أصبح المثل القائل “إش لمّ الشامي على المغربي” فاقداً الصلاحية في مونديال قطر فهذا الدعم الجماهيري العربي لكل المنتخبات العربية المشاركة في المونديال ،
أصبح كعلامة ساطعة على وحدة أمتنا العربية ، لا بل عنون فخر يراقب من الجميع ومحطة تأمّل، وتجديد عهد، واستيقاظ من غفله ، لكل من نطق بلغة الضاد من المحيط الى الخليج ،
فعندما فازت السعودية تزينت تونس وعندما فازت المغرب «زغردت» عمان ، وعندما كبرت الجماهير للقدس هللت بغداد وهتفت دمشق ..
نعم قد غير التاريخ جزء من وحدتنا وثقافتنا العربية وقسمت جغرافيا المستعمر حُلمنا في ذلك ، ليسهل السيطرة علينا ..
ولكن ما زال النبض العربي يصرخ من الداخل وبصدق ، كلما اشتدت المحن أو تقاسمنا فرحة هنا او حزن هناك ،
فانتمائنا لعروبتنا أكبر من أن تؤثر فيها أحجار طائشة أو ابواق مسعورة أو عمالات مأجورة، فكياننا العربي جسر عميق من الوفاء، لا تستطيع كل محاولات الانفصال والانقسام أن تحول الدم الى ماء،
رجوعاً إلى الشامي والمغربي فلهذا المثل قصة حالها كحال كل عربي شريف ، مفادها عند( الجد )وتكالب المحن نترافع جميعا عن صغائر الأمور ويعود الدم العربي نابضا كما كان ،
نعم اليوم اثبتنا للمستعمر قبل العميل أننا أبناء أمة حالها كالجسد الواحد يشد بعضه بعضًا، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسَّهَرِ والحُمَّى،
اليوم في مونديال قطر كانت فلسطين حاضرة في قلب الحدث، كيف لا وهي سيدة المشهد والقول الفصل، كيف لا وهي قضيتنا الأولى والأخيرة، فلا تطرب القلوب الا بذكرها ولا ترتعش أجسادنا الا عندما ترتفع هتافات الجموع فوق المدرجات بصوتهم النابض والذي يخترق القلب قبل الأذن هنا فلسطين هنا فلسطين ،
اليوم في مونديال قطر سطر المنتخب المغربي الشقيق عنوان جديد لعروبتنا ومكانتنا بين الأمم فلم يعد المستحيل مغربيا، فقد تأهل المنتخب المغربي للدور نصف النهائي للمرة الأولى في تاريخ مشاركاته في أكبر بطولة لكرة القدم، إذ لم يسبق أن حقق ذلك، وبات أول منتخب عربي وإفريقي يتأهل إلى دور نصف النهائي لكأس العالم..
كما قضى على أحلام البرتغالي، رونالدو، بالتتويج باللقب العالمي، الذي أفلت منه طوال مشواره الكروي..
هذه المسيرة المظفرة للمنتخب المغربي سطرت إسمه بالذهب بين الكبار وبات اليوم ، حديث صحف العالم بعد أن صنع التاريخ لنا كعرب ، ودوّن إسمه بحروف لن تنسى في عالم الساحرة المستديرة…
لم يكن الفوز المتكرر للمنتخب المغربي “خلطة سحرية ” أو “ضربة حظ” بل هو الاعداد الجيد و التكتيك العالي والكشف المبكر لصفحة الخصوم وبها تحقق النصر بعون الله ..
محليا ، أكاد أجزم أن 50% من الشعب الأردني غير مهتم كثيرا بكرة القدم، ولكن ومن خلال مشاهدتي للفرحة في عيونهم بعد فوز أسود الاطلس على البرتغال ، أقول أن حميتنا العربية الأصيلة التي تربينا عليها في هذا البلد الطيب ذكره ،ما زالت وستبقى شامخة كجبل عرفات صافية كماء زمزم، بيضاء كجبال تهامة ، ساطعة كحرارة شمس الخليج ،
هي(الاردن ) مدد من العطاء ، فجيشها عربي، وشعبها امتهن إغاثة الملهوف، وترابها حقول محبة لا يمكن أن تصبح حرائق كراهية ذات يوم ..
تماماُ مثلما لا تستطيع منابر النور أن تتحول إلى خرائب من الظلام…
المهندس مدحت الخطيب