الاثنين, 07 أبريل, 2025

أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
شهيدان وجريحان في غارتين اسرائيليتين على جنوب لبنان جنود إسرائيليون: كنا نأتي على الأخضر واليابس في غزة مدير شباب إربد يتفقد مشروع بناء مركز الوسطية ومجمع كفريوبا الرياضي واشنطن بوست تنشر اعترافات جنود إسرائيليين بالتدمير الممنهج لقطاع غزة صعود ثم انهيار .. شائعات تعليق رسوم ترامب تهز الأسواق (كل فلسطيني هدف يجب تدميره) .. كاتب إسرائيلي يفضح عقيدة قوات الاحتلال بينهم ماسك .. مليارديرات ينتقدون رسوم ترمب الجمركية ساكا: نريد الفوز على ريال مدريد .. ولا أعتقد أن مبابي وفينيسيوس أفضل مني بيان أردني مصري فرنسي مشترك في ختام القمة الثلاثية في القاهرة فيديو يكشف فشل دعوات الإضراب في الأردن التسعيرة الثالثة .. انخفاض أسعار الذهب محليا 80 قرشا “الأشغال” تتسلم 19 آلية إنشائية جديدة البيت الأبيض: أوروبا بحاجة لخفض الحواجز غير الجمركية إذا أرادت اتفاق بشأن الرسوم الجمركية الاحتلال يضع أقفالا جديدة على أبواب الحرم الإبراهيمي لعبة شد وجذب في حرب التجارة بين أمريكا والصين .. بكين تحتفظ بأوراق رابحة للمسافرين من الأردن إلى السعودية .. إرشادات محدثة حول أدوية الاستخدام الشخصي كندا ترفع شكوى أمام منظمة التجارة العالمية ضد التعرفات الأميركية الملك يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في قمة ثلاثية بالقاهرة نادي الرمثا يعلن عن موافقته على فسخ عقد لاعبه خالد الدردور الجمارك:إفتتاح مبنى دوريات الجنوب وساحة الترفيق الجمركي في منطقة السلطاني/الكرك
شهيدان وجريحان في غارتين اسرائيليتين على جنوب لبنان جنود إسرائيليون: كنا نأتي على الأخضر واليابس في غزة مدير شباب إربد يتفقد مشروع بناء مركز الوسطية ومجمع كفريوبا الرياضي واشنطن بوست تنشر اعترافات جنود إسرائيليين بالتدمير الممنهج لقطاع غزة صعود ثم انهيار .. شائعات تعليق رسوم ترامب تهز الأسواق (كل فلسطيني هدف يجب تدميره) .. كاتب إسرائيلي يفضح عقيدة قوات الاحتلال بينهم ماسك .. مليارديرات ينتقدون رسوم ترمب الجمركية ساكا: نريد الفوز على ريال مدريد .. ولا أعتقد أن مبابي وفينيسيوس أفضل مني بيان أردني مصري فرنسي مشترك في ختام القمة الثلاثية في القاهرة فيديو يكشف فشل دعوات الإضراب في الأردن التسعيرة الثالثة .. انخفاض أسعار الذهب محليا 80 قرشا “الأشغال” تتسلم 19 آلية إنشائية جديدة البيت الأبيض: أوروبا بحاجة لخفض الحواجز غير الجمركية إذا أرادت اتفاق بشأن الرسوم الجمركية الاحتلال يضع أقفالا جديدة على أبواب الحرم الإبراهيمي لعبة شد وجذب في حرب التجارة بين أمريكا والصين .. بكين تحتفظ بأوراق رابحة للمسافرين من الأردن إلى السعودية .. إرشادات محدثة حول أدوية الاستخدام الشخصي كندا ترفع شكوى أمام منظمة التجارة العالمية ضد التعرفات الأميركية الملك يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في قمة ثلاثية بالقاهرة نادي الرمثا يعلن عن موافقته على فسخ عقد لاعبه خالد الدردور الجمارك:إفتتاح مبنى دوريات الجنوب وساحة الترفيق الجمركي في منطقة السلطاني/الكرك
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة العَمَلُ مِيزَانٌ يَتَأرّجَحُ بَيّنَ كَفَتَين

العَمَلُ مِيزَانٌ يَتَأرّجَحُ بَيّنَ كَفَتَين

13-03-2023 09:40 AM

الكاتبة :- هبة احمد الحجاج - اَلْجَمِيعَ يُؤْمِنُ بِأَنَّ ( اَلْجُهْدُ ) هُوَ اَلسَّبِيلُ اَلْأَفْضَلُ لِتَحْقِيقِ أَيِّ شَيْءٍ تُرِيدُهُ ، فَالْمُوَظَّفُ يُؤْمِنُ بِأَنَّ اَلْجُهْدَ وَ التَّعَبَ هُوَ اَلسَّبِيلُ اَلْأَمْثَلُ لِلْحُصُولِ عَلَى اَلتَّرْقِيَةِ وَ زِيَادَةِ اَلرَّاتِبِ ، كَمَا أَنَّ اَلطَّالِبَ يُؤْمِنُ أَنَّ اَلْجِدَّ وَ التَّعَبَ فِي اَلدِّرَاسَةِ هُوَ اَلَّذِي سَيَجْعَلُهُ يَحْصُلُ عَلَى دَرَجَاتٍ أَعْلَى وَ أَكْثَرَ . لَكِنْ هَلْ اَلْأَمْرُ صَحِيحٌ فِعْلاً ؟ هَلْ اَلْجُهْدُ وَ التَّعَبُ فِي سَبِيلِ شَيْءِ مَا هُوَ اَلطَّرِيقُ اَلْأَفْضَلُ لِأَجَلِ تَحْقِيقِهِ ؟ وَ إِذَا كَانَ صَحِيحًا فَمًا تَفْسِيرَ أُولَئِكَ اَلَّذِينَ يَنْجَحُونَ دُونُ جُهْدٍ أَوْ تَعَبٍ ، كَيْفَ فَعَلُوهَا إِذًا ! لَا أَحَدَ يَنْفِي دَوْرَ اَلْجُهْدِ فِي سَبِيلِ تَحْقِيقِ أَيِّ شَيْءٍ ، لَكِنَّ تَقْزِيمَ دَوْرٍ ( اَلذَّكَاءُ ) فِي هَذَا اَلْمَوْضُوعِ كَارِثَةً حَقِيقِيَّةً .
