حول واقع التعليم في الأردن ، إن هناك تباينا صارخا في الأردن بين الإنفاق على التعليم، والنتائج التعليمية السيئة، ومعدل البطالة. سجل فيها وجود عدد كبير من الأيدي العاملة غير المدربة أو التي تتوفر على مستوى تعليمي ضعيف، في حين لا يمثل ذوو التعليم العالي سوى أقلية.
إن الفساد بكل أشكاله يقلل من فرص الإستثمار، ويخلق حالة من عدم الثقة في السوق، حيث أن هناك فئات من الشركات إشتكت من الفساد، بإعتباره أكبر عائق أمام ممارسة الأعمال التجارية في الأردن.
وبهدف تحسين تصنيف الأردن ضمن أحسن 70 دولة عالميا عوض المراتب المتأخرة التي يحتلها اليوم في جل المؤشرات الدولية ذات الصلة.
لابد في البداية أن نشير إلى أن هذا الالتزام ليس بالأمر سهل التحقق، في ظل الظروف التي تعيشها المنظومة التعليمية، التي لم تعرف بعض التحسن في الآونة الأخيرة ،وما زالت مثقلة بأعطاب الماضي. فأن تفي حكومة الخصاونة بتعهدها وتنقل الأردن من المرتبة الحالية على الصعيد العالمي في مؤشر جودة التعليم، حسب تقرير المنتدى العالمي “دافوس” لسنة 2021، إلى المرتبة 70، فهذا لوحده أكبر إنجاز يمكن أن تحققه أي حكومة إن لم نقل إنه ثورة تنموية.
لماذا ثورة؟
لأن القفز الى هذه الدرجة في سلم جودة التعليم بناء على معايير محددة يتم عليها قياس مستوى الجودة يعني تعبئة الملايين من الدنانير لتحسين الخدمة العمومية، يعني إستنفارا شاملا لكل دواليب الدولة ومواردها، والإستثمار في الموارد البشرية التي يأتي منها بعد ذلك كل تقدم، والتحرك في أكثر من مسار، على مستوى تطوير المناهج وطريقة الإمتحانات وإدخال منظومة التعلم الرقمي، وبناء مئات المدارس والجامعات لخفض الكثافة، وتقليل نسبة الهدر المدرسي والجامعي وإيجاد منظومة تعليمية متمايزة قادرة على بناء قدرات من شأنها تحقيق التنمية المستدامة.
إن الإستثمار في المجال التعليمي لم يعد إلتزاما تنفيذيا أو أولوية حكومية، بل واجبا وطنيا وتوجها ملكيا أشر عليه خلال لحظتين فارقتين الأولى خلال تكليف المجلس الأعلى للتربية والتعليم بإعداد وثيقة الرؤية الإستراتيجية للإصلاح التي تتضمن تصورا استراتيجيا جديدا للإصلاح التربوي والتعليمي، والثانية خلال وضع التأشير الملكي على القانون الإطار المتعلق بالتربية والتعليم أثناء التداول بشأنه قبل أيام معدودة .
واليوم الكرة بملعب حكومة الخصاونة ووزيره عزمي محافظة الذي للإعداد لوثيقة سيتأسس عليها التعليم في أردن الغد الذي لن يكون بدون الإستثمار في التعليم، وهذه العملية قد تبدو غير معنية بالمطلق بالعائدات المادية للإستثمار المالي الذي يؤتي أكله في حينه، ومع ذلك فالإستثمار في التعليم لا يعني ضخ الميزانيات الضخمة للإستهلاك دون عائد بل الرهان اليوم أن يكون للتعليم عائد بشري ومادي في آن واحد حتى يستطيع الجميع العيش بكرامة ودون إقصاء اجتماعي.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات العربية الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي