الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس - بعض الثقافات في المجتمع ليس شرطا أن يتحدث عنها أصحاب الاختصاص, فكونها ثقافة يمكن أن يلاحظها بعض الناس ويضعها بين يدي أصحاب الاخصاص ليقولوا كلمتهم فيها فيما بعد, وربما القيام بإجراء بعض الدراسات عليها لأثبات صحتها أو نفيها.
قرأنا سابقاً وما زلنا نقرأ حتى اللحظة أن هناك بعض الأمراض المعدية تنتقل مباشرة من خلال اللعاب.. لعاب الإنسان المصاب بمرض معين إلى آخرين غير مصابين, وهذا اللعاب لا يختلف كثيرا عن عملية العطاس الذي يقوم به الإنسان دون وضع منادين لمنع انتشار رذاذ العطاس والذي يكون على شكل نصف دائرة بنصف قطر طوله 75سم تقريباً.
الثقافة تتمثل بقيام بعض الأفراد في بعض البنوك أو المحال التجارية أو المطاعم والمقاهي بعد النقود أو إعطاء أكياس الورق او النايلون أو ورق لف السندويشات أو أكواب الشاي الكرتونية إلى غير ذلك من مهام وذلك بوضع لعابه بطريقة غير مباشرة على ذلك النقد أو الكيس أو الورقة أو الكوب من اجل سهولة حركة أو سحب أو نزع النقد أو الكيس أو الورقة أو الكوب من مكانها, وبالتالي انتقال البكتيريا أو الفيروس من خلال ذلك اللعاب عبر أصابع مقدم الخدمة إذا كان مصاب بمرض معين إلى العملة أو الكيس أو الورقة أو الكوب وبالتالي انتقالها إلى الشخص المقدم إليه الخدمة خلال 24 ساعة.
ينبغي أن يكون بجانب مقدمو الخدمات في كل من البنوك والمحال التجارية والمطاعم والمقاهي إلى غير ذلك من خدمات (إسفنجة مبلولة) مخصصة لذلك الغرض ليقوم هؤلاء ببل أصابعه بها ومن ثم عد النقود أو إعطاء أكياس الورق أو النايلون أو ورق لف السندويشات أو كوب الشاي إلى غير ذلك من مهام.
نقول (درهم وقاية خير من قنطار علاج)، وهذا المبدأ الراسخ الذي يعرفه جميع البشر من قديم الزمان, فحقاً الوقاية خير من العلاج، وبمفهوم طبيّ فإن كلمة الوقاية تعني الحماية والرعاية الأولية للصحة أي هي الإجراءات التي ينبغي اتباعها لحماية الإنسان من الإصابة بمرض ما أو التنبؤ به والحد من تداعياته.
علينا الاهتمام بمستوى صحة الإنسان وحمايته من الإصابة سواء بالأمراض المعدية أو غير المعدية, وعلينا ألا نهمل فهم أسلوب الحياة الصحي على أنه الأسلوب الذي يعتمد على حرمان الإنسان من أشياء عديدة وإنما هو ببساطة شديدة أسلوب يبعدنا عن الأمراض ويجعلنا نحيا حياة سعيدة هانئة راضية أطول فترة ممكنة، ونحن بذلك لا نحاول تغييب الموت لكنها محاولة للعيش بدون آلام أو مرض أو معاناة لأن العمر الطويل مع وجود آلام والمعاناة والمرض يمنحنا التعب والجهد والقسوة.
أدعو هنا أقسام الرقابة والتفتيش والمتابعة المعنيين التأكيد عند زياراتهم ومتابعاتهم للبنوك أو المحال التجارية أو المطاعم أو المقاهي إلى غير ذلك.. أدعوهم التأكيد على وجود (الإسفنجة المبلولة) والمخصصة لأغراض عد النقود أو إعطاء أكياس الورق او النايلون أو ورق لف السندويشات أو اكواب الشاي الكرتونية إلى غير ذلك بدلا من استخدام اللعاب الشخصي والذي قد يشكل خطورة على أفراد المجتمع الآخرين.
تشير الدراسات أن هذه الثقافة, ثقافة استخدام اللعاب الشخصي والاصابع في المهام الموكلة لنا يبدأ مع طلبة المدارس وبالذات في الصفوف الابتدائية الثلاثة الأولى داخل الغرف الصفية أثناء التعامل مع الكتب والدفاتر المدرسية عند تقليب الصفحات للأمام أو للخلف, وفي منازل الطلبة أيضاً, وهذه السلوك يستطيع المعلمون في المدارس والأهل في المنازل أن يلغوها عند طلبتهم وأبنائهم تدريجياً كي لا تصبح ثقافة عامة لديهم وتستخدم لاحقا في اعمالهم ووظائفهم المستقبلية في كل من البنوك والمحال التجارية والمطاعم والمقاهي والمنازل إلى غير ذلك من أماكن تقدم فيها خدمات عامة أو حتى خاصة .
كثير من الأمراض يتعذر معرفة أدوات ووسائل انتقالها إلينا وتكون في حقيقة الأمر بسيطة ومن خلال الإنسان للإنسان دون وعي أو إدراك أو أية اهتمام يُذكر.
صدقوني أن الإسفنجة المبلولة بدلاً اللعاب.. ثقافة نحتاج إليها.