سلامة الدرعاوي - يتساءل الكثير حول مصادر الدخل في الموازنة العامة، ومن أين تحصل الخزينة على أموالها التي تمول بموجبها نفقات الحكومة المختلفة.
تنقسم الإيرادات العامة (9.569 مليار دينار) في مشروع قانون موازنة 2023 إلى ثلاثة أقسام رئيسة هي كالتالي:
أولاً: الإيرادات الضريبية وهي مقدرة بحوالي 6.633 مليار دينار، وتتكون من ضرائب السلع والخدمات (4.578 مليار دينار)، وتمثل 69.1 % من إجمالي الإيرادات العامة، والضرائب على الدخل والخدمات (1.545 مليار دينار)، وتمثل 23.3 % من إجمالي الإيرادات العامة، والضرائب على الملكية والتجارة الدولية والمنح (501 مليون دينار)، وتمثل 6.7 % من إجمالي الإيرادات العامة.
ثانياً: الإيرادات غير الضريبية وهي تبلغ (2.134 مليار دينار) وتمثل 22 % من إجمالي الإيرادات العامة، وهي مكونة من إيرادات بيع السلع والخدمات – رسوم – (963 مليون دينار)، وتمثل 45.1 % من إجمالي الإيرادات العامة، وإيرادات دخل الملكية (497 مليون دينار)، وتمثل 23.3 % من إجمالي الإيرادات، و71 مليون دينار عائدات التقاعد والغرامات والجزاءات، تشكل 3.3 % من إجمالي الإيرادات، وإيرادات مختلفة ومتنوعة بقيمة 602 مليون دينار، وتشكل 28.2 % من إجمالي الإيرادات.
ثالثاً: المنح الخارجية وهي المساعدات المباشرة التي توجه من المانحين للموازنة وتبلغ قيمتها 802 مليون دينار.
الملاحظ في جانب الإيرادات العامة أن مصادر الإيرادات الحكومية ما تزال محدودة، أي بدون تنويع في مصادر الإيرادات أو تفعيل لمصادر جديدة مثل العوائد الاستثمارية، لكن واضح أن عملية الإصلاح الضريبي التي تمت خلال الأعوام الثلاث الماضية خاصة في مجالي مكافحة التهرب الضريبي وتوسيع قاعدة الأموال الضريبي ساهمتا بتحسن الدخل غير الضريبي، ولعل نظام الفوترة الذي بدأ تطبيقه مطلع العام الحالي يساهم في تحسن الدخل المتأتي من ضريبة الدخل.
ورغم أن الحكومة أعلنت مراراً وتكرارا التزامها بعدم رفع الضرائب والرسوم إلا أن ارتفاع أسعار السلع والخدمات نتيجة زيادة استخدامها أو ارتفاع أسعارها بسبب التضخم، ساهم وسيساهم بتحصيل دخل أعلى للحكومة دون الحاجة لفرض ضرائب جديدة، خاصة مع ارتفاع التوقعات بتحسن الطلب.
ان الاعتماد المتزايد على ضريبة المبيعات يؤدي إلى فجوة في العدالة الاجتماعية، فهي لا تأخذ الفرق في الدخل بين الأفراد، كما أنها تساهم في ارتفاع مستويات الفقر وفق العديد من التقارير الدولية، كما ان ارتفاع نسب ضريبة المبيعات على هذا النحو يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للسلع وبالتالي انخفاض الإيرادات الضريبية في الفترة التي تلي الارتفاع.
اخيرا يتضح جليا من هيكل ايرادات الخزينة ان هناك تركزا شديدا في مدى الاعتماد الرسمي الى الضرائب المباشرة في تمويل نفقات الدولة، وهذا الامر يرفع درجة المخاطر المالية للخزينة اثناء فترات الركود او حتى خلال مراحل التباطؤ الاقتصادي، لأن ذلك يعني، تراجع تحصيلات الخزينة من تلك العائدات المرتبطة اساسا بمدى تطور النشاط الاقتصادي، ولذلك لا بد من الحكومة وراسين السياسة المالية في الدولة البدء بالتفكير الجدي لتنويع مصادر دخل الخزينة حتى تكون قادرة على مواجهة اي تداعيات سلبية طارئة في حال تراجع الايرادات بسبب ازمات اقليمية او دولية والتي تؤثر على الوضع المحلي، ولا يكون ذلك إلا من خلال تعزيز عوائد الاستثمار بشكل جذري وجديد.