لم تعد تلك القواعد المرورية صالحة للاستعمال على الشوارع، مثلا ما تدعى بالمسافات الآمنة والتي تتراوح ما بين متر ومترين، هذه عفا عليها من يسوق على الشوارع، نحن الآن نتحدث عن مسافة تقاس بالسنتيمتر والميليمتر، أي أن المسافة المتاحة لكل سائق فقط محاولة ضمان عدم الاحتكاك بالسيارة الملاصقة والمتلاصقة مع غيرها، موضوع المسرب والالتزام بالمسرب، هذه ثقافة بالية غير مجدية، المسرب الوحيد المتاح هو امكانية التعامل مع الشارع ببهلوانية وأفعوانية مع تحاشي الاحتكاك المذكور سابقا.
موضوع الأولويات أصبح نسيا منسيا، فالأولوية فقط لمن يقدر، لا علاقة لمن يدخل الدوار أو لمن يريد التحرك أو لمن يدخل من شارع فرعي، هذه كلها أصبحت من التراث الماضوي الذي لا علاقة لشوارعنا بها.
موضوع أن هناك شارع رئيسي وشارع فرعي وأن هناك قواعد للتعامل معها، هذا شيء تعفن وأصبح متقادما وغريبا، القاعدة الجديدة ينطبق عليها قول ( من سبق لبق ).
حكاية السرعة وتحديدها حسب الشارع وامتداده وعدد مساربه ومكان وجوده داخل أو خارج المدن، فقد أصبحت مضحكة للغاية، لا يوجد التزام إلا للكاميرا إن وجدت، وفي حالة عدم وجودها يطبق مقولة ( الحق يا كبير).
أما قاعدة الالتزام بالإشارات الضوئية ، فقد انتهينا منذ زمن من حكاية اللون البرتقالي سواء في حال الحركة أو التوقف عند الإشارة، فقط إذا هناك كاميرا يتم التوقف أو التحرك مكرهين تبعا للضوء الأحمر والأخضر، مضافا إليها زوامير من كل المركبات لكل المركبات بالتحرك، مع وجبة لا بأس بها من الشتائم والمسبات عدا عن النظرات الغاضبة إن تأخر سائق لأكثر من ثانية على الإشارة.
حكاية ما تدعى بالغمازات المحددة للاتجاه المنوي الانحراف إليه، فهذه نكتة قديمة لم يعد لها أي قيمة، وأيضا موضوع إخراج اليد لإعلام السائقين اللطفاء بالرغبة في تغيير الاتجاه لم تعد تحقق أي هدف، فقط عليك مداهمة المركبات وكأنك في حلبة مصارعة مع تحري عدم الاحتكاك كما أشرت سابقا ضمن المسافات الآمنة.
حكاية التوتر والغضب أو الانفعال من سائق أرعن تصرف بطريقة هوجاء، هذه قصة تافهة لا تستحق التوقف عندها، عليك قبل ركوب سيارتك أن تنزع مشاعرك وكرامتك وحتى إنسانيتك خارج المركبة، لأنك لن ترى في الشارع والمركبات إلا هؤلاء الذين يستمتعون في ارهاق أعصابك وشحنك بالغضب والتوتر، لذا كل ما عليك أن تدرب نفسك على تكلس المشاعر وتجميد الانفعالات وبلادة المواقف لكي تتمكن من مواصلة السير على الشوارع.
هناك إضافات بسيطة للغاية تتمثل في ثقافة الزوامير والأغاني الحماسية أو الحزينة مع مضخمات للصوت، مع انتهاك كل الخصوصيات لك ولسيارتك، مع تنزيل الركاب عند مدخل النفق أو نهايته، مع بروز فجائي لحافلات وباصات من أية زاوية وركن وشارع وحارة.
لا تتوقع أن هناك مسارات محددة للباصات العمومية، فهي قد ابتدعت لها طرقا التفافية فرعية وحاراتية وزقاقية لدرجة أنك تجده يزاحمك من حيث تدري ولا تدري.
إياك أن تعاتب ولو بالنظر سائق تاكسي عمومي أو كونترول باص كوستر، فأنت تكون حينها كتبت على نفسك سيلا من الشتائم والردح واحتماليات قوية للشجار.
تعامل مع كل طلعة لك على الشارع أنها رحلة مودع، فإذا وصلت سالما معافى، عليك أن تذبح ولو دجاجة لسلامة الوصول. والحديث لم يكتمل بعد.