زاد الاردن الاخباري -
تشهد الساحة التأمينية حراكاً مكثفاً ومتواصلاً على المستويين الرسمي ممثلاً بهيئة التأمين وقطاع التأمين الذي يمثله الاتحاد الأردني لشركات التأمين واعضاؤه من الشركات وذلك على أثر صدور "تعليمات أقساط التأمين الالزامي للمركبات ومسؤولية شركة التأمين الناجمة عن استعمالها لسنة 2010" التي اعتبر قطاع التأمين توقيت صدورها قد جاء بشكل مستعجل ومفاجئ للجميع خاصة وان مشروع التعليمات كان ولا يزال قيد المناقشة والحوار مع هيئة التأمين للوصول الى تفاهم مشترك واخراج التعليمات بما يخدم مصلحة جميع الأطراف.
وفي هذا الاطار عقد اجتماع موسع في مقر الاتحاد يوم الاثنين الموافق 8/2/2010 حضره معالي المهندس عامر الحديدي وزير الصناعة والتجارة- رئيس مجلس ادارة هيئة التأمين وعطوفة الدكتور باسل الهنداوي مدير عام هيئة التأمين ومعالي د. جواد حديد رئيس مجلس إدارة الاتحاد وأعضاء المجلس وحضر الاجتماع رؤساء مجالس إدارات شركات التأمين.
تناول الاجتماع بحث مستجدات التأمين الالزامي والتعليمات التي صدرت مؤخرا من مجلس الوزراء وتم نشرها في الجريدة الرسمية. وقد ناقش الحضور انعكاسات تطبيق التعليمات وما نصت عليه من مسؤوليات جديدة وأعباء اضافية على شركات التأمين مقابل رفع أقساط التأمين بنسبة بسيطة تبلغ 25% وأثر هذه التعليمات بزيادة الخسائر المترتبة أصلاً على أعمال التأمين الالزامي.
وفي هذا السياق أكد رئيس الاتحاد د. جواد حديد على ضرورة فتح قنوات الحوار بين أطراف العملية التأمينية للوصول الى تفاهم قبل اتخاذ أي قرار خاصة في موضوع التأمين الالزامي الذي يعاني نزيفاً مستمراً من الخسائر التي تهدد امكانية استمرار الجسم التأميني واحتمال خروج عدد من الشركات من السوق في حال ابقاء الحال على ما هو عليه حيث وصلت الخسائر التراكمية على مدى السنوات الثمانية السابقة للمركبات الأردنية الى نحو 80 مليون دينار ولما لهذه الخسائر من تأثير سلبي على الشركات والمساهمين والاقتصاد الوطني كما تمثل خسارة في الناتج المحلي الاجمالي بدلا من ان تكون اضافة تعزز النمو الاقتصادي الذي هو محط اهتمام واولوية جلالة سيدنا الملك عبد الله الثاني حفظه الله والحكومة.
وفي إشارة الى توقيت صدور التعليمات بيّن رئيس الاتحاد الى انه في الوقت الذي كان مشروع التعليمات قيد مناقشة الاتحاد وبحثه مع هيئة التأمين واجراء حوار في اكثر من اجتماع للتوصل الى تفاهم مشترك كان الاتحاد بصدد استكمال دراسة كلف بها خبيراً اكتوارياً معتمداً لتقديمها الى هيئة التأمين لتكون الأساس في اجراء الحوار على أسس علمية منهجية ومحايدة ومعتمدة عالمياً لتحديد القسط العادل للتأمين الالزامي والتي حسب تقدير قطاع التأمين تم تجاهلها في التعليمات الصادرة مؤخراً, علماً بانه ومن خلال نموذج التحليل المالي المقدم من كل من هيئة التأمين والاتحاد تظهر النتائج فروقات في نتائج التطبيق المتوقعة حيث تظهر نتائج الاتحاد التي أعدتها لجنة فنية انه وبعد الأخذ بنظر الاعتبار كافة المتغيرات الفنية الخاصة بالتأمين وباعادة التأمين والأخرى الاقتصادية المتعلقة بارتفاع مؤشرات نسب التضخم وارتفاع الأسعار والتكاليف والرواتب ومع جميع ما أضيف من منافع نصت عليها التعليمات الجديدة والتي تشكل مسؤوليات جديدة وأعباء اضافية على شركات التأمين, فإن النتائج المتوقعة ستشكل خسارة اضافية للخسائر التي يواجهها قطاع التأمين حالياً.