وَبَيْنَمَا أَنَا أُفَكِّرُ وَ أحْلُلْ وَ أُنَاقِش هَذَا اَلْمَوْضُوعِ رَأَيْتُ عُصْفُورًا يَطْرُقُ بِمُنْقَاره عَلَى نَافِذَتِي ، نَظَرَتُ إِلَى اَلنَّافِذَةِ ، فرَأَيْتُ اَلْفَصْلُ اَلَّذِي تَبْتَسِمُ فِيهِ اَلْكَائِنَاتُ وَ يُصْبِحُ اَلْجَوُّ أَكْثَرَ حَنَانًا وَ أَقَلّ قَسْوَةً ، وَ فِيهِ تَنْقَشِع غُيُومُ اَلسَّمَاءِ اَلْقَاسِيَةِ وَ تَسْكُنُ اَلرِّيَاحُ وَ الْعَوَاصِفُ ، وَ تَبْدَأَ اَلزُّهُورُ وَ الْفَرَاشَاتُ بِالظُّهُورِ مِنْ جَدِيدٍ ، لِتُعْلِن لِلدُّنْيَا أَنَّ لِلْفَرَحِ مَوَاسِمَ كَثِيرَةً وَ أَنَّ اَلرَّبِيعَ هُوَ سَيِّدُ هَذِهِ اَلْمَوَاسِمِ عَلَى اَلْإِطْلَاقِ ، فَهُوَ فَصْلُ اَلتَّجَدُّدِ وَ التَّغْيِيرِ وَ الْإِقْبَالِ عَلَى اَلْحَيَاةِ ، وَ فِيهِ يَتَجَدَّدُ اَلْأَمَلُ وَ يُشْرِقُ اَللَّوْنُ اَلْأَخْضَرُ لِيُعْطِيَ بَهْجَةً لَا تُوَازِيهَا بَهْجَةٌ . فَهُوَ اَلْأَقْرَبُ إِلَى اَلْقَلْبِ مِنْ بَيْنِهَا جَمِيعًا ، فَبَعْدَ قَسْوَةِ اَلشِّتَاءِ وَ بَرْدِهِ وَ جُنُونِ عَوَاصِفِهِ ، يَأْتِي هُوَ كَمِنْحَةٍ إِلَهِيَّةٍ عَظِيمَةٍ تَسْتَقِرُّ بِهِ اَلنُّفُوسُ وَ تَبْتَهِجُ اَلْقُلُوبُ . اَلْجَوُّ بَدِيعْ وَ الْفَصْلِ رَبِيعْ ، وَقْتُ جَدّ مُلَائِمٍ لِلْقِيَامِ بِنُزْهَةٍ فِي أَرْجَاءِ اَلطَّبِيعَةِ اَلْخَضْرَاءِ ، فَنُبْهِجُ اَلنَّفْس وَ نُرِيحهَا مِنْ صَخَبِ اَلْمَدِينَةِ وَ ضَوْضَائِهَا . قَرَّرَتْ أَنْ تَكُونَ وُجْهَتِي إِلَى اَلشَّاطِئِ . بَعْدَ تَعْبِئَةِ بَعْضِ اَلْأَطْعِمَةِ وَ الْمَشْرُوبَاتِ ، اِنْطَلَقَتْ ، وَ عِنْدَمَا وَصَلَتْ إِلَى اَلشَّاطِئِ كَانَ مُزْدَحِمًا لِلْغَايَةِ ، كَانَ اَلنَّسِيمُ اَلْخَفِيفُ يُشْعِرُ بِالِارْتِيَاحِ لِأَنَّهُ يُلَامِسُ خُدُودَنَا ، وَجَدَتُ مَكَانًا تَحْتَ شَجَرَةٍ مُظَلِّلَةٍ لِوَضْعِ أَغْرَاضِنَا . . وَ بَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ ، لَفَتَ اِنْتِبَاهِي طِفْلَةً تَقُومُ بِالرَّسْمِ عَلَى لَوْحَتِهَا بِطَرِيقَةٍ ذَكِيَّةٍ ، كَانَتْ تَضَعُ اَلْأَلْعَابَ بِاتِجَاهِ اَلشَّمْسِ وَ يَعْكِسُ ظِلٌ لِأَلْعَابِهَا عَلَى اَلْوَرَقَةِ ، فَتَقُومُ بِرَسْمِهَا ، كَانَتْ لَا تَعْمَلُ بِجُهْدٍ ، كَانَتْ تَعْمَلُ بِذَكَاءٍ ! نَظَرَتْ إِلَي مُبْتَسِمَةً قَائِلَةً : سَاعَاتُ اَلْعَمَلِ اَلْقَلِيلَةِ مَعَ " اَلتَّرْكِيزِ اَلْعَمِيقِ " سَتَتَغَلَّبُ دَائِمًا عَلَى سَاعَةِ اَلْعَمَلِ اَلْكَثِيرَةِ دُونَ تَرْكِيزٍ . اِعْمَلْ بِذَكَاءٍ وَ تَرْكِيز لِسَاعَاتٍ قَلِيلَةٍ ؛ ثُمَّ اِسْتَمْتَعَ بِبَقِيَّةِ يَوْمِكَ .

