سلامة الدرعاوي - ها هو عام 2022 شارف على الانتهاء، وأيام قليلة تفصلنا عن السنة الجديدة التي ما تزال حالة عدم اليقين تسود أجواءها بتقلبات اقتصادية حادة، جراء متغيرات عدة، أبرزها: تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي ألقت بظلال قاتمة على العملية الاقتصادية العالمية والإقليمية والمحلية.
محلياً كان الاقتصاد الوطني جزءاً أساسياً من هذه التقلبات، وكان قد خرج وقتها من تداعيات جائحة كورونا بمعدلات نمو اقتصادي 2.2 % لسنة 2021، ويتجه إيجاباً في معدلات النمو والتي وصلت في الربع الثاني 2.9 %، ومن المرجح أن تبقى نفس الوتيرة التصاعدية مع نهاية العام، مدعومة بنمو كبير في الصادرات الوطنية التي على الأرجح أن تنهي سنتها هذه بنمو إجمالي يفوق الـ2.7 %.
والواضح أن غالبية مؤشرات الاقتصاد الكلي واصلت تحسنها النسبي ابتداء من النمو ومروراً بمعدلات التضخم (4.9 %) في تشرين الأول الماضي، وانخفاض متواضع للبطالة (22.6 %) مقارنة مع سنة 2021.
على صعيد العلاقات الخارجية كان هناك إنجاز اقتصادي كبير يتمثل أساساً في تجديد مذكرة التفاهم مع الولايات المتحدة الأميركية لسبع سنوات، وبزيادة جديدة لتصل إلى 1.45 مليار دولار سنوياً، إضافة لتجديد المراجعة الخامسة والأهم مع صندوق النقد الدولي الشهر الماضي، مع تحسن التصنيف الائتماني للأردن لمستقر، مع نظرة إيجابية للمستقبل حسب وكالة ستاندر آند بور.
داخلياً على الصعيد المحلي شكلت ارتفاعات أسعار المشتقات النفطية خاصة في مادة السولار عبئاً كبيراً على الكلف التشغيلية للقطاعات الاقتصادية خاصة النقل والصناعة، مما ساهم في تشكيل موجة احتجاجات عارمة لوسائل النقل بكافة صنوفها تخللتها أعمال شغب في بعض المحافظات والاعتداء على الممتلكات العامة والطرق، وقد استجابت الحكومة لجزء كبير من مطالب المعتصمين في تعديل الأجور وزيادة الدعم.
هذه الحالة شكلت جزءاً يسيراً من الضغوطات المعيشية التي تعرضت لها الأسر الأردنية في سنة 2022 مضافاً إليها ارتفاع أسعار الفائدة على التسهيلات، الأمر الذي دعا الجهات الرسمية للسير في تعزيز الحماية الاجتماعية وقيام البنك المركزي بمبادرات تمويلية مختلفة لدعم القطاعات الاقتصادية بتوفير نوافذ تمويلية خاصة بأسعار فائدة مخفضة كان لها أثر إيجابي كبير في دعم استمرارية النشاط الاقتصادي وديمومته مقابل تعزيز قوة الدينار وجاذبيته.
هذا العام لم يخل من التحرك الرسمي في مأسسة العملية التنموية والتي كانت بمبادرة ملكية مباشرة نحو إطلاق رؤية التحديث الاقتصادي وخطة الإصلاح الإداري، ورغم التأخر الرسمي في إعداد البرامج التنفيذية لهما إلا أن التحدي الأكبر يتمثل في التنفيذ السليم لهما حسب المخطط دون أي تردد أو تأخير، لأن ثقة المواطنين حول هذه الخطط أساساً منزوعة بسبب الخذلان الذي قامت به الحكومات السابقة في الالتزام بالخطط التنموية السابقة.
أخيراً نستطيع القول إن عام 2022 كان هناك تميز للأردن في علاقاته الاقتصادية مع المانحين والمؤسسات الدولية، لكن بقيت فجوة عدم الثقة واتساع فجوات الفقر والبطالة أهم ملامح الشأن الداخلي.