في البداية لابد لي من القول أن ابني هو أحد الطلاب الذين قد تقدموا للتوجيهي في هذه الدورة الشتوية والحمد لله قد اجتازها بنجاح , وانه كان قد انتابني وانتاب عائلتي الكثير من القلق والخوف حول مصيره و سيطرت علينا عواطفنا مثل كل العائلات الأردنية الكريمة التي تقدم أبناؤها لهذا الامتحان , ولكن وبعد مضي أسبوع كامل على ظهور النتائج المشكوك في دقتها , وبعد اعتراف الوزارة , بل والحكومة ممثلة برئيسها الأكرم بحدوث خطأ في طريقه الإعلان عن النتائج إلكترونيا والاعتذار عن ذلك , وسحبها من المواقع الإلكترونية والمباشرة في تدقيقها والتأكد من صحتها وسلامتها ,وكما سمعنا من وسائل الإعلام المختلفة أن نتائج التوجيهي النهائية بعد إعادة التدقيق والتمحيص سوف تصدر هذا اليوم السبت .
فهل هدأت العاصفة بما يكفي حتى يستطيع المرء أن يجاهر برأيه ويعبر عنه ويكتب بعقلانية وهدوء دون الوقوع تحت تأثير العواطف المشحونة والمخاوف المشروعة من الطلبة والأهالي والمواطنين على حد سواء ؟ ,وأنا واحد منهم كما أسلفت .
الأخطاء تحدث في أي عمل بشري , وهي تحدث كثيرا في اكبر المواقع الإلكترونية واشهرها على الإطلاق , والبشر يخطئون والكمال لله ,و الاعتراف بالخطأ فضيلة, فلماذا عندما تعلق الآمر بجمل المحامل وزارة التربية والتعليم (فمن لم يكن منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر ؟)...., كثرت حولها السكاكين ؟, وتبين أنه لا بواكي لها , واصبح الكل ضدها , ونسوا وتناسوا ما كان لها من فضل على الوطن الحبيب وعليهم على مدى أجيال , فكتبت ضدها المئات من المقالات وعقدت كذلك العشرات من الندوات التلفزيونية وغير التلفزيونية, شارك فيها الكثير من الاخوة المحترمين من الكتاب والمفكرين والمثقفين وقادة الرأي , الكل أراد أن يدلي بدلوه ويشارك ,( كثيرون ما صدقوا أن يروا جنازة حتى يشبعوا فيها لطما ) والقليل الذي يرحم ,( ويجد لأخيه عذرا ), لقد قالوا في وزارة التربية وكوادرها اكثر مما قال مالك في الخمر .
معروف أن الكثيرين دفعهم الغضب والانفعال وكتبوا ببراءة وبدوافع الغيرة الوطنية على المصلحة العامة , ولكن ألا يوجد هنالك من يريد الاصطياد في المياه العكرة ؟, وأنها كانت فرصة ثمينة لأصحاب الأجندة الخاصة والمشككين الذين يرغبون بالهدم وليس البناء وإثارة البلبلة في المجتمع لغاية في نفس يعقوب ؟؟؟, كان عليكم أيها الاخوة أن تتريثوا و تتبينوا قبل أن تصيبوا أسرة التربية والتعليم بجهالة , الذين هم عبارة عن جيش من الجنود المجهولين الذين يعدون بعشرات الآلاف من المواطنين الأردنيين المخلصين الشرفاء و الذين يعملون بصمت ووفاء وتفاني والذين ساهموا وما زالوا في صنع الإنسان الأردني المثقف المتعلم الواعي , رغم ظروفهم الصعبة الغير خافية على أحد .
كان عليكم أيها الاخوة أن تتريثوا و تتبينوا في المبالغة بتصوير هذا الخطأ الذي حصل , على أنه كارثة ساحقة ماحقة ,فلقد آن الأوان لكي تهدأ نفوسنا , وان تعود إلينا عقولنا وتصحو ضمائرنا , وان نضع ما حصل من خطأ في حدود المنطق والمعقول وحجمه الطبيعي ... . بعيدا عن المبالغة والتهويل والتشكيك والاتهام بالباطل بتهمه التآمر بالاتفاق , للوزارة والعاملين فيها من موظفين ومعلمين , لننتظر نتائج التحقيق ولا نستبق الأمور فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته ....... وكفى جلدا للذات , فلمصلحة من ....يتم السعي لتدمير سمعة الأردن التعليمية , وهدمها ,بقصد أو بدون قصد وخاصة امتحان التوجيهي المعمول به منذ خمسين عاما والمعروف بقوته وجديته وصرامته ونزاهته وتفوقه بامتياز عن أمثاله في بلدان أخرى ...والذي من خلاله تخرجت أجيال وأجيال عملت على تعمير وتطوير وتحديث الأردن الحبيب والكثير من الدول العربية المجاورة .... فكل الأردنيين من هم دون سن السبعين هم من الحاصلين على شهادته ....لذلك من يشكك بمصداقية هذا الامتحان , إنما هو يشكك في نفسه ؟, ونعم لإعادة التقييم والإصلاح والتطوير ودراسة الأسباب والمسببات, ولكن بمنتهى الحذر و الهدوء والروية و المنطق والعلمية , والمهنية .
وآلف آلف مبروك للناجحين متمنين لا بناءنا الأعزاء الذين لم يحالفهم الحظ.... النجاح والتفوق في المرة القادمة إن شاء الله تعالى , وقى الله سبحانه وتعالى وطننا الحبيب الغالي من كل مكروه وأدام علية آمنة وعزة واستقلاله و أبقى رايته مرفوعة عالية بإذنه تعالى , تحت قيادة جلاله الملك المفدى حفظه الله ورعاة .....
طلب عبد الجليل الجالودي