بَادَلَتُهَا اِبْتِسَامَتُهَا اَلْمَمْزُوجَةُ بِالطُّفُولَةِ و البراءة ، وَ بَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ ، شَعَرَتُ لِوَهْلَةِ أَنَّ كُرْسِيَّ اَلَّذِي أَجْلِسُ عَلَيْهِ يَهْتَزُّ ، وَ إِذْ طِفْلٌ صَغِيرٌ تَعْلُو عَلَى مَلَامِحِهِ اَلطُّفُولِيَّةِ اَلْغَضَبُ وَ الِانْزِعَاجُ ، التَفُتْ إِلَيْهِ عَلَى الْفَوْرِ وَقُلْتُ لَهُ : لِمَاذَا كُلُّ هَذَا اَلْإِنزْعَاجِ وَ الْعَصَبِيَّةِ إِلَى هَذَا اَلْحَدِّ وَ أَنْتَ فِي هَذِا اَلسِّنِّ مِنْ اَلْعُمْرِ . نَظَرٌ إِلَيَّ نَظْرَةً تَمْلَّكَهَا اَلْغَضَبَ وَ الِاسْتِياءَ قَائِلاً : " كَانَ أَخِي اَلْأَصْغَرُ مَهْوُوسًا بِكُتُبٍ اَلْفَلْسَفَةِ حَتَّى بَاتَ يَتَحَدَّثُ بِطَرِيقَةٍ فَلْسَفِيَّةٍ مُزْعِجَةٍ وَ عَلَى سَبِيلِ اَلْمِثَالِ : . إِذَا أَرَادَ اَلطَّعَامَ قَالَ لِأُمِّهِ : اَلْجُوعُ كَافِرٌ وَ أَنْتِ اَلْإِيمَانُ يَا بِنْت اَلْأَكَابِرِ .

وَ إِذَا أَرَادَ اَلنُّقُودَ يَقُولُ لِأَبِيهِ : يابْنَ جِدِّيٍّ هَلْ أَمْسَيْتُ فَقِيرًا أَمْ أَنَّكَ تَسْتَلِذُّ بِفَقْرِي ؟
وَ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا مِنْ أُخْتِهِ اَلصَّغِيرَةِ قَالَ لَهَا : سَيِّدُ اَلْقَوْمِ خَادِمُهُمْ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَكُونِيَ سَيِّدَتِي ؟
كَانَتْ أُمِّي تَبْتَسِمُ وَ تُحَضِرُ لَهُ اَلطَّعَامُ ، وَ أَبِي يَبْتَسِمُ وَ يُعْطِيهُ اَلنُّقُودُ ، وَ أُخْتِي تَضْحَكُ وَ تُرَتَّبَ لَهُ حَوَائِجِهِ . وَ أَنَا لِأَنَّنِي لَمْ أَقْرَأْ كُتُبًا لِسُقْرَاطْ وَ أَفْلَاطُونْ وَ شَكْسِبِيرْ لَا أَحَدَ يُحَضِرُ لِي اَلطَّعَامُ ، وَ لَا أَحَد يُعْطِينِي نُقُودًا ، وَ لَا أَحَدًا يُرَتِّبُ حَوَائِجِي .
وَ يَسْأَلُونَكَ لِمَاذَا تَقْرَأُ كُلَّ هَذِهِ اَلْكُتُبِ ؟!
اِنْتَابَنِي اَلضَّحِكُ بِشَّكْلٍ هِسْتِيرِيّ ، ثُمَّ نَظَرَتُ إِلَيْهِ وَقَلَّتُ : لَا تَعْمَلْ بِجُهْدٍ اِعْمَلْ بِذَكَاءٍ ! وَ لَا تَنْتَظِرُ ، اَلْوَقْتُ لَنْ يَكُونَ صَحِيحًا أَبَدًا ، فَقَطْ اِبْدَأْ مِنْ حَيْثُ تَقِفُ ، وَ اعْمَلْ بِاسْتِخْدَامِ أَيِّ شَيْءٍ مَوْجُودٍ مَهْمَا كَانَ بَسِيطًا ، فخِلَالَ تَقَدُّمِكَ سَيُصْبِحُ مِنْ اَلسَّهْلِ اَلْعُثُورِ عَلَى أَشْيَاءِ أَفْضَلَ وَ أَكْثَرَ . نَظَرٌ إِلَى وَكَأنَهُ يَقُول : أَنَا لَا أَفْهَمُكُ .
