غدًا المونديال «الأغلى» .. قطر 2022

هو بلا شك مونديال الحلم.. والمونديال «الأغلى» بالمعنيين - المعنوي والمالي -الذي تفصلنا ساعات عن انطلاقته، معلنة طي 12 عاما (منذ 2010) من الاستعدادات والتجهيزات والتحضيرات، ومواجهة الصعوبات والتحديات والاتهامات والتشكيكات التي تعرضت لها قطر الشقيقة منذ لحظة اعلان فوزها باستضافة مونديال 2022، ليكون هذا هو المونديال الاول بتاريخ كرة القدم وتاريخ كأس العالم منذ 1930 الذي تنظمه بلد خليجي عربي مسلم. ومن أجل كل ذلك، عملت قطر بكل طاقاتها وامكاناتها لتحقق الحلم ولتثبت للعالم انها على قدر التحديات والطموحات وأنها قادرة على تنظيم مونديال يراهن كثير من المراقبين على انه سيكون الاعظم والافضل والاميز في تاريخ بطولات كأس العالم.
مونديال كأس العالم ليس مجرد حدث رياضي تتنافس على استضافته دول العالم، بل هو حدث اقتصادي استثماري وسياسي بامتياز، والشواهد على ذلك كثيرة نستعرضها بعجالة ومن جوانب متعددة للاطلاع على ما حققته قطر من اهداف ونجاحات - حتى قبل -انطلاقة صافرة اول مباراة في هذا المونديال - وما تحققه دول العالم التي وصلت للنهائيات وحتى تلك التي لم تصل ومنها الأردن:
1 -( 220 مليار دولار) تقديرات كلفة استضافة مونديال قطر وهي الاغلى في تاريخ بطولات كأس العالم انفقتها قطر على مدى( 12) عاما فترة الاعداد لهذه البطولة متجاوزة اكثر البطولات كلفة من اللواتي سبقنها وهي مونديال البرازيل 2014 (بكلفة 15 مليار دولار)..فلماذا كانت كلفة مونديال قطر بهذا الحجم؟
2 - قطر أرادت من خلال استضافتها للمونديال ان تحقق عدة اهداف ومنها اعادة بناء البنية التحتية للبلاد( شبكة مترو ومطار جديد وغير ذلك) وفقا لرؤية 2030، ولذلك - على سبيل المثال - قامت ببناء 8 ملاعب مونديالية 7 منها من الصفر ولذلك قدرت كلفة بناء الملاعب بنحو 6.5 مليار دولار، وهي ملاعب ستحتفظ قطر بثلاثة منها وستقوم بتفكيك الخمسة الباقية لاستخدامات اخرى - كما أعلن سابقا -.
3- لاستضافة كأس العالم قطر بنت نحو 100 فندق واقامت مدنا جديدة وخلقت بلدا جديدا وجديرا باستضافة نحو 1.5 مليون مشجع وزائر خلال المونديال، وستكون قبلة لنحو خمسة مليارات متابع ومشاهد من جميع دول العالم.
4 - قطر التي لا تزيد مساحتها على 11.521 كيلو مترًا مربعًا ولا يزيد تعداد سكانها على 2.9 مليون نسمة فقط، اصبحت قبلة أنظار العالم واهتماماتهم، فلم تعد معروفة اليوم بأنها دولة نفطية وفي مقدمة دول العالم بانتاج الغاز فحسب، بل ها هي دولة عصرية متقدمة رياضيا باستضافتها مونديال 2022 وكأس آسيا 2023 اضافة لاستضافتها لبطولات تنس عالمية، لذلك فان قطر في مقدمة الدول العربية التي نجحت باستثمار
« التسويق الرياضي» في الترويج لهذا البلد الصغير سكّانا ومساحة والذي اصبح كبيرا بالانجازات وخصوصا على الصعيدين الرياضي والاقتصادي.
5 - قطر لم تنفق 220 مليارا وربما اكثر من أجل جني ايرادات سريعة وفورية تعيد لها جزءا مما أنفقته( 9 مليارات دولار الايرادات المقدّرة)، فهي تدرك ان ذلك استثمار بعيد المدى وانها اختزلت الزمن بتحقيق انجازات اخرى عديدة لا تقل اهمية عن المكاسب المالية.
6 - في مقدمة المستفيدين من الاستثمار بالمونديال كحدث رياضي اقتصادي استثماري: «الفيفا « التي لم تنفق شيئا من كلف الاستضافة لكنها ستحقق الكثيرمن الايرادات تثري خزينتها للسنوات الاربع القادمة (6.5 مليار دولار)، كما ستستفيد كل دولة وصلت المونديال كل واحدة بحسب برنامجها الترويجي والتسويقي والسياحي والرياضي، ومن المفترض ان تمتد الاستفادة من المونديال لجميع دول الخليج المجاورة على المستوى الرسمي والشعبي والقطاع الخاص، اضافة لدول الاقليم والدول العربية ومنها الاردن.
7 - «الاردن»..استفاد من عدة جوانب منها :وجود الآلاف من الاردنيين هناك في الدوحة يشاركون الاشقاء بترتيبات الاستضافة وفي مجالات تنظيمية وادارية ورياضية وأمن الملاعب وصحية وغير ذلك، اضافة لاستثمار الاردن المونديال بالترويج السياحي للاردن خلال الحدث، ومنها استضافة الاردن لمباراة تاريخية بين المنتخب الوطني ومنتخب اسبانيا وما لذلك من اهمية رياضية وسياحية ترويجية ايضا، وليس انتهاء بالاستفادة الاقتصادية من خلال مضاعفة قطر لمستورداتها الزراعية من الخضار والفواكه الاردنية خلال فترة المونديال.
- ختاما أقول: لطالما نجحت الرياضة بتحقيق اهداف لم تنجح بها السياسة، ولطالما كانت الرياضة من اهم الفرص الاستثمارية التي تنعكس ايجابا على السياحة والزراعة والتجارة والصناعة والانشاءات وكافة القطاعات الاقتصادية، ولطالما كانت خالقة لفرص العمل..مونديال قطر أنموذج كبير وعظيم للنجاح الرياضي والاستثماري، فهل نستقي منه العبر لتحقيق نجاحات ولو بالحجم الذي يتناسب مع امكاناتنا وقدراتنا..نأمل ذلك؟

---