زاد الاردن الاخباري -
تقول نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي للشرق الأوسط دانا سترول، إن الولايات المتحدة ملتزمة بالشراكة الإستراتيجية مع الأردن، حيث تربطهما علاقة قوية بناءً على عقود من الالتزام المشترك.
دانا سترول التي رافقت وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في زيارته الأخيرة إلى الأردن، أكدت في مقابلة صحفية على الالتزام الأميركي تجاه الأردن، ليس فقط من الرئيس جو بادين بل كذلك من أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس الأميركي، وأشارت سترول إلى أن أوستن على دراية بأن الأردن في إقليم خطير جداً، ويواجه العديد من التهديدات، وأن وزارة الدفاع ملتزمة بدعم الأردن، لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، مثلما أن دور الأردن حساس للغاية للإقليم.
الكلام الأميركي هنا جميل ورومانسي، والكل يعرف أن واشنطن تدعم الأردن مالياً وعسكرياً، وقد تدرك طبيعة الأزمات التي نواجهها، لكنها بالتأكيد لا تقدم حلا جذريا للأردن، بقدر تقديمها لمسكنات مجدولة على مدى سنوات، من خلال مذكرات التفاهم مع الأردن، فيما تتركه أمام تحديات كثيرة، ليقوم بإدارة هذه المخاطر، فقط، وهي مخاطر لا يستطيع أحد استبصار كلفتها.
الأردن لا يطالب بكلفة تحالفه مع واشنطن، لكن بلا شك يواجه الأردن أزمات داخلية حادة، وأزمات في دول الجوار، والتعبير عن الموقف الأميركي بهذه الطريقة، عبر ربط الأردن فقط بالأمن الإقليمي وما يعنيه هذا الكلام، حشر للأردن في زاوية دور له كلفته الأعم والأشمل والأخطر.
للولايات المتحدة معايير سياسية واقتصادية وأمنية في تحديد تعريفات الحليف، وما يمكن تقديمه لهذا الحليف، خصوصا، أننا نعرف أن الولايات المتحدة لديها حلفاء كثر، وكلهم يتطلبون ويفترضون المزيد من الدعم الأميركي بشكل مميز، مقارنة بغيرهم، وهذا أمر غير متأت.
الأردن يواجه أزمات بنيوية خطيرة، وهناك فرق بين حل الأزمات من جذرها، وبين إدارة الأزمات، والواضح أننا نستغرق فقط في إدارة الأزمات دون حلها جذريا، ولا ضمانات لدى أحد أن تنجح كل مرة نظرية إدارة الأزمات، وأن لا تنفجر إحداها لسبب أو آخر في وجه الأردن وكل الإقليم.
من أبرز هذه الملفات، الصراع في سورية، النفوذ الإيراني، المشروع الإسرائيلي، ملف القدس، الفوضى في العراق، الوضع في الضفة الغربية، ملف الحركات المتشددة، السلام المعطل، العلاقات الأردنية العربية والإقليمية وجدواها الفعلية، الاستهدافات الإقليمية غير المسماة علنا، لاعتبارات حساسة، الوضع الاقتصادي في الأردن، نسب الفقر والبطالة، ديون الخزينة، مستقبل الاقتصاد في ظل المديونية، منسوب السخط بين أوساط المواطنين بسبب أوضاعهم، عدوى الربيع العربي المحتملة مجددا، ملف حقوق الإنسان بكل تعقيداته، ملف اللاجئين والذي تحول إلى كارثة اقتصادية، التطاحن بين دول الإقليم، إيران وتركيا ودول عربية وتأثير ذلك على المدى البعيد، احتمال نشوء تنظيمات متشددة جديدة في كل المنطقة، ترث القاعدة وداعش.
الملفات والأزمات في أغلبها مهدد رئيسي لاستقرار الأردن ولا ينبغي الخلط لدى واشنطن بين قدرة الأردن على إدارة هذه الملفات والأزمات، وبين قدرة الأردن على حلها جذريا.
قدرة الحل الجذرية غير متأتية مهما قيل من جانب المستشرقين الذين لا يفهمون عميقا بالشأن الأردني، وتفاصيله، على مستويات مختلفة، والمستشرقون هنا على الصعيد السياسي والأمني، ثبت دوما، إما تعمدهم تقييم أوضاع أي دولة، بشكل خاطئ وغير عميق من حيث الاستخلاصات المستقبلية، أو أنهم لا يدركون كلفة كثير من الأزمات والملفات على هذا البلد أو ذاك.
الأردن بحاجة إلى أكثر من التضامن السياسي، ولا يجوز مواصلة حشره في زاوية دوره بشأن الاستقرار الأمني الإقليمي، فهذا دور متغير، ومكلف، وقابل لتحميل مزيد من الأزمات، وقابل أيضا لتنزيل الفواتير على أي بلد، ومطالبته بالسداد من أي منافس، أو مضاد.
كل مفردات تصريحات نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي للشرق الأوسط دانا سترول تتمحور حول دور الأردن في الأمن والاستقرار الإقليمي، وكأن هذا الدور سيبقى مضمونا، في ظل كل هذه التحديات التي يواجهها الأردن، والذي بات كثيرون لديهم قناعة أنه يراد إبقاؤه على قيد الحياة، فقط، دون إخراجه من غرفة الإنعاش، من أجل حسابات لا تقال هنا.
يستحيل أن يتم إضعاف الأردن تدريجيا، والتفرج عليه مرهقاً، ثم انتظار استمرار ذات التوصيفات المحملة بكل هذه التوقعات التي يتم إطلاقها فوق رؤوسنا.