قُلْتُ لَهُ : أَثْرَى تِلْكَ اَلْبَقَرَةِ ، كَيْفَ أَنَّهُمْ يُسَوِّقْنَهَا وَ لَا يَقَدِّرُونَ عَلَيْهَا ، اُنْظُرْ كَيْفَ يَدْفَعُونَ اَلْبَقَرَةُ مِنْ اَلْخَلْفِ فَلَا تَسِيرُ مَعَهُمْ ، اُنْظُرْ إِلَى ذَلِكَ الشَخْص أَسْمَعْتَ مَاذَا قَالَ لَهُمْ ؟ قَالَ لَهُمْ : اُتْرُكُوهَا لَي ، فَأَمْسَكَ بِحُزْمَةِ بِرْسِيمٍ وَ سَارَ أَمَامَ اَلْبَقَرَةِ وَ بِكُلِّ سُهُولَةٍ سَارَتْ مَعَهُ إِلَى حَيْثُ يُرِيدُ ، لِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ تَعْمَلَ بِذَكَاءٍ وَ لَيْسَ بِجُهْدِ .
نَظَرَ إِلَيّ وَ قَالَ : اَلْآنُ فَهِمَتْ مَقْصِدَكَ . ثُمَّ أَخَذَ يَقْفِزُ وَ يَصِيحُ بِشَّكْلٍ جُنُونِيٍّ وَ يَقُولُ : هُنَاكَ سَفِينَةٌ آتِيَةٌ مِنْ بِعِيدِ ، أتَرىْ ؟ مَنْظَرُهَا جَمِيلاً وَ خَلَّابًا لِلْغَايَةِ . مَا أَجْمَلُ مَنْظَرَ اَلسَّفِينَةِ وَهِيَ تُبْحِرُ فِي اَلْبَحْرِ مَاضِيَةً فِي طَرِيقِهَا بِكُلِّ هُدُوءِ شُمُوخٍ ، وَ كَأَنَّهَا بِهَذَا اَلْمَنْظَرِ قَدْ تَرَفَّعَتْ فَوْقَ كُلِّ مَا يدَنْسَهَا وَلَمْ تَأْبَهْ لَهُ ، جَمِيل مَنْظَرِ اَلسَّفِينَةِ وَهِيَ تَشُقُّ مَوْجَ اَلْبَحْرِ اَلْمُتَلَوِّنِ فِي هُدُوء وَ سَكِينَةٍ ، وَ عَلَى سَيْفِ اَلْبَحْرِ أَرْسَتْ سَفِينَةً تَسْتَغِيثُ اَلْغَيْمَ تُرِيدُ أَنْ تَسْتَقْبِلَ اَلشَّمْسُ وَبِهَا . . . تُسْتَكْمَل اَلصُّورَةُ !
وَ عِنْدَمَا رَسَتْ اَلسَّفِينَةُ ، خَرَجَ مِنْهَا رَجُلَانِ ظَهَرَتْ عَلَيْهِمْا مَلَامِحُ اَلدَّهْشَةِ وَ الِانْبِهَارِ ، اِقْتَرَبَا مِنْ اَلْبَائِعِ اَلْمُتَجَوِّلِ عَلَى أَطْرَافِ اَلْبَحْرِ وَ جَلَسَا بِالْقُرْبِ منِيَ . وَ أَخَذَا يَتَحَدَّثَانِ وَكَانَ صَوْتُهُمَا مُرْتَفِعٌ بَعْضُ اَلشَّيْءِ .
سَمِعَتْ صَدِيقَهُ يَقُولُ لَهُ : كَيْفَ يَحْصُلُ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ اَلْمَبْلَغِ ؟ ! أَخْبَرَنِي بِمَا حَدَثَ عَلَى عَجَلٍ ! !
