زاد الاردن الاخباري -
اتخذت الحكومة الإسرئيلية الجديدة سلسلة من الإجراءات، خلال الأيام الماضية، أثارت مخاوف من تصعيد التوتر مع الفلسطينيين، فيما حذر رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية، من دفع السلطة إلى "حافة الهاوية".
آخر تلك الإجراءات القرار الذي اتخذه وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، في الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، ويتعلق بحظر رفع الأعلام الفلسطينية في الأماكن العامة.
ويأتي قرار بن غفير بعد إعلان مجلس الوزراء المصغر بقيادة، بنيامين نتانياهو، فرض عقوبات على السلطة الفلسطينية لجعلها "تدفع ثمن" تحركها الأخير، بعد تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يُطالب محكمة العدل الدولية بالنظر في مسألة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
ووافق المجلس على تحويل نحو 139 مليون شيكل (37.3 مليون دولار) من أموال السلطة الفلسطينية، التي تحصل عليها إسرائيل بشكل رسوم جمركية، لعائلات "الضحايا الذين قتلوا في الهجمات الإرهابية الفلسطينية"، وفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء.
وستحتفظ إسرائيل بأموال أخرى للسلطة الفلسطينية، بقيمة ما دفعته هذه السلطة في عام 2022 "للإرهابين وعائلاتهم"، بحسب النص، دون تحديد المبلغ، وفق فرانس برس.
وبموجب اتفاقيات "أوسلو" الموقعة عام 1993، تجمع إسرائيل الضرائب على المنتجات المستوردة إلى الأراضي الفلسطينية نيابة عن السلطة الفلسطينية قبل أن تحولها لها.
وقرر المجلس الوزاري أيضا تجميد خطط بناء للفلسطينيين في بعض الأراضي الفلسطينية.
ويوم الأحد، حذر وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، السلطة الفلسطينية، التي تعاني من ضائقة مالية، من أن عليها "أن تقرر ما إذا كانت تريد الاستمرار في الوجود". وأضاف: "طالما أن السلطة الفلسطينية تشجع على الإرهاب وهي عدو فما الفائدة من مساعدتها على الاستمرار؟".
وأعلنت إسرائيل، السبت، سحب تصاريح دخول ثلاثة كوادر في حركة "فتح: مقربين من رئيس السلطة، محمود عباس، بعد أن زاروا سجينا أفرجت عنه إسرائيل الخميس.
وأكدت وزارة الخارجية الفلسطينية، الأحد، أن السلطات الإسرائيلية سحبت بطاقة "الشخصيات المهمة" من وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي.
وفي وقت متأخر، الأحد، أمر وزير الأمن الإسرائيلي بإزالة أي أعلام فلسطينية ترفرف في الأماكن العامة، معتبرا أن رفع هذا العلم سيكون دعما لمنظمة إرهابية.
وقال: "أصدرت تعليمات بنزع الأعلام الداعمة للإرهاب من الفضاء العام ووقف التحريض ضد دولة إسرائيل... من غير المعقول أن يرفع منتهكو القانون رايات الإرهاب ويحرضون على الإرهاب"، وفق جيروزاليم بوست.
وتشير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن القرار جاء بعد رفع الأعلام الفلسطينية خلال مظاهرة مناهضة للحكومة في تل أبيب مساء السبت.
وتشير أسوشيتد برس إلى أن رفع العلم الفلسطيني ليس جريمة في القانون الإسرائيلي، إلا أن المدعي العام الإسرائيلي قال في 2014 إن للشرطة سلطة مصادرة العلم، إذا كان يخل بالنظام العام أو يدعم الإرهاب.
وهناك حالات عدة نزعت فيها الشرطة الأعلام الفلسطينية من الأماكن العامة في ظل الحكومة السابقة بقيادة رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، ثم خليفته يائير لبيد، وفق جيروزاليم بوست.
