زاد الاردن الاخباري -
اقترحت صحيفة متشددة مقربة من النظام في طهران، الأربعاء، أن تغلق السلطات مضيق هرمز ردا على الدعم الأجنبي للاحتجاجات في جميع أنحاء إيران.
وجاء الاقتراح في افتتاحية كتبها حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة كيهيان المتشهددة، والذي عينه المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وفق تقرير نشرته وكالة أسوشيتدبرس.
وأشار شريعتمداري إلى أن "إغلاق مضيق هرمز أمام ناقلات النفط والسفن التجارية التابعة لدول غربية حق قانوني لإيران"، مضيفا "يمكننا حتى الاستيلاء على جزء من شحناتهم التجارية للتعويض عن الأضرار المالية التي لحقت بالبلاد".
وهذه ليست المرة الأولى التي يقترح فيها رئيس تحرير كيهيان هذا الأمر، وفي كل أزمة تحصل يعيد تكرار المقترح ذاته.
وتشهد إيران تظاهرات منذ منتصف سبتمبر بعد وفاة الشابة مهساء أميني، أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق بزعم انتهاك قواعد اللباس الصارمة للنساء.
ويعتبر مضيق هرمز أحد أبرز وأهم الممرات المائية الاستراتيجية التي يمر عبره جزء كبير من نفط العالم.
ويقع هذا المضيق بين إيران وسلطنة عُمان، ولا يتجاوز عرضه خمسين كلم وعمقه ستين مترا فيما تبلغ أضيق مسافة له نحو 33 كيلو مترا، وتحوطه جزر مأهولة بالكاد لكنها ذات أهمية استراتيجية بالغة، تضم جزر: هرمز وقشم ولاراك الإيرانية.
التهديدات بإغلاق مضيق هرمز "فارغة، وهي ليست استراتيجية حقيقية، وهي مجرد تفاخر فارغ"، بحسب ما قال المحلل الباحث الأميركي، حسين الإيبش لموقع "الحرة".
ولفت الإيبش إلى أنه "حتى لو قامت إيران بذلك، ستقوم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ودول مجلس التعاون الخليجي بإعادة فتح المضيق خلال أسبوع على الأكثر، واستعادة الأمن فيه"، مشيرا إلى أن أي أثر للإغلاق سيكون "كارثيا".
المحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي يرى أن "إيران لن تقدم على هذه الخطوة، ولكنها تلوح بها، ضمن استراتيجيتها لتصدير الأزمات الداخلية إلى خارج البلاد، إذ تعتقد أنها بافتعال مثل هذه الأزمة مع الدول الغربية فإنها ستعيد تموضع الشعب الإيراني بعيدا عن التظاهرات ضد النظام في طهران".
وأضاف في حديث لموقع "الحرة" أن هذا المقترح ما هو إلا "بالون اختبار متهور، إذ تريد طهران معرفة رد الفعل من الدول الإقليمية والدولية حيال هذا الأمر".
الكاتب، المحلل السياسي الأميركي، إيلان بيرمان يوضح أن "توقيت الرسائل الإيرانية التي تشبه بالون الاختبار تأتي في وقت تتدهور فيه العلاقات مع الغرب بسبب انهيار المحادثات النووية، ناهيك عن تشدد المواقف الأوروبية بسبب دور طهران في في حرب أوكرانيا".
ويبين في حديث لموقع "الحرة" أن النظام الإيراني "يتجه نحو مواقف أكثر صدامية مع الغرب، ولذلك يحاول إثبات أنه قوة لا يستهان بها من الناحية الاستراتيجية".
وتلقي إيران باللوم في الاحتجاجات على دول أجنبية من دون تقديم أدلة، وينفي محتجون أي أجندة خارجية، ويقولون إنهم سئموا من عقود من القمع الاجتماعي والسياسي من جانب "نظام فاسد" و"منقطع عن الواقع".
المحلل السياسي الإماراتي، عبدالخالق عبدالله يوضح أن هذا "المقترح تكرره وتلوح به إيران دائما منذ 40 عاما، ولكنها على معرفة تامة أيضا أنها لا تستطيع التحكم بمضيق دولي، وحتى في حال إغلاقه أكثر دولة ستتضرر هي إيران ذاتها".
وزاد في رد على استفسارات "الحرة" أن "وصول طهران لمرحلة التلويح بهذا المقترح في الوقت الحالي، هو دلالة ضعف على الصعيد الداخلي والدولي، خاصة وأنها تعيش في أزمات مالية واقتصادية متلاحقة وعلى عدة مستويات، ناهيك عن الإضرابات المستمرة منذ أسابيع".
وتقوم قوات الأمن الإيراني بقمع المتظاهرين بالقوة، وتقول منظمات حقوقية إن الأجهرة الأمنية تطلق الذخيرة الحية والغاز المسيل على المتظاهرين فضلا عن ضربهم واعتقالهم، وفرض أحكام على بعضهم بالإعدام.
وحتى الآن قتل ما لا يقل عن 494 محتجا منذ ستمبر، واعتقل أكثر من 18 ألف شخصا، بحسب نشطاء حقوق الإنسان في إيران.
"مواجهة عسكرية"
ولم يستبعد المحللون حدوث مواجهة "عسكرية مع دول الإقليم وحتى قوى دولية" في حال أقدمت إيران على تنفيذ تهديدها بتعكير صفو الأمن والسلم في مضيق هرمز.