قَالَ إِلَيْكَ اَلْقِصَّةُ : تَعَطُّلُ مُحَرِّكِ سَفِينَةِ عِمْلَاقٍ فَاسْتَعَانَ أَصْحَابُ اَلسَّفِينَةِ بِجَمِيعِ اَلْخُبَرَاءِ اَلْمَوْجُودِينَ ، لَكِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُ مِنْهُمْ مَعْرِفَةَ كَيْفَ يَصْلُحُ اَلْمُحَرِّكُ ! ! ثُمَّ أَحْضَرُوا رَجُلاً عَجُوزًا يَعْمَلُ فِي إِصْلَاحِ اَلسُّفُنِ مُنْذُ أَنْ كَانَ شَابًّا ، كَانَ يَحْمِلُ حَقِيبَةَ أَدَوَاتٍ كَبِيرَةٍ مَعَهُ ، وَعِنْدَمَا وَصَلَ بَاشَرَ اَلْعَمَلِ .
فَحْص اَلْمُحَرِّكِ بِشَكْلٍ دَقِيقٍ ، مِنْ اَلْقِمَّةِ إِلَى اَلْقَاعِ كَانَ هُنَاكَ اِثْنَانِ مِنْ أَصْحَابِ اَلسَّفِينَةِ مَعَهُ يُرَاقِبُونَهُ ، رَاجِينَ أَنْ يَعْرِفَ مَاذَا يَفْعَلُ لِإِصْلَاحِ اَلْمُحَرِّكِ . بُعْدُ اَلِانْتِهَاءِ مِنْ اَلْفَحْصِ ، ذَهَبَ اَلرَّجُلُ اَلْعَجُوزُ إِلَى حَقِيبَتِهِ وَأَخْرَجَ مِطْرَقَةً صَغِيرَةً وَبِهُدُوءِ طُرُق عَلَى جُزْءٍ مِنْ اَلْمُحَرِّكِ . وَفَوْرًا عَادَ اَلْمُحَرِّكُ لِلْحَيَاةِ ! ! وَبِعِنَايَةِ أَعَادِي اَلْمِطْرَقَةِ إِلَى مَكَانِهَا . اَلْمُحَرِّكُ أُصْلِحَ !
‏ وَبُعْدُ أُسْبُوعٍ اِسْتَلَمَ أَصْحَابُ اَلسَّفِينَةِ فَاتُورَةَ اَلْإِصْلَاحِ مِنْ اَلرَّجُلِ اَلْعَجُوزِ وَكَانَتْ عَشَرَةُ آلَافِ دُولَارِ!
‏ أَصْحَابِ اَلسَّفِينَةِ اِسْتَغْرَبُوا وَقَالُوا " هُوَ بِالْكَادِ فَعَلَ شَيْئًا " لِذَلِكَ كَتَبُوا لِلرَّجُلِ اَلْعَجُوزُ مُلَاحَظَةً تَقُولُ " رَجَاءً أَرْسَلَ لَنَا فَاتُورَةٌ مُفَصَّلَةٌ . " أَرْسَلَ اَلرَّجُلُ اَلْفَاتُورَةَ كَالتَّالِي : اَلطُّرُقُ بِالْمِطْرَقَةِ $ 1.00 مَعْرِفَةِ أَيْنَ تَطَرَّقَ $ 9999.00 إِنَّهَا اَلْمَعْرِفَةُ وَالْمَهَارَةُ وَلَيْسَ اَلْجُهْدُ فَقَطْ ! !

