يعتبر يوم (الترخيص) في حياة السائق الأردني هو الامتحان الحقيقي الذي يبرز فيه منسوب (رضا الوالدين) و تتجلى فيه كذلك (خطايا الآخرين) التي اقترفها طوال عام من القيادة..
عدا الاستيقاظ باكراً في هذا اليوم،والبحث مطولاً عن وصولات المخالفات من باب الاحتياط، والحصول على طفّاية (سلبطة)من احد الأصدقاء ، والاحتفاظ بورقة التأمين المنتهية المدة ..فإنه و بمجرّد دخولك دائرة الترخيص ،ستكتشف حجم القلق الذي يحتل الوجوه..
افتح نافذتك وانظر الى يسارك ، او شاهد بالمرآة من هو خلفك ..ستلاحظ أن أهم مظاهر القلق( قرقطة الشوارب) والعض على الشفة السفلى..و(التصفير) دون سبب..والتمتمة بآيات وأذكار خاصة تجعل الصعب سهلاً...ناهيك عن الابتسامات الصفراء ،والتظاهر بالتهذيب ومحاولة إيهام الفاحص بالطيبة والمسكنة ،لا سيما التطرق الى الحياة الصعبة وأولادك الذين تدرّسهم في الجامعات..كل ما ذكر هو ردّة فعل فطرية غير مخطط لها ، للتعبير عن الخوف من (الترخيص)..
قلت، يعتبر هذا اليوم تطبيقاً عملياً على رضا الوالدين ..كيف؟ خذوا مثلاً من علامات رضا الوالدين:
الاّ ينتبه الفاحص الى فاعلية (المساحات المربوطة بخيط تلحيف)..والاّ يدقق كثيراً عن رقم الماتور المكسو بطبقة صدأ..وأيضا ألا تلمح عينه الغماز الأيمن المكسور، وان يشتغل الضوء الواطي فجأة بعد ان كان معطّلا، والأهم من ذلك كله أن يكون (الفاحص) قد انتهى للتو من (هوشة) مع سائق صهريج أو رأس تريلا، ليقوم نكاية به.. بالتيسير عليك ..اذا توفرت (هالة رضا الوالدين) هذه.. حتماً سيختم أوراقك في أقل من دقيقة ويقول لك: ( على الدفاع المدني)..
من جهة أخرى ، عادة ما يتعارف عند مرتادي (الترخيص)..ما يسمّى بحظ الدولة: وأجد نفسي هنا مضطراً لأشرح ما المقصود بحظ الدولة: مثلاً تكون قد تفقدت (ضو البريك) ليلة الترخيص، وفي الصباح الباكر، وقبل الخروج من البيت بثوانٍ..وعندما يطلب منك الفاحص ان تدوس البريك تجده قد تعطّل فجأة...أو تكون قد سخّرت (ام العيال) منذ ساعات الفجر لتفيدك بكفاءة الغمازات و(الفلاشر الرباعي).. هيك؟..شغال!!...طيب هيك؟ شغّال!!...وهيك؟..كمان شغّال!!...طيب هيك لدّي مليح؟ ..بالصلاة عالنبي مثل الليرة الذهب....وعند الترخيص تتعطل جميعها أو يتوقف نصفها على الأقل...ومن الأمثلة على حظ الدولة: ان يقع برميل الأكزوزت عند بوابة الفحص وعلى مرأى من (اللجنة) ..أو ان يطفأ المحرّك فور قيامك بفتح غطاء الماتور... مما يتطلب منك اصلاحها جميعاً، والتأخر يوماً كاملاً على الأقل...والأصعب من ذلك كله: ان فور وصولك للكهربجي او الميكانيكي تعود جميع هذه الأشياء وتعمل بكفاءة عالية قبل ان يلمسها...
***
نركّز على صلاحية السيارات ولا نركز على صلاحية سائقيها..اجزم أن نصفنا على الأقل بحاجة الى (طقم إصلاح)
ahmedalzoubi@hotmail.com