وتقول هآرتس إن محكمة إسرائيلية قضت في سبتمبر من عام 2021 بإطلاق سراح فلسطيني بعد أن رفع العلم الفلسطيني خلال أحدث حي الشيخ جراح بالقدس، وبررت قرارها بأن رفع العلم الفسلطيني ليس جريمة في إسرائيل.
وقالت منظمة "عدالة"، وهي مجموعة حقوقية عربية في إسرائيل، إن قرار بن غفير "يعطي الشرطة سلطة تقديرية غير مقيدة لحظر التلويح بالعلم الفلسطيني في جميع الظروف".
وجاءت القرارات الإسرائيلية الأخيرة عقب تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة في 31 ديسمبر، بناء على طلب مقدم السلطة الفلسطينية، قرارا يطالب محكمة العدل الدولية بالنظر في شرعية السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
ونددت حكومة نتانياهو بـ"حرب سياسية وقانونية ضد دولة إسرائيل" تشنها السلطة الفلسطينية، مؤكدة أنها "لن تقف مكتوفة" وسترد "بحسب ما يقتضيه" الوضع.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، في بيان، إن الإجراءات "تهدف إلى توضيح أن أي محاولة للإضرار بإسرائيل على الساحة الدولية لن تمر بلا ثمن".
"حرب جديدة"
في المقابل، اتهم رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، الاثنين، الحكومة الإسرائيلية بمحاولة الإطاحة بالسلطة الفلسطينية، وحذر من أن موقفها قد يشعل الوضع المتوتر بالفعل.
واعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني، خلال اجتماعه الأسبوعي، الإجراءات "حربا جديدة على الشعب الفلسطيني ومقدراته وأمواله وحرب على السلطة الوطنية وبقائها وإنجازاتها... هدفها هو تقويض السلطة ودفعها نحو حافة الحافة ماليا ومؤسساتيا".
وقال في تصريحات لصحيفة هآرتس إن قرار تحويل الأموال "مسمار آخر في نعش السلطة الفلسطينية، ما لم يكن هناك تدخل فوري من المجتمع الدولي، وتحديدا الإدارة من واشنطن والدول العربية".
وأضاف: "عملت الحكومات الإسرائيلية السابقة على إلغاء حل الدولتين. والحكومة الحالية تقاتل السلطة الفلسطينية نفسها. نحن نقرأ الخريطة بأكبر قدر ممكن من الوضوح: زيادة بناء المستوطنات مع فصل القدس عن الضفة الغربية، وضم المنطقة (ج) وسحق السلطة الفلسطينية الآن. هذا هو برنامج الحكومة الإسرائيلية".
وقال أشتية إن إسرائيل اقتطعت منذ عام 2019 وحتى نهاية عام 2022، حوالي ملياري شيكل (نحو 600 مليون دولار) من أموال السلطة الفلسطينية، وهي رواتب تدفعها للمسجونين الفلسطينيين في إسرائيل.
ورفض أشتية التصرحيات الإسرائيلية بأن مثل هذه التحركات تتعارض مع السلام. وقال: "من حقنا تقديم شكوى ونقول للعالم إننا نتألم.. إسرائيل تريد منع حتى أكثر الطرق السلمية في محاربة الاحتلال".
توقيت حساس
وتقول أسوشيتد برس إن الحملة الإسرائيلية الأخيرة تأتي في "توقيت حساس"، إذ أن الجيش الإسرائيلي بنفذ حملات أمنية شبه يومية على المدن والبلدات الفلسطينية بعد سلسلة من الهجمات الفلسطينية ضد الإسرائيليين أسفرت عن مقتل 19 في الربيع الماضي.
وأسفرت موجة جديدة من الهجمات الفسلطينية عن مقتل تسعة إسرائيليين آخرين على الأقل في الخريف.
من المقرر أن يزور مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، رام الله، هذا الشهر، ويقول أشتية إن السلطة الفلسطينية تعتزم مطالبة الولايات المتحدة باتخاذ خطوات متقدمة لمنع انهيارها ووقف المحاولة الإسرائيلية "لسحق حل الدولتين".