‏وَأَنَا قُلْتُ فِي نَفْسِي : هُنَاكَ اَلْكَثِيرُ مِنْ اَلْأَشْخَاصِ اَلَّذِينَ يَكُدُّونَ فِي اَللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ مِنْ تَعَبِهِمْ إِلَّا لُقَيْمَاتٍ تَسُدُّ اَلرَّمَقَ ، اَلْجُهْدُ مُهِمٌّ ، لَكِنَّ مَعْرِفَةَ أَيْنَ تَبْذُلُ اَلْجُهْدَ ، وَأَيْنَ تَوَجَّهَ طَاقَتَكَ وَتَضَعُ تَرْكِيزَكَ هُوَ اَلْأَهَمُّ وَإِذْ أسْمَعْ صَوْتَ فَتَاةٍ سَمِينَةٍ بَعْضُ اَلشَّيْءِ ، وَتَرَتدِّي اَلْمَلَابِسِ اَلرِّيَاضَةِ ، خَمَّنَتْ أَنَّهَا كَانَتْ تُمَارِسُ رِيَاضَةَ اَلرَّكْضِ ، تَقُولَ لَي : هَلْ يُوجَدُ لَدَيْكَ زُجَاجَةُ مَاءٍ ؟ لَقَدْ ضَاعَتْ زُجَاجَتِي .
‏ أُعْطِيَّتُهَا عَلَى اَلْفَوْرِ . . . وَأَخَذَتْ تَشْرَبُ اَلْمَاءَ وَكَأَنَّهَا كَانَتْ تَبْحَثُ فِي الصَحْرَاءَ لِمُدَّةِ أَيَّامٍ طَوِيلَةٍ عَلَى مَاءٍ وَلَمْ تَحْصُلْ عَلَى مَاءٍ ، وَعِنْدَمَا اِكْتَفَتْ مِنْهَا نَظَرَتْ إِلَي وَكَانَتْ نَظْرَتُهَا تَمْلَؤُهَا اَلْضَجْرَ وَالْمَلَلَ وَقَالَتْ : أَنَا تَعَلَّمْتُ دَرْسًا مِنْ مُمَارَسَتِي للرِيَاضَةً ، " لَا تَعْمَلُ بِجُهْدٍ اِعْمَلْ بِذَكَاءِ " ، خَاصَّةٍ اَلْمُبْتَدِئِينَ يَظُنُّ أَنَّ كَمَالَ اَلْأَجْسَامِ هِيَ رِيَاضَةُ جُهْدٍ جَبَّارٍ وَرَفَعَ أَثْقَالٌ . لَكِنَّ اَلْحَقِيقَةَ أَنَّهَا رِيَاضَةُ ذَكَاءٍ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، اَلذَّكَاءُ فِي بَرْنَامَجِكَ اَلْغِذَائِيِّ وَفِي أَدَائِكَ اَلصَّحِيحِ لِلتَّمَارِينِ وَفِي مَعْرِفَةَ مَا تَتَنَاوَلُهُ فِي يَوْمِكَ وَحِسَابُ السُعْرَاتِ ، وَاحْتِيَاجَاتِكَ اَلْيَوْمِيَّةِ وَتَنْسِيقَكَ بَيَّنَ اَلتَّمَارِينَ وَمَعْرِفَةِ كُلِّ تَمْرِينِ مَاذَا يَسْتَهْدِفُ . . . إِلَخْ ، أَمَّا اَلْأَوْزَانُ اَلْكَبِيرَةُ فَهِيَ تَأْتِي مَعَ اَلْمُمَارَسَةِ وَالِانْتِظَامِ وَالصَّبْرِ .

‏ثُمَّ شَكَرَتنِي وَعَادَتْ إِلَى الرَكْضِ مُجَدَّدًا .

مَسَكَتْ قَلَمِي وَكَتَبَتْ عَلَى دَفْتَرِيٍّ : اِعْمَلْ بِذَكَاءٍ وَلَيْسَ بِجُهْدِ .
