230 مليون دينار، وخسائرها قاربت 5 مليارات ومئة وخمسة وثلاثين مليون دينار، رغم أن موجوداتها بلغت 555 مليوناً و333 ألف دينار، يتبعها الشركة المتكاملة للنقل وهي بالمناسبة حديثة عهد بإنشائها من قبل أمانة عمان، حيث بلغ رأسمالها 15 مليوناً وخسائرها بلغت 8 ملايين وربع المليون دينار، وأخيرا مدارس العقبة الدولية إذ بلغ رأسمالها 4 ملايين وسبعمائة الف دينار، وخسائرها وصلت الى 14 مليوناً و196 آلاف دينار تقريبا.
هذه نبذة تعريفية لما تؤول الأمور إليه عندما يسند الأمر لغير أهله، فالأمانة والحرص على المال العام وخدمة المواطنين، هي التي ترفع شأن الوطن والدولة والمجتمع، وبناء على مؤشرات بعض الشركات الخاسرة أعلاه، فإننا أمام واقع لا يحسدنا أحد عليه، وإلا فسنرى أنفسنا، إذا اعتبرنا أنفسنا أسوياء وأصحاب عفة يد، وكفاف يومنا برغيف الصباح، فسنجد أنفسنا يوما أكثر فسادا من القائمين عليها، ومع احترامي الشديد لديوان المحاسبة والعاملين عليه، فكان الأصل أن يكشف عن أسماء المؤشر عليهم، لا أن يظهر شخصاً ما لا نعرفه فنسميه "مستر إكس"، فيما الدولة الأردنية بعظمة رجالها يردون علينا في صحيفة الرأي وزميلاتها بمصطلح جميل يقال له "إصطفلوا"، ولا نعرف حقيقةً من معنى لإصطفلوا سوى لغة القادمين الجدد.
دامت الخسائر عامرة في دياركم.
Royal430@hotmail.com