ومن جانبه أعرب معالي وزير الصناعة والتجارة عن تفهمه لمعاناة قطاع التأمين والخسائر التي يواجهها واعتبر ان هذه الخسائر تشكل خسارة على المواطنين المساهمين كذلك على الاقتصاد خاصة وانه بالرغم من تواضع حجم الأرباح التي تحققها بعض شركات التأمين, فإن جانباً كبيراً منها لا يتحقق عن عمليات التأمين وانما عن طريق الأسهم والمصادر الأخرى للاستثمار.
وعن مطالب قطاع التأمين نحو تحرير الأسعار اشار الوزير الى ان الحكومة تتفق مع قطاع التأمين في التوجه نحو تعويم الأسعار ولكن الاختلاف هو في تدرّج نهج التطبيق وصولاً للنتيجة النهائية وهي التحرير الكامل لهذا النوع من التأمين وتطبيق مبدأ المنافسة وتحسين الخدمة. كما أكد ان ما جاء في التعليمات الجديدة التي أقرها مجلس الوزراء هو التوجه نحو منح نسبة زيادة على الأسعار المعمول بها حالياً مع منح صلاحية اقرارها مستقبلاً لهيئة التأمين.
وفيما يتعلق بنماذج التحليل المالي التي قدمت من هيئة التأمين والاتحاد, أشار معالي الوزير الى ان المحصلة النهائية توجب الاتفاق على فرضيات التحليل المالي وصولاً للاتفاق على النتائج التي تفضي اليها تلك الفرضيات, مؤكداً في نهاية حديثه على ان الحكومة ملتزمة بتحرير الأسعار خلال العام الحالي وضمن مرحلتين الأولى تتمثل بالتعديلات التي أقرت في التعليمات الأخيرة وعلى ان يكون توجه هيئة التأمين في المستقبل القريب في فترة الستة أشهر القادمة هو التحرير الكامل لهذه الخدمة.
ومن جانبهم أجمع رؤساء مجالس إدارات شركات التأمين على ان موارد قطاع التأمين تشهد نزيفاً مستمراً وغير مبرر بسبب الخسائر في أعمال التأمين الالزامي وذلك نتيجة لاستجابة شركات التأمين بالالتزام الى مطالب الحكومة وهيئة التأمين والالتزام بأسعار محددة غير واقعية ولا توفر للشركات الخيار لاستيفاء السعر العادل للتأمين, ففي عام 2002 حين أقرت الحكومة زيادة أسعار التأمين قدمت هيئة التأمين الحد الأدنى للأسعار المقبول فنياً على أساس 110 دينار في حين أقرت الحكومة السعر وخفضته الى مبلغ 55 دينار كان نتيجتها تعرض القطاع الى مزيد من الخسائر بلغت حتى الآن حوالي 80 مليون دينار وتقديرات الخسارة لعام 2009 تصل الى حوالي 18 مليون دينار في هذا المجال بالذات.
وعن واقع قطاع التأمين والمؤلف من 27 شركة, أضاف رؤساء المجالس انه في الوقت الذي يصل حجم رأس مال قطاع التأمين الى 288 مليون دينار تعتبر ربحية قطاع التأمين منخفضة ولا تحقق الغاية وجدوى الاستثمار في القطاع بالمقارنة مع أرباح القطاعات المالية الأخرى وذلك مؤكد من أرقام البنك المركزي حيث لا تتجاوز أرباح قطاع التأمين نسبة 2.9% وأن معظمها يأتي من عوائد الاستثمارات التي هي الأخرى عرضه للمتغيرات الاقتصادية.
علماً بأن قطاع التأمين يعتبر واحداً من أهم أدوات الاستثمار في سوق عمان المالي وذلك لضخامة محافظ شركات التأمين بنوعيها الاستثمارية والفنية لذا فان الشركات ونتيجة خسائرها قد أحجمت عن الاستثمار في السوق المالي.