ويشير المحلل السياسي السعودي، آل عاتي إلى أن "إيران عادة ما تذهب باتجاه تدويل أزماتها، وهي تريد أن تدخل في مواجهة مع الدول الإقليمية والدولية، حتى تبرر استمرارها في قمع شعبها داخليا، وزعزعة الأمن والاستقرار على صعيد المنطقة".
وحدد المحلل السياسي الأميركي، الإيبش الخطوات التي ستقوم بها واشنطن لو قامت طهران بتنفيذ تهديدها، وستبدأها من خلال العمل عبر "تحالف كبير لإعادة فتح الممر المائي الحيوي، ثم ستفرض عقوبات شديدة على إيران"، مضيفا إلى أن مثل هذه الخطوة "ستفقد إيران دعمها الذي تتلقاه من شركائها مثل الصين أو موسكو وحتى فنزويلا وكوبا، ما يعني أنها ستكون كارثية على مكانة إيران الدولية".
ويتفق المحلل السياسي الأميركي بيرمان مع الآراء السابقة بأن أي "إغلاق للمضيق سيعد أمرا خطيرا جدا، وله تداعيات كبيرة على أسواق النفط العالمية، وسيدفع بزيادة أسعار النفط في الوقت الذي تشعر فيه أوروبا وإفريقيا ودول الشرق الأوسط بالقلق من ارتفاع تكاليف الطاقة مع قدوم فصل الشتاء".
وتابع أن هذه المعادلة "تفهمها إيران جيدا، وترى أنها تمنحها نفوذا كبيرا على الغرب، وهو ما يجعل الطاقة قضية سياسية هامة للولايات المتحدة".
ويشير بيرمان إلى أن أي إغلاق للمضيق من قبل طهران "سيقابله رد أميركي قوي، حيث تتمتع الولايات المتحدة بقدرة كبيرة على نشرة قوات بحرية لفتح المضيق وإبقاء الممرات البحرية مفتوحة"، مضيفا أن "هذا المسار سيلقى دعما واسعا من الدول المتضررة من اضطرابات إمدادات سوق النفط".
ويأتي معظم النفط من السعودية وإيران والإمارات والكويت والعراق، كما يعبر معظم إنتاج قطر من الغاز المسال من خلال المضيق.
تقول إدارة معلومات الطاقة الأميركية إن حوالي 19 مليون برميل من النفط مر يوميا من خلال مضيق هرمز في عام 2016، وهو ما يمثل نحو 30 في المئة من النفط العالمي المنقول بحريا.
وفي عامي 2017 و2018 وصلت صادرات النفط المنقول بحريا عبر المضيق إلى 17.2 - 21 مليون برميل يوميا.
المحلل السياسي الإماراتي، عبدالله يشرح أن أي مواجهة "عسكرية في مضيق هرمز لن تكون في مصلحة أحد خاصة إيران، إذ إن القوى الدولية خاصة الولايات المتحدة كانت قد أخذت على عاتقها حماية الخليج العربي بما في ذلك المضيق".
وتابع أن تأثيرات إغلاق المضيق لن تؤثر على "دول الإقليم فقط، إذا أنه يرتبط بمصالح 190 دولة حول العالم من بينها القوى الكبرى، ولهذا لا يمكن لإيران أن تعبث بسهولة في أمن هذا الممر المائي الاستراتيجي".
مدير المركز الأحوازي للإعلام والدراسات الاستراتيجية، حسن راضي قال إن افتتاحية صحيفة كيهيان ما هي إلا " بروباغاندا من النظام في طهران، وجس نبض المجتمع الدولي في الوقت ذاته".
ويرى في حديثه لموقع "الحرة" أن طهران لن "تتجرأ على إغلاق مضيق هرمز، إذ إنه سيكون أشبه بإعلان حرب دولية وليست إقليمية فقط لأنه سيعرض العديد من المصالح للضرر"، مؤكدا إذا حدث ذلك "أميركا ستكون أول دولة تتحرك عسكريا في المنطقة".
ويرجح راضي أن طهران "تريد إرسال رسائل للدول الغربية بأن لديها أدوات يمكن أن تعكر بها صفو الأمن والسلم الدوليين".
ومنذ العام 1988، لوحت إيران مرارا بإغلاق مضيق هرمز إذا تعرضت مصالحها للخطر، وفي 2008 صرح قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري أن إيران ستفرض سيطرتها على المضيق في حال تعرضها لهجوم عسكري.
وفي عام 2012 هددت طهران بغلق المضيق ردا على العقوبات الأميركية والأوروبية التي استهدفت أرباحها من النفط على خلفية برنامج إيران النووي، وفي مايو 2015 أطلقت سفن إيرانية النار على ناقلة نفط سنغافورية وصادرت سفينة شحن وذلك ردا على اصطدام الناقلة السنغافورية بمنصة حفر نفطية.
وغالبا ما تشهد منطقة مضيق هرمز الاستراتيجية مواجهات بين زوارق إيرانية والبحرية الأميركية. ناهيك عن تعرض عدد من السفن التجارية وناقلات النفط لهجمات وعمليات احتجاز في الأعوام الأخيرة على وقع التصعيد بين طهران وواشنطن، وفق تقرير لوكالة فرانس برس.
وفي مايو الماضي، أعلنت إيران توقيف ناقلتي نفط يونانيتين في مياه الخليج، في خطوة جاءت وسط توتر مع أثينا على خلفية إعلان الأخيرة أنها ستسلم الولايات المتحدة نفطا إيرانيا كان على متن ناقلة تحتجزها.