‏ وَإِذْ يَجْلِسُ بِجَانِبَيْ شَخْصٌ غَرِيبُ اَلْأَطْوَارِ ، أَخْذُ اَلدَّفْتَرِ وَقَرَأ اَلْعُنْوَانُ بِصَّوْتِ مُرْتَفِعٍ ، اِعْمَلْ بِذَكَاءٍ وَلَيْسَ بِجُهْدٍ . مَا هِيَ وُجْهَةُ نَظَرِكَ لِهَذَه اَلْمَقُولة ؟
‏قُلْتُ لَهُ : قِصَّةٌ مِنْ سِلْسِلَةِ اِعْمَلْ بِذَكَاءٍ وَلَا تَعْمَلُ بِجُهْدٍ . اَلْأَمْرِيكِيَّ " دَاسْتُونْ لَاوْ " أَرَادَ بَيْعُ بَيْتِهِ بِمَبْلَغِ مِلْيُونِ دُولَارٍ ، لَكِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ أَحَدٌ لِشِرَائِهِ بِهَذَا اَلسِّعْرِ فَأَعْلَنَ أَنَّهُ سَوْفَ يَبِيعُهُ بِمَبْلَغِ دُولَارٍ وَاحِدٍ فَقَطْ لَكِنَّ عَنْ طَرِيقِ اَلْقُرْعَةِ قَامَ " دَاسْتُونْ " بِطَبْعِ بِطَاقَاتٍ لِلْقُرْعَةِ وَبَيْعِهَا بِسِعْرِ دُولَارٍ لِلْبِطَاقَةِ اَلْوَاحِدَةِ وَقَدْ بَاعَ وَقْتُهَا مَا يُقَارِبُ اَلْ 2 مِلْيُونَ بِطَاقَةِ وَجَمْعِ 2 مِلْيُونِ دُولَارٍ . وَفِي اَلْيَوْمِ اَلْمُحَدَّدِ تَمَّ إِجْرَاءَ اَلْقُرْعَةِ أَمَامَ اَلْجَمِيعِ وَفَازَ بِهَا شَخْصٌ وَاحِدٌ فَقَطْ بُعْدَهَا قَامَ " دَاسْتُونْ " بِتَسْلِيمِ اَلْبَيْتِ لِلشَّخْصِ سَعِيدْ اَلْحَظِّ اَلَّذِي فَازَ بِالْقُرْعَةِ . بُعْدُ خَصْمِ اَلضَّرَائِبِ تَبَقَّى ل " دَاسْتُونْ " حَوَالَيْ مِلْيُونٍ و 700 أَلْفِ دُولَارٍ . ! اَلْعِبْرَةُ : " لِكَيْ تَنْجَحَ لَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ إِمْكَانِيَّاتُكَ كَبِيرَةً يَكْفِي أَنْ تَكُونَ طَرِيقَتُكَ ذَكِيَّةً ".

‏ نَظَر إِلَي نَظْرَة يمْلَاؤْهَا التَسَاؤُلٌ وَ الدَهْشَةٌ وَأَخْذٌ يُرَدِّدُ : " اِعْمَلْ بِذَكَاءٍ وَلَيْسَ بِجُهْدِ " عِبَارَةِ مَعْنَاهَا صَحِيحٍ طَبْعًا ، بَلْ أَحْسَبهَا رُكْنًا أَسَاسِيًّا مِنْ أَرْكَانٍ ( اَلْهَنْدَسَةُ ) وَهِيَ تَعْنِي أَنَّهُ عَلَيْكَ اَلْبَحْثُ عَنْ اَلْحُلُولِ اَلَّتِي تُعْطِيكَ أَفْضَلَ نَتِيجَةِ بِأَقَلَّ جُهْدًا مُمْكِنًا .

لَكِنَّ هَذِهِ اَلْعِبَارَةِ قَدْ ذَاعَ صِيتُهَا مُؤَخَّرًا بَيْن اَلْكُسَالَى ؛ يَسْتَخْدِمُنهَا لِلتَّهَرُّبِ مِنْ كُلِّ مَسْؤُولِيَّةٍ إِضَافِيَّةٍ تَتَطَلَّبُ جُهْدًا ، كَمَا تُشْعِرُهُمْ بِتَفَوُّقٍ وَهْمِيٍّ عَلَى أَقْرَانِهِمْ اَلَّذِينَ يَكْدَحُونَ - