زاد الاردن الاخباري -
شهدت الأيام الماضية في مصر جدلا واسعا حول ما أثير بشأن مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد الذي يجري إعداده حاليا، خاصة فيما يتعلق بإلزام المقبلين على الزواج بدفع مبالغ مالية لصالح صندوق يسمى صندوق دعم الأسرة بالإضافة لوجود وثيقة تأمين في بداية الزواج يتم استخدامهما في النفقات والأمور المتعلقة بالنزاعات الأسرية والأحوال الشخصية.
وعلى الرغم من عدم صدور أي قرار أو إعلان رسمي يحدد قيمة المبالغ التي ستدفع لحساب صندوق دعم الأسرة إلا أن شائعات كثيرة تناولت تلك المبالغ بأرقام كبيرة تخطت عدة آلاف جنيه، وهو ما نفاه المستشار، عبدالرحمن محمد، رئيس لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، وقال لموقع "الحرة" إن "مشروع القانون لم يتم الانتهاء منه حتى الآن وخلال الأسابيع القادمة سيكون معدا بكافة تفاصيله، ولا يمكن الحديث عن أي من محتواه حاليا لأن هناك أمورا ربما يتم تعديلها أو تنقيحها خلال جلسات العمل الخاصة باللجنة والجهات المعنية مثل الأزهر أو دار الإفتاء أو غيرهما وبالتالي الإعلان عن أشياء قابلة للتعديل حاليا يعد اجتزاء وسيؤدي إلى جدل كبير".
ووفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري فقد بلغ عدد حالات الطلاق في مصر في عام 2021 نحو 254 ألف و777 حالة، مقارنة بعام 2020، الذي بلغت الحالات فيه 222 ألف و36 حالة، بنسبة زيادة بلغت 14.7 بالمئة، وارتفع عدد الأحكام القضائية النهائية بالطلاق إلى 11 ألف 194 حكما في 2021 مقابل 8 آلاف و86 حكما خلال 2020 بنسبة زيادة بلغت 38.4%.
وكانت الفئة العمرية من 30-35 سنة صاحبة أعلى نسب طلاق للذكور ومن 18-20 أقل نسبة في حين كانت النسبة الأكبر للنساء في سن 25-30 سنة وكانت النسبة الأقل للنساء البالغات من العمر 65 عاما.
وشهدت حالات الطلاق في الحضر – أي المدن- ارتفاعا طفيفا عن الحالات التي وقعت في الريف فسجلت الأولى 54.8 بالمئة مقابل 45.2 بالمئة للثانية في حين كانت عقود الزواج في 2021 نحو 880 ألف و41 حالة، مقابل 876 ألف و15 حالة في 2020 بنسبة زيادة قدرها 0.5 بالمئة.
هل التشريع الجديد هو الحل؟
وقال، مالك عدلي، المحامي بالنقض لموقع "الحرة"، إن "الواقع الذي نراه في محاكم الأسرة والنزاعات الأسرية يشير بقوة إلى أن الأزمة الحقيقية تتمثل في التطبيق وليس في التشريعات".
وأضاف قوله: "نرحب بأي تشريع جديد أو قديم طالما لم يحمل المقبلين على الزواج أعباء مالية إضافية أو يلزمهم بإجراءات لا تتوافق مع ما تعارف عليه المصريون عبر السنين، لكن الواقع الذي نرصده يقول أن الحل فيما يتعلق بالنزاعات الأسرية يتمثل في وضع حد زمني للانتهاء من القضايا المتعلقة بالنزاعات الأسرية مع تقليل السلطات التقديرية للمحاكم في تحديد قيمة النفقات للزوجة المطلقة والأطفال بحيث على الأقل تكون في حدها الأدنى مساوية للحد الأدنى للأجور المقرر من قبل الدولة مع حل أزمة الرؤية الخاصة بالزوج المطلق بالاستضافة للأبناء عدد من الأيام أسبوعيا بدلا من النظام القائم حاليا برؤية الأب أطفاله ساعتين أسبوعيا في مكان عام".
