مؤكد أن الأردن الدولة والشعب في مقدمة قافلة الصدق والتعامل القوي الحقيقي مع القضية الفلسطينية قديما وحديثا، وحتى ونحن اليوم في مرحلة تغير فيها موقع القضية الفلسطينية على سلم أولويات العرب والمسلمين والدول الكبرى فإن الأردن والأردنيين ما يزالون الاكثر حضورا في كل مرحلة تمر فيها القضية الفلسطينية، وما يزال الصوت الأردني حاضرا والجهد الأردني لا يتوقف لتكون فلسطين هي المعيار لأي علاقة بين اي دولة عربية او إسلامية مع اسرائيل وخاصة مع نجاح ادارة ترامب ومعها حكومة نتنياهو السابقة في فتح مسارات علاقات عربية وإسلامية مع السعي لفك ارتباطها بما يجري في فلسطين وموقف اسرائيل من اعطاء الفلسطينيين حقوقهم.
لكن الأردن بلد له إمكانيات سياسية وحجم يجعلنا مطالبين بممارسة الانصاف بحق انفسنا، فنحن دولة قوية في علاقاتها، صادقة في مواقفها، لكن مفاتيح المنطقة والعالم ليست بأيدينا، وفرق بين ان نرى الأردن بقيادته وشعبه يقف في مقدمة المواقف القوية والصادقة في مواجهة الاحتلال وسياساته وان يفعل كل ما يستطيع بل ويجبر الاحتلال على التراجع احيانا، وبين ان نعتقد ان على الأردن فعل كل شيء.
الأردن لديه مواقف واضحة وقوية في مواجهة الاحتلال وضد سياساته في القدس والقضية الفلسطينية، ولديه ثبات في مواقفه ويستثمر كل حضوره وعلاقاته في دعم مواقفه لكننا لا نحكم المنطقة، بل نحن من واقع عربي يعلمه الجميع، واقع تراجعت فيه مكانة فلسطين وواقع فلسطيني لا يخدم فلسطين، وايضا نحن جزء من اقليم متخم بأزمات جعلت من فلسطين قضية في آخر جداول الاعمال للدول.
عندما تم طرح صفقة القرن قبل سنوات قدم الأردن نموذجا في القوة والصدق في مواقفه ورفض الانخراط في مسار كان ثمنه على حساب هوية الأردن وحقوق الشعب الفلسطيني، موقف لم يكن سهلا على دولة تعاني من ازمات اقتصادية، لكن الأردن في المحطة الصعبة كان حيث يجب ان يكون.
ما نقوله عن قدرة الأردن وامكاناته ليس مقدمة لأي موقف كما يمكن ان يذهب خيال البعض، لكنها دعوة ان نعطي الأردن حقه وان ننصفه وان لا نضع على اكتافه مسؤولية هي مسؤولية الأمة كلها بل العالم، فحتى الوصاية الهاشمية فإنها معركة يومية مع اسرائيل فيما يخص المقدسات، لكن علينا ألا ننسى أن القدس والضفة ارض فلسطينية وان هناك السلطة وحماس والشعب الفلسطيني، وهناك مسؤولية للعرب والمسلمين والعالم.
البعض مع كل عدوان من اي نوع تقوم به اسرائيل يمارس التشفي ويسأل أين الأردن، طبعا الأردن موجود بكل ما يملك من قدرات وبكل صدق واحيانا يكون وحيدا في بعض المراحل، لكن الصدق شيء والقدرات شيء آخر.
لن نجد الأردن إلا مع أمته، لكن هذا البلد يواجه مخططات من اعداء واشقاء يريدون منه ان يحل مشكلة اسرائيل عبر حكم الضفة الغربية وقتل فكرة الدولة الفلسطينية، وان نحقق فكرة الوطن البديل بحجة ان حل الدولتين تضعف فرصه، وهناك من يريد الأردن جزءا من مسار اقليمي يضم اسرائيل ودولا في الإقليم وان يدير ظهره للقضية الفلسطينية، والبعض يريد تغطية عجزه وحقده باتهام الأردن بالتقصير والتواطؤ.
معادلة الأردن سهلة… موقف واضح… بذل كل جهده بصدق في مساندة الأشقاء… التصدي لكل ما يمس القدس وهوية مقدساتها، والحفاظ على مصالحه وهويته واستقراره، معادلة واضحة وصادقة لكننا لسنا سادة العالم ولا نملك مفاتيح القرار في الإقليم وقضاياه.