زاد الاردن الاخباري -
أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة موقف حول أمر الدفاع المتعلق بحبس المدين، وذلك بهدف تسليط الضوء على المواد الخاصة بتنفيذ حبس المدين والأحكام المتعلقة بأمر الدفاع الخاص به، ورفع التوصيات بهدف تعزيز الجانب الوقائي من التعثر، والوفاء بالالتزامات التعاقدية، بما يضمن الموازنة بين مصالح مختلف الأطراف بعدالة وإنصاف.
وجاءت التوصيات نتاجاً لنقاشات عقدها منتدى الاستراتيجيات الأردني شارك فيها عدد من المختصين والخبراء والقانونيين من مختلف الجهات ذات العلاقة.
وأشار المنتدى إلى أنه ونظراً للظروف الاقتصادية الضاغطة التي تسببت بها جائحة كورونا، وما تسببت به أيضاً من زيادة في الضغوطات المالية على كاهل المواطنين؛ أصدرت الحكومة بتاريخ 28/03/2021 ، أمر الدفاع رقم (28)، والذي ينص على تأجيل تنفيذ قرارات حبس المدين بمقتضى أحكام المادة (22) من قانون التنفيذ، شريطة ألا يتجاوز مجموع المبالغ المحكوم بها أي شخص 100 ألف دينار (140 ألف دولار)، ووقف تنفيذ الأحكام الجزائية التي تقضي بعقوبة الحبس بالجرائم المتعلقة بإصدار شيك لا يقابله رصيد، في القضايا التي لا يتجاوز مجموع قيمة الشيكات فيها 100 ألف دينار (140 ألف دولار)، ومنع سفر المشمولين بأحكام البندين الأول والثاني من أمر الدفاع هذا بموجب قرار تصدره الجهة القضائية المختصة، ليكون هذا القانون نافذاً حتى نهاية العام 2021.
وبينت الورقة قيام الحكومة لاحقا بتمديد العمل بأحكام أمر الدفاع رقم (28) عدة مرات كان آخرها تمديده حتى تاريخ 30/4/2023 ، كما تم تعديله بحيث تم بموجبه تخفيض سقف قيمة المبالغ المحكوم بها إلى 20 ألف دينار بدلا من 100 ألف دينار، ووقف تنفيذ قرارات حبس المدين الصادرة في قضايا الشيكات التي لا تزيد قيمتها على 20 ألف دينار.
كما أشار المنتدى إلى وجود حالة من الجدل اليوم بين الأردنيين حول "حبس المدين" بين مؤيد ورافض، خاصة وأن المادة (11) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تؤكد بأنه "لا يجوز سجن الإنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي"، لأن مثل هذا الإجراء غير ممارس في معظم الدول كونه يقيد حرية الإنسان وقدرته على العمل لسداد التزاماته، كما أن عدم الوفاء بالالتزامات التعاقدية أصبح يشكل عبئا اقتصاديا كبيرا على مختلف القطاعات.
واستعرضت الورقة بعض الحقائق والأرقام ذات العلاقة، مشيرة إلى نتائج الدراسة المسحية للاشتمال المالي 2022 الصادرة عن البنك المركزي الأردني حول ملف الاقتراض في الأردن، والتي تظهر أن معدلات الاقتراض في عام 2022 كانت مرتفعة بشكل عام مدفوعة بشكل أساسي بالاقتراض "غير الرسمي"، بحيث بلغت نسبة الأردنيين "15 سنة فأكثر"، الذين اقترضوا بشكل غير رسمي في 2022 حوالي 39.3 بالمئة، مقابل 14.4 بالمئة اقترضوا من مصادر رسمية، علما بأن نسبة اقتراض الأردنيين من مصادر غير رسمية كانت 13.3 بالمئة في العام 2017، مقابل اقتراض الأردنيين من المصادر الرسمية بنسبة 9.9 بالمئة في العام 2017.
وفيما يتعلق بالشيكات المرتجعة، أوضح المنتدى أنه بناءً على بيانات البنك المركزي، فقد ارتفعت قيمة الشيكات التي تم إصدارها لعام 2022 إلى ما يقارب 40.8 مليار دينار، مقابل 37.6 مليار دينار في عام 2021، كما أن قيمة الشيكات المرتجعة لعدم كفاية الرصيد (أسباب مالية) انخفضت إلى ما يقارب 820 مليون دينار في عام 2022، مقارنة في 830 مليون دينار في العام 2021.
وفي سياق متصل، لفت المنتدى إلى الدراسة الصادرة عن المجلس القضائي الأردني في العام 2021 والتي تظهر وجود 143 ألف قضية قضائية مالية مسجلة في 2019 في مختلف أنحاء البلاد، بينما بينت دراسة أصدرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني أن عدد الأفراد المطلوبين بسبب عدم تسديد ديونهم زاد عشرة أضعاف في 4 سنوات فقط، من 4352 في 2015 إلى 43624 في 2019.