وتابع عدلي أن "أي تشريع لن يعالج مشكلات الوقت وطول أمد التقاضي وإشكاليات التنفيذ لن يجدي نفعا".
ويرى الدكتور، سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، أن "الزواج والطلاق ظاهرة اجتماعية وما يصاحبها من مشكلات ينبغي ألا يتم فيه الإفراط في استخدام القوانين والتشريعات لأنه يمثل دليلا واضحا على العجز عن مواجهة تلك الأزمة مجتمعيا ولا يؤدي إلى حلها.
وأشار في حديثه لموقع "الحرة" إلى " أننا أمام شواهد جديدة في مصر من بينها أن معدلات الطلاق في الريف تقترب من معدلات الحضر والمدينة وهذا لم يكن معهودا في مصر طوال عقود مضت بالإضافة إلى أن الفئة العمرية الأكبر في اتخاذ قرار الطلاق هي الفئة من 30-35 سنة ما يعني أن الجرأة على اتخاذ قرار الطلاق تبدأ مع سن ال30 وليس في السنوات الأولى للزواج، كما أن نسب الطلاق بين أصحاب المستوى التعليمي المتوسط هي الأعلى بنسبة تصل ل35 بالمئة واحتمالات حدوث الطلاق في المستويات الدنيا هي الأقل مقارنة بالمستويات المتوسطة والعليا وتشير الدراسات والأبحاث لأن ذلك يرجع إلى أن معدلات الهجر مرتفعة المستويات الدنيا بأن يترك الرجل أسرته ويرحل دون طلاق وتترجم تلك المعدلات في ارتفاع نسبة النساء المعيلات بشكل كبير".
أسباب تفشي الظاهرة الجديدة
يرجع "المصري" تلك الشواهد المتعلقة بالطلاق إلى "عدم التكافؤ النفسي والاجتماعي والاقتصادي الناتج عن الزيجات السريعة، أو قبل النضج والعنف البدني والنفسي الجنسي الذي تعاني منه النساء بمعدلات كبيرة أثناء الزواج وصراع الاستقلال بين الأسر الصغيرة والكبيرة في ذات العائلات وعدم النضج النفسي والاجتماعي للأزواج بسبب منظومة الحماية الأسرية الزائدة التي يتلقاها كل منهم قبل الزواج، حتى يواجه بالحياة الأسرية ومشكلاتها التي لا يقوون على مواجهتها بالإضافة إلى تآكل – رأس المال الاجتماعي- المتمثل في قدرة الأسرة والمجتمع على الأفراد بما يقلل الحاجة للجوء للقانون والمحاكم التي تعاني هي الأخرى من ضعف يفاقم الأزمة".
وقبل شهور بدأت لجنة متخصصة في إعداد مشروع جديد لقانون الأحوال الشخصية في مصر، والتقى رئيسها خلال الأيام الماضية مع الرئيس، عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، لعرض ما انتهت إليه أعمال اللجنة حول القانون الجديد.
وتضمن اللقاء عرض أبرز ملامح القانون وأشار رئيس الجمهورية إلى ضرورة تضمين القانون إنشاء صندوق لرعاية الأسرة ووثيقة تأمين لدعمها ماديا في مواجهة النفقات والتحديات ذات الصلة بمسائل الأحوال الشخصية، مع توفير المصادر التمويلية له بالإضافة إلى دعمه من قبل الدولة حفاظا على الترابط الأسري ومستقبل الأبناء.
ويهدف القانون الجديد إلى صياغة قانون متكامل ومفصل، مع إلغاء تعدد القوانين الحالية والتي تبلغ 6 قوانين، وأشارت الصياغة الأولية للقانون إلى 188 مادة، وجاري استكمال المسودة الأولى لمشروع القانون الذي يتضمن منح صلاحيات جديدة للقاضي للتعامل مع الحالات العاجلة لدعم الأسرة، إلى جانب وضع نظام جديد يجمع منازعات كل أسرة أمام محكمة واحدة واستحداث إجراءات للحد من الطلاق، والحفاظ على الذمة المالية لكل زوج ونصيب كل منهم في الثروة المشتركة التي تكونت أثناء الزواج.