وقد نوه رؤساء مجالس ادارات الشركات ان قانون الضريبة الجديد قد جاء مجحفاً بحق شركات التأمين حيث وفر اعفاءات الى قطاعات واستثنى قطاع التأمين من التخفيض فضلاً عما جاء به من فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية.
واتفق الرؤساء مع ما عرضه معالي الوزير عن توجه الحكومة نحو التعويم ليكون ضمن مرحلتين مع الأخذ بنظر الاعتبار تجهيز السوق خلال المرحلة الانتقالية الحالية ليكون اكثر قدرة على التنافس وفق معادلات وقواعد مهنية تحقق الغاية الأساسية من التعويم وتخدم مصلحة المواطن بالدرجة الأولى.
وعن التعليمات التي صدرت مؤخراً اعتبر الرؤساء ان الفرضيات المالية التي استندت عليها هيئة التأمين والنتائج التي توصلت اليها عند تطبيق نسبة الزيادة بحدها الأعلى 25% على الأسعار التي أقرتها التعليمات الجديدة بأنها غير عملية ولا تعالج خسائر القطاع والمطلوب الوصول الى رقم اكتواري دقيق يحدد السعر العادل للتأمين وبنسبة زيادة على الأسعار الحالية لا تقل عن 52% وبسعر يصل الى 85 دينار بحده الأدنى حيث ان شركات التأمين تجزم ووفقاً لبياناتها المالية ان لا يقل السعر العادل لتأمين المركبات الأردنية للمركبة الخصوصي عن 100 دينار كحد أدنى وبخلاف ذلك اكد رؤساء المجالس انه ومن الصعوبة على الشركات اذا ما استمر وضع الخسائر على ما هو عليه وتفاقمها وتعريض حقوق نحو 18 ألف مواطن أردني مساهم في الشركات الى الضرر ان تتمكن شركات التأمين من مواصلة تقديم خدمات التأمين الالزامي الى المجتمع الأردني وايقاف هذه الخدمة مضطرة, بالاضافة الى أهمية تطبيق العدالة والتي تتمثل بأن الخدمة التي تقوم بتحديد سعرها من الحكومة يجب ان لا تؤدي الى خسارة مقدم الخدمة وقد طالبت الشركات ان تقوم الحكومة بتطبيق العدالة بـ "جبر الضرر" وذلك من خلال اتخاذ الاجراءات القانونية لتعويض الشركات عما لحقها من اضرار منذ قرار زيادة أقساط التأمين الالزامي عام 2002.
ومن جانبه تحدث عطوفة مدير عام هيئة التأمين الدكتور باسل الهنداوي وأكد على ان هيئة التأمين تنظر بحرص وبشكل متوازن لتحقيق مصلحة شركات التأمين والمواطنين على حد سواء مبيناً على ان معاناة قطاع التأمين الأردني هي معضلة التأمين الالزامي التي رافقته منذ عام 1985 بفرض أسعار محددة من الدولة وان لدى هيئة التأمين قناعة تامة بان الحل لهذه المشكلة هو في تحرير الأسعار خاصة وان قطاع التأمين الذي تشتد فيه المنافسة سوف يخدم من خلال التحرير مصلحة المواطن اضافة الى خدمة مصلحته بوقف نزيف الخسائر التي تشكل حالياً ظلماً لشركات التأمين.
وعن استراتيجية هيئة التأمين لتطوير قطاع التأمين كشف الدكتور باسل الهنداوي عن المشاريع التي تعمل هيئة التأمين على اخراجها ومنها التأمين الطبي الخاص للعاملين في القطاع الخاص ومشروع التأمين ضد أخطار الزلازل والتوسع بالتأمين ضد الحوادث والحريق لما فيه دعم متطلبات الوطن.
وفي نهاية الاجتماع اتفق الحضور على مواصلة اللجنة الفنية المشتركة من الهيئة والاتحاد لاجراء دراستها والخروج برؤية مشتركة لنتائج يتفق عليها ومقبولة من الطرفين ليصار الى تقديمها الى الجهات الحكومية لتصويب سلبيات التعليمات الأخيرة حول أقساط التأمين الالزامي