زيدون الحديد - في الحقيقة لا بد من أن نعيد الدراسة بمنظومة العمل في قطاع النقل بالمملكة والتي كانت قد تسببت خلال الفترة الماضية بأزمة أوقفت حركة النقل بشكل شبه كامل نتيجة عدة عوامل اقتصادية وإدارية أهمها ارتفاع أسعار المحروقات.
الأزمة الماضية التي ضربت قطاع النقل كشفت عن عدم قدرة العاملين في القطاع من أصحاب المركبات والشاحنات والمستثمرين به من ان يتحملوا أي مستجدات او تطورات تزيد من العبء المالي عليهم ولو بشكل بسيط، وذلك للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها بالإضافة الى عدم متابعة الوزارات السابقة للمشكلة ورصدها قبل وقوعها والتي كشفت أيضا مدى هشاشة وضعف إدارته.
الحكومة ممثلة بوزارة النقل وهيئتها توجب عليها إيجاد الحل طويل الأمد وانهاء أي أزمات مستقبلية قد تقع في أي قطاع اقتصادي، خاصة وان المملكة تمر بأزمات اقتصادية جراء العوامل الخارجية المحيطة بها والتي تسيس لإضعاف الاقتصاد الأردني وجعله هزيلا غير قادر على الاستمرار ليكون وسيلة ضغط قوية لتمرير صفقات إقليمية لا يرغب في تمريرها، كونها لا تصب في الصالح العربي والإقليمي المشترك.
ولكي لا نتجه الى الواقع السياسي والبقاء في محيط المشكلة الاقتصادية في قطاع النقل فإن على وزارة النقل وهيئتها إيجاد حلول طويلة الأمد، ومن بعض تلك الحلول التي من الممكن ان تكون هو تفعيل صندوق دعم الركاب، حيث إن هذا المشروع قدم منذ اكثر من خمس أعوام ولم ير الشمس حتى اليوم، وتم الإبقاء عليه في ادراج الهيئة حتى يومنا هذا، على الرغم من ان وجودة سيمنح القوة المالية للوزارة والهيئة ويكون حلا لأي مشكلة قد تواجههم مستقبلا خاصة مع الظروف الاقتصادية الصعبة وذلك كونها محفظة مالية يمكن التحكم بها في مثل تلك الازمات.
صندوق دعم الركاب يعتبر حلا من مجموعة حلول موجودة، لكن المشكلة الاكبر هي في عدم اتخاذ قرار جاد لتفعيله من قبل المعنيين، وكيف لا يكون ذلك وتطوير القطاعات بشكل عام على مدار سنوات الماضية لا يأتي إلا بعد وقوع الأزمة او المشكلة.
فتطوير قطاع النقل هنا يجب ان يكون يسير في اتجاهين متوازيين متساويين وهما مالياً كصندوق دعم الركاب وغيره من الحلول وإدارياً كتنظيم قطاع النقل وجعله تحت مظلة مؤسسية تحمي مالكي المركبات والشاحنات من شركات وافراد والعاملين فيها والذين يعدون الغالبية العظمى من هذا القطاع ضمن ائتلاف يحفظ الحقوق ويكون صوت رسمي يتم التفاهم معه امام الحكومة حال وقوع مشكلات في المستقبل، مع إبقاء دور الوزارة لتفريغ المشاكل ضمن مفهوم حدود عملها والسيطرة عليها كي لا تخرج الى الشارع كما حدث مؤخراً.
ولأن الأزمة الماضية ربما ستتكرر في قطاعات أخرى فعلى الحكومة البدء بعمل استراتيجيات متطورة وخطط منظمة لتكون حلولاً مستقبلية لأي أزمة قد تقع في أي وزارة اقتصادية وتكون بذلك قد انطلقت الحكومة انطلاقة جديدة في منظومة التحديث الاقتصادي المأمول والذي تحدث عنها الملك عبد الله الثاني في عدة لقاءات له معها، خاصة اننا سنواجه في المستقبل ظروفا اقتصادية اصعب بحسب المعطيات الموجودة على الأرض، إضافة الى كون الحمل اصبح ثقيلا على الجميع.