زاد الاردن الاخباري -
يعيش الأيزيديون في قضاء سنجار، منذ آلاف السنين، وبرزت اسمهم في السنوات الماضية بعد استهداف داعش العنيف لهم في العراق. لكن ربما لا يعلم كثيرون أن هؤلاء المواطنين كانوا لا يملكون حق ملكية منازلهم وأراضيهم، في مأساة عمرها 47 عاما، تسبب بها قرار أصدره النظام السابق عام 1975. قبل أن تصدر الحكومة العراقية قرارا ينتهي هذا الوضع.
ويقول، دخو شنكالي، الناشط الإيزيدي من سنجار، لموقع "الحرة" إن سنجار أو (شنكال) وهو الاسم الثاني للقضاء "مرتبط بالإيزيديين بعمق، حيث عاشوا فيه منذ قديم الزمان، ولديهم فيه الكثير من المعابد والأضرحة الدينية، كما تعرضوا فيه لأبشع فاجعة في هذا العصر"، حيث سيطر تنظيم داعش على مناطقهم واستهدفهم بالقتل والخطف.
ويضيف أنه "مع هذا، لم يكن بإمكان الإيزيديين تملك بيوتهم وقطع الأراضي التابعة لهم في القضاء، بسبب سياسات مفروضة من النظام السابق، الذي جمع مكونات القضاء في مجمعات سكنية، ولم يملكها لهم".
ويعود قرار عدم تمليك الأراضي للإيزيديين والكرد في سنجار إلى عام 1975، خلال فترة رئاسة، أحمد حسن البكر، وحزب البعث للدولة العراقية.
ويقول شنكالي إن "وجود الحركات التحررية الكردية والصراع بينها وبين الحكومة المركزية جعل سنجار في قلب هذا النزاع، وأثر على الإيزيديين منذ عقود".
وأصدر رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، والأمم المتحدة، الأربعاء، بيانا مشتركا حول قرار يتعلق بمنح الإيزيديين حق ملكية منازهم وأراضيهم في سنجار.
ويقول الصحفي والناشط الإيزيدي، سامان داود، إن قرار مجلس الوزراء الأخير يمثل خطوة إيجابية في حسم ملف تمليك الأراضي للايزيديين في قضاء سنجار ممن لم تتملك أراضيهم السكنية منذ عام 1975.
وقال البيان الذي نشره المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء إنه "بسبب السياسات التمييزية، لم يكن مسموحا لنحو ربع مليون مواطن عراقي إيزيدي في قضاء سنجار بمحافظة نينوى، من تملك منازلهم وأراضيهم السكنية منذ عام 1975".
وأضاف البيان أنه "في 12 كانون الأول 2022، وافق مجلس الوزراء العراقي على مرسوم تقديم حل شامل ودائم للإيزيديين في سنجار، يمنح المرسوم ملكية الأراضي السكنية والمنازل في 11 مجمعا سكنيا، لشاغليها، وهي مجمعات: خانصور (التأميم)، دوﮔري (حطين)، بورك (اليرموك)، ﮔوهبل (الأندلس)، زورافا (العروبة) ودهولا (القادسية)، في ناحية الشمال / قضاء سنجار، ومجمعات تل قصب (البعث) وتل بنات (الوليد)، في ناحية القيروان / قضاء سنجار. ومجمعات: تل عزير (القحطانية) وسيبا شيخدري (الجزيرة) وكرزرك (العدنانية) ناحية القحطانية/ قضاء البعاج/ محافظة نينوى".
وأنشأ النظام العراق السابق هذه المجمعات، بحسب الصحفي، سامان داود، لـ"السيطرة على المكونات التي تعيش في هذه المنطقة".
وتعتبر منطقة سنجار، التابعة إداريا لمحافظة نينوى (الموصل) من المناطق المتنازع عليها، وتعيش فيها أغلبية إيزيدية مع عدد من العرب السنة أغلبهم من قبيلة "شمر".
وقال السوداني بحسب البيان إن "قرار الحكومة العراقية بتمليك العراقيين الإيزيديين لمنازلهم في سنجار، التي حرموا من تملكها منذ أكثر من 47 عاما يأتي بسبب السياسات الإقصائية الظالمة التي انتهجها النظام الديكتاتوري السابق، وفي سياق سعي الحكومة العراقية، الواضح والصريح، لرعاية حقوق المكوّنات العراقية، وخصوصاً المكوّن الإيزيدي الكريم في سنجار وسهل نينوى".
ويقول الصحفي، سامان داود، لموقع "الحرة" إن القرار يلقي أيضا "الضوء على قدم مأساة الإيزيديين في علاقتها الشائكة مع الحكومات المتعاقبة، وبالتحديد منذ عام 1975 في ضوء السياسات التي تبناها نظام البعث بعد احتواءه الحركة الوطنية الكردية في أعقاب اتفاقية الجزائر منذ 47 عاما، وترحيل الأيزيديين قسريا من قراهم في محيط جبل سنجار، والتدمير المنهجي لقراهم وردم الآبار والينابيع وتجريف الأراضي والبساتين، ثم إعادة ضبط السكان عبر جغرافيا أمنية في مجمعات صممت لغرض مراقبة واحتواء السكان وإفقارهم اقتصاديا".
وتابع أن هذا القرار "يعد خطوة ثالثة لحل معضلة سنجار وإنصاف الإيزيديين، بعد اتفاق اربيل-بغداد بشأن سنجار وقانون الناجيات الإيزيديات".
وبعد تحريرها من سيطرة داعش، شهدت المنطقة نزاعات بين القوى الكردية التابعة لإقليم كردستان، والقوى التابعة للحشد الشعبي، وكلهم يمتلكون فصائل مشكلة من إيزيديين من المنطقة، كما زاد وجود حزب العمال الكردستاني في سنجار من تعقيد المشهد.
ومؤخرا، عقد اتفاق بين إقليم كردستان وبغداد لحل وضع سنجار.
ويقول داود إن "العبرة ليست في إصدار القرار فحسب، بل في طريقة تنفيذه وعلى نحو يشجع النازحين على العودة، ولا يشكل عامل إنقسام أو نزاعا جديدا، وأخيرا أن لا ننسى تنفيذ مقررات اتفاق سنجار الأخرى مثل حل معضلة الأزدواجية الإدارية، إعادة إعمار القضاء، والتعامل مع تعدد المرجعيات الأمنية والفصائل المسلحة، وتوفير الخدمات".
وتعرضت الأقلية الإيزيدية، وهي جماعة ناطقة بالكردية يعتنق أبناؤها ديانة توحيدية، لمئات السنين للاضطهاد بسبب معتقداتها الدينية، كان آخرها على يد تنظيم داعش الذي قتل أبناءها وهجرهم وسبا نساءها.
ووفرت سنجار، أو جبلها بالتحديد، ملاذا آمنا للإيزيديين الهاربين من سيطرة داعش، لكنها أيضا شهدت بالإضافة إلى جريمة القتل الجماعي بحقهم، مجاعة كبيرة هددت حياة اللاجئين إلى الجبال قبل أن يتم إنقاذهم.
وقبل سبع سنوات فقط من هجوم داعش على سنجار، قتلت تفجيرات في المنطقة ما يقرب من 800 شخص وأصابت أكثر من 1,500 آخرين.
وتقع منطقة سنجار أيضا في مرمى نيران الغارات الجوية التركية المتفرقة التي تشنها أنقرة ضد قواعد حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه "إرهابيا".