زاد الاردن الاخباري -
في ضوء البيان الصادر عن وزارة النقل يوم امس حول توجه الوزارة للاعلان عن الأطر التي تم اعتمادها لإيجاد آلية صرف الحد الأدنى لاجور الناقلين على نمط الحاويات وإطلاق منصة الكترونية لتنظيم الدور وتوزيع الاحمال بين الشركات والافراد بعدالة!!
نهمس في اذن وزير النقل بأنك وانت تعالج مشاكل الشحن البري المتعلقة بالمالكين الافراد ان لا تسهم وتتسبب في اعادة القطاع للخلف اضافة الى ما هو عليه من تراجع ، وان لا تكون معالجة جزئية بتدمير قطاع بالكامل ، من خلال منصة تنظيم الدور وتوزيع الاحمال بين الشركات والافراد ومكتب صرف بدلات النقل ، هذا الحل الذي جاء لتلبية مطالب اصحاب الملكيات الفردية ، على حساب تطوير القطاع واستثمار الفرص المتاحة لتنميته واعادته كقطاع تنافسي يحتمل الكثير من الفرص الاستثمارية وتعظيم العمل المنظم في هذا القطاع من خلال الشركات المنظمة والقادرة على احداث التغيير المطلوب لصالح هذا القطاع ، وزيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني وتوسيع اطار عمله اقليميا وايجاد فرص عمل كبيرة من خلال النقل البيني ما بين الاردن والدول العربية وهذا لن يتم الا من خلال شركات نقل وشحن تعمل وفق احدث النظريات الادارية واللوجستية التي توفر خدمات نقل وشحن متكاملة وتفي بشروط المصدرين والمستوردين.
بطبيعة الحال يجب الاخذ بالاعتبار آلية عمل الشركات وتعاقدتها والتزاماتها مع المستوردين والمصدرين وصعوبة لا بل استحالة تطبيق الية الدور والصرف عليها.
وبدلا من تنفيذ ما رشح عن الاستراتيجية الوطنية للنقل التي لم تخرج الى النور لاسباب غير معلومة ، وكذلك تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي فيما يتعلق بإستثمار الفرص السانحة لزيادة مساهمة القطاع في الناتج القومي من خلال اعتماد اطر عمل متقدمة تأخذ بالاعتبار قدرة قطاع الشحن البري على مواكبة التطور الفني والتكنولوجي والاستفادة من الممارسات العالمية الحديثة في قطاع اللوجستيات الذي اسهم استخدامه في دول عديدة بإحداث نقلة نوعية في قطاع النقل البري لديهم وحقق مردود اقتصادي كبير.
وبدلا من تنفيذ التوصيات العديدة لتطوير قطاع النقل البري وقطاع الشحن تحديدا لاعادة تنافسيته في المنطقة العربية والاقليم من خلال معالجة التشوه في القطاع والذي تتسبب به الملكيات الفردية وتعيق تقدم القطاع حيث لا امكانية لتطوير وتحديث القطاع في ظل وجود الملكيات الفردية التي تحول دون تحدث اسطول الشاحنات بسبب ضعف القدرة المالية للعديد منهم ، يتضارب هذا مع متطلبات وشروط تضعها دول عديدة تمنع دخول شاحنات قديمة وتتجاوز العمر التشغيلي الذي تشترطه تلك الدول ، ما يتسبب بخسائر مالية كبيرة على القطاع ، ويمنح الفرصة لشركات من دول عربية اخرى لاستثمار هذا الوضع.
وبدلا من تتجه وزارة النقل في تحقيق استراتيجتها على ارض الواقع من خلال تشجيع اصحاب الملكيات الفردية في قطاع الشحن من تكوين شركات منظمة قادرة على المنافسة وتقديم خدمات نوعية وتقاضي اجور نقل مناسبة وتحسين شروط وظروف عمل السائقين لديهم وضمهم للضمان الاجتماعي والتأمين الصحي ، تذهب الى الحلول السهلة والآنية والتي من الممكن ان تضع حلول جزئية وتبعد وجع الرأس عن هذه الحكومة ، ولكن اثارها السلبية بالغة على القطاع على المدى الطويل ، وان هذه الحلول الجزئية سوف ترضي طرف وفي المقابل سوف تتسبب بضرر بالغ على الشركات المنظمة وتعاقداتها المحلية والخارجية ، حيث لا يمكن ان تكون منافسة ما بين الشركات وبين الافراد بالنظر لعدد شاحنات الافراد بمقارنتها مع شاحنات الشركات بالرغم من الفوارق بينها من حيث العمر التشغيلي والمتابعة الفنية للشاحنات وهو امر معلوم للجميع في حرص الشركات على الوفاء بشروط السلامة العامة وتوفير صيانة دورية لاسطولها خاصة فيما يتعلق باجراءات السير على الطريق من حيث كفاءة الاطارات انظمة الملاحة والسلامة على الطرق وقدرتها على تحديث اسطولها.
وفيما يتعلق بمنصة الدور ومكتب الصرف فإن شركات الشحن لا يمكن ان تعمل وفقها نظرا لطبيعة عمل الشركات وبحكم انها تمتلك مركبات الشحن والسائقين يعملون لديها كموظفين مقابل رواتب شهرية ومشمولين بمظلة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والعديد من الحوافز والامتيازات التي تقدمه اغلب الشركات ، فليس من المنطق ان يقف سائق الشاحنة الذي يعمل في شركة نقل امام مكتب الصرف لتلقي اجور النقل ، في ضوء تعاقد الشركة مع التاجر المستورد او المصدر.
اذا المطلوب من وزارة النقل لتنفيذ الخطط والاستراتيجيات ان تبتعد عن الحلول الشعبوية وارضاء اصحاب الصوت العالي ، واعتماد التخطيط العلمي والاقتصادي المدروس للنهوض بقطاع النقل البري والشاحنات من خلال السير في تنفيذ اجراءات دمج الملكيات الفردية في شركات منظمة تعمل وفق اسس واضحة تنافس باقي الشركات وتمتلك اسطول شاحنات حديث ، يكون مردوده الاقتصادي اكبر ويسهم في تحسين تنافسية القطاع وزيادة فرصة حصوله على عقود نقل داخلية وخارجية.
ولا يمكن ان يتم التعامل مع قطاع الشحن بشكل منفصل عن باقي القطاعات المتقاطعة معه كالقطاع الصناعي والتجاري ومتطلبات كل قطاع فيما يتعلق بنوعية البضائع التي يتم نقلها وخصوصية بعضها وحاجتها لمركبات شحن تلبي شروط نقل مثل هذه البضائع ، وبالتالي فإن مقترح منصة الدور لن تلبي متطلبات نقل تلك البضائع التي تحتاج لشروط واجراءات نقل لا يمكن ان يتم تلبيتها من خلال بعض الناقلين ، علاوة على ان ذلك يعارض آليات السوق والعرض والطلب والشروط التعاقدية ما بين الناقل والتجار والصناعيين .
لان المطالبات لن تقف عند هذا الحد وطريقة التعاطي مع هذه المطالب ان استمرت بذات الادوات ، فسوف تتسبب في شطب قطاع الشحن بالكامل ، جراء خروج شركات النقل المنظمة من السوق نتيجة للاجراءات غير المتوازنة ، والتدخل في آليات السوق والاضرار بالتعاقدات ما بين شركات الشحن والمستوردين والمصدرين.
وهو المبدأ الذي يخالف مبدأ العدالة التي قالت الوزارة انها تبتغي تحقيقه من وراء انشاء منصة الدور الخاصة بالتحميل ومكتب الصرف.
وهو في واقع الامر يمثل ردة عن التشاركية ما بين القطاع العام والخاص ، ويمكن تشبييه بتأميم قطاع الشحن في الاردن وتدخل مباشر من الحكومة في آليات السوق المتعارف عليها والغاء اي تعاقدات ما بين شركات الشحن والمصدرين والمستوردين اذا ما تم المضي فعلا في موضوع انشاء منصة تنظيم الدور ومكتب الصرف الموحد؟؟