حسن محمد الزبن - الابن الوحيد للشهيد العقيد أمن عام عبد الرزاق الدلابيح من بلدة الكفير، الطفل محمد جرت دموعه نهرا إلى أعتاب قلوب الأردنيين حزنا وكمدا على رحيل والده من نشامىالوطن، أثر عيار ناري غادر، وهو يسأل كل أردني.. من قتل أبي؟ والله إن السؤال فيه غصة، وحرقة، وألم، ومهما طوقنا نجل الفقيد الوحيد وأخواته الثلاثة، وأمهما، وعائلة الشهيد وذووه، بمشاعر الفقد والمواساة لن نكفيهما التخفيف من مصابهم العميق، هو قدر الله..نعم.. لكن أيها الأردنيون كم كنا نخشى أن تتحول هذه الوقفات الاحتجاجية والمسيرات إلى ما وصلت إليه الأمور من الفوضى، وخروج بعضها عن النمط السلمي، والحضاري، وأتساءل ما هي حاجة من يشارك في هذه الإضرابات والوقفات مع احترامنا لشرعية المطالبات بتخفيض سعر المشتقات النفطية، أن يمتطي البعض مُدْيَة أو مسدسا أو أي نوع من السلاح، مما يخاف؟ هل هو في غزوة؟ هل هو في ميدان للحرب؟ لا والله، إنه على أرضه آمن مُجار، وستبقى كرامته محفوظة، وقد شاهدنا كمْ هم كبار ضباط الأمن والدرك بين صفوف المسيرات والاحتجاجات، وفي أكثر من مشاهدة لمناطق عديدة، والشاهد الكاميرات التي رصدت بعفوية الطريقة ورقي الحوار مع المواطن، ومدى دماثة التعامل في الخطاب، وهو يقول يا أخي.. يا ابن عمي.. يا سيدي.. ويحاول بما لديه من تعاطف وإنسانية أن يمضي الجميع في طريقهم بسلام، رغم الهتافات المقبول منها وغير المقبول، وهذا ديدن كل رجال الأمن من مختلف الرتب، أليس ابن الدرك وابن الأمن العام إن لم يكن جارك؛ فهو أخوك، وإن لم يكن أخيك فهو ابن عمك، وإن لم يكن هذا أو ذاك فهو عزيز ومن ذوي القربى، وابن وطن واحد تشترك معه في الدين والعقيدة، وحياته لا تختلف عن حياتك، من صعاب وملمات يعيشها مثلك، ويتساوى فيها معك، والله إن حمل السلاح في وجه رجال الجيش أو الأمن لهو جريمة، أليس هؤلاء من يسهرون الليل في الشوارع وعلى الحدود ليهنأ الوطن وأهله بالراحة والأمن، ماذا دهاكم كلنا أخي وابن أخي، وعلى ما نحن فيه من عسر، وفاقة، وحاجة، وظرف عصيب، أدعوكم أبناء الأردن، أصحاب النخوة والشهامة، والحميّة، أن توازنوا الأمور، وتتخيرون الطريق التي فيها مصلحة الوطن، حتى لا يدخل بينكم مأجور أو صاحب منفعة بالخراب، وينفذ ما هو ليس بالحسبان، وهو ليس من شيم الأردنيين، المنافحون عن الوطن وإرثه، إرث الماجدين المخلصين من قضوا في سبيله حياتهم، ولعلنا في شهادة الفقيد نستشعر المسؤولية ونسعى لأن نرتقي بالوطن رغم الوجع، ولعلنا نطفئ بركان الغضب، ونمضي لحوار وطني عقلاني في مطالبنا، ونوكل الأمر لعقلائنا وكبارنا درءا وخشية على الوطن من ريح آس، يدنس طهر المسيرة، ونقائها، وعفة أهلها.
رحمك الله أيها العقيد العميد عبد الرزاق الدلابيح، وقد شهدوا لك بدماثة أخلاقك والتزامك، ونحتسبك عند الله من الشهداء الذين صدقوا الله في أداء واجبهم ورسالتهم، لتلتحق بموكب من سبقوك إلى درب الشهادة لأجل الوطن.
اليوم وغدا سيبقى الوطن يسمو بأرواح الشهداء، وستبقى الشهادة قصتنا التي لن تطوى، ونحن نقدم من بين ظهرانينا في صفوف النشامى من الجيش العربي ورجال الأمن الشهيد تلو الشهيد، ونزداد فخارا، وعزة، ونحن نزف أرواحهم إلى السماء، محلقين للعلا، لجوار ربهم، أعدل العادلين، وأرحم الراحمين، رب العزة، جل وعلا، وسيبقى الرصاص الغادر وصمة على جبين الجبناء، والغادرين، ومن لم يراع وحدة الدم والأخوة، وهان عليه الجرح والمصاب لعائلة من رحم هذه الأرض الطيبة، ولا نقول إلا ما يرضي الله، إنا لله وإنا إليه راجعون.
وأحر مشاعر العزاء لأهل الفقيد،
وحمى الله الأردن،