وأوضح المنتدى أن المعلومات المرفقة بالبلاغ الأخير والمعني بتعديل وتمديد أمر الدفاع المتعلق بحسب المدين إلى أن العدد الكلي للمطلوبين بقضايا الديون المدنية يبلغ 157367 شخصاً منهم 137715 شخصاً ديونهم أقل من 20 ألف دينار ويشملهم البلاغ، في حين سترفع الحماية التي كان يشملها أمر الدفاع منذ إصداره العام الماضي وجرى تمديده 4 مرات عن 19652 شخصاً ديونهم أكثر من 20 ألف دينار، أما قضايا الشيكات التي لا يقابلها رصيد فإن العدد الكلي للمطلوبين يبلغ 30669 شخصاً ستستمر حماية 17518 شخصاً تقل ديونهم عن 20 ألف دينار بموجب التعديل، وتمديد أمر الدفاع ورفع الحماية عن 13151 شخصاً تتجاوز قيمة شيكاتهم مبلغ 20 ألف دينار.
وفي هذا السياق، أدرج منتدى الاستراتيجيات الأردني توصياته حول البدائل المناسبة لتحقيق الوفاء بالحقوق المالية للدائن، وحماية الحقوق الإنسانية للمدين بمنع حبسه بسبب التزام تعاقدي وإيجاد سبل لضمان وفائه بالتزاماته التعاقدية، بالإضافة إلى التخفيف من تبعات إيقاف التعامل بالشيكات كأداة للوفاء، والتخفيف من ظاهرة التعثر المالي، وعبء القضايا في المحاكم، واكتظاظ مراكز الاصلاح والتأهيل حيث جاءت التوصيات في ورقة الموقف لمعالجة الموضوع ضمن محورين رئيسيين يهدفان إلى تعزيز الجانب الوقائي من التعثر، والوفاء بالالتزامات التعاقدية، للموازنة بين مصالح مختلف الأطراف بعدالة وإنصاف.
وفيما يخص تعزيز الجانب الوقائي من التعثر، أكد المنتدى أهمية التعاون مع الجهات ذات العلاقة للنظر في آلية تصنيف البيانات والمعلومات الخاصة بالحالة الائتمانية للأفراد والشركات، وتعزيز مصادر جمعها، لتمكين مختلف الأطراف المتعاقدة من الاستعلام الائتماني، حيث اقترح المنتدى إيجاد أنظمة تقييم ائتماني بالنقاط متاحة للأطراف المتعاقدة، ومرتبطة مع أنظمة الاستعلام الائتماني، من أجل تعزيز الاعتماد على السمعة والجدارة الائتمانية في التعاملات مع الشركات والأفراد، بحيث يملك جميع الأطراف ذوي العلاقة القدرة على الوصول إلى درجة التصنيف الائتماني للعميل عند الاستدانة أو قبول الشيكات. ما يساعد أيضا الأفراد والشركات على معرفة مستوى الديون لديهم والتخطيط المسبق للوفاء بالتزاماتهم المالية، مشيراً إلى أن ذلك قد يتطلب إعادة النظر في نطاق قانون المعلومات الائتمانية ليتم التمييز صراحة بين "التقرير الائتماني" و "نظام التقييم بالنقاط" بحيث يكون التقرير الائتماني الذي يحتوي على كافة البيانات الائتمانية الخاصة بالشخص أو الشركة موضوع الاستعلام متاحاً فقط للمؤسسات المشتركة في خدمة الاستعلام الائتماني، بينما تكون نتيجة التقييم بالنقاط متاحة لجميع الأطراف المتعاقدة.
وأكد المنتدى في هذا السياق، أهمية توسيع نطاق خدمة الاستعلام الائتماني بتشجيع إنشاء شركات المعلومات الائتمانية وأنظمة التقييم الائتماني بالنقاط، وفق الأطر القانونية الحالية التي تسمح بذلك، بالإضافة إلى تسهيل وصول شركات المعلومات الائتمانية إلى مصادر البيانات المتوفرة لدى الجهات الحكومية والعامة المتعلقة بالحالة الائتمانية للعميل، لتتمكن من بناء المركز المالي للفرد بناء على الأصول التي يمتلكها والرواتب، وسجل معاملاته كحسن الوفاء بالمعاملات المدنية. مع ضرورة تعزيز الاستخدام المسؤول للتقارير الائتمانية، وبما يضمن عدم المساس بحق سرية المعلومة والخصوصية.
وأوصى المنتدى بتطوير وإطلاق تطبيق رقمي لخدمة الدائن والمدين للإفصاح عن الدرجة الائتمانية للعميل، بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الرقمي، وشركات الاستعلام الائتماني، مشيراً إلى إمكانية تضمين هذه الخدمة ضمن حزمة الخدمات التي يقدمها تطبيق سند، بالإضافة إلى مراجعة مشروع قانون حماية البيانات الشخصية، لضمان توافقه مع مختلف التشريعات والقوانين ذات العلاقة، وتعزيز حماية خصوصية وسرية معلومات الأطراف المتعاقدة.
وشدد المنتدى على أهمية تكثيف الأنشطة التوعوية من أجل توجيه الجهات المختصة لإطلاق خطة توعوية حول الثقافة المالية وأسس الاقتراض وتوجيه أفراد المجتمع نحو العمل المنتج والنمط الاستهلاكي السليم، وتوجيه الشركات والمؤسسات والتجار لتمويل السلع المباعة والخدمات المقدمة لعملائهم من خلال الجهات المرخصة المعنية بالتمويل والإقراض. إضافة إلى توجيه شركات التمويل (غير المرخصة) كافة، للامتثال إلى أسس الترخيص من البنك المركزي بموجب نظام شركات التمويل رقم (107) لسنة 2021، والذي دخل حيز التنفيذ في تاريخ 30/5/2022، للحد من الإقراض خارج أطر المؤسسات المرخصة.
وبين المنتدى ضرورة توعية المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بأهمية الاحتفاظ بالحسابات المالية المنظمة والمدققة من أجل تعزيز قدرتها على تزويد البيانات المحدثة بشكل دوري ومنتظم إلى شركات الاستعلام الائتماني، ما يعزز من امتثالها لمبادئ الشفافية والإفصاح، ويرفع من درجتها في التقييم الائتماني.
وحول تعزيز الوفاء بالالتزامات التعاقدية أوصى منتدى الاستراتيجيات بتعديل قانون العقوبات وقانون التجارة وقانون التنفيذ لاستبدال عقوبة حبس المدين بعقوبات بديلة تنسجم مع التوجه بإلغاء عقوبة حبس المدين من خلال اتخاذ التدابير الأخرى مثل وقف منح التراخيص، أو بعض المعاملات المدنية، وقيام ديوان التشريع والرأي باعتماد سياسة تشريعية تهدف إلى تفعيل العقوبات البديلة في أي تشريع جديد يُعرض عليه، أو تعديل تشريع قائم.
كما أوصى بقيام جمعية البنوك بدراسة الآليات والمتطلبات الفنية والإجرائية والقانونية كافة لتفعيل الوفاء الجزئي للشيكات، ودراسة إمكانية تعزيز وجود الشيكات الإلكترونية وتداولها، ورفع توصياتها بهذا الخصوص إلى البنك المركزي؛ وذلك نظراً لوجود إشكاليات عملية تواجه البنوك في موضوع صرف الشيكات من خلال الوفاء الجزئي للشيك سواء على "الكاونتر" أو من خلال نظام المقاصة الإلكترونية للشيكات، ولعدم استكمال بناء منظومة توثيق التوقيع الإلكتروني.
كما وأكد المنتدى أهمية تفعيل دور شركات التأمين المرخصة لتوفير التغطية التأمينية المناسبة للديون مقابل قسط تأميني، والتوعية بأحكام قانون ضمان الحقوق بالأموال المنقولة رقم (20) لسنة (2018)، لما يحتويه من وسائل مناسبة لحماية حق الدائن في الحصول على دينه ووفاء المدين بدينه.
وأوصى المنتدى بتفعيل تطبيق مواد قانون التنفيذ رقم 25 لسنة 2007 وتعديلاته، والتي تنص على عدم حبس المدين ، مشيراً إلى أن الأصل في التنفيذ يكون على أموال المدين في حال وجود أموال قابلة للحجز عليها سواء كانت كافية للدين أم لا، ولا يجوز الحبس إلا بعد التنفيذ على هذه الأموال عملاً بأحكام المادة (23/ب/4) من قانون التنفيذ، وعدم جواز حبس المدين إذا كان الدين موثق بتأمين عيني حتى في حال لم يكف الدين المحجوز لسداد كامل الدين عملاً بأحكام المادة (23/ب/2).
كما وأوصى المنتدى بتحديد مدة زمنية قبل إلغاء أمر الدفاع الذي يمنع حبس المدين، ليتمكن المدين من اتخاذ الإجراءات اللازمة للوفاء بالدين المترتب عليه، وكذلك العمل على وضع الوسائل والآليات البديلة نتيجة رفع الحماية الجزائية عن الشيكات، خاصة وأن التعديلات الأخيرة على قانون العقوبات سترفع الحماية الجزائية عن الشيكات المسحوبة بعد تاريخ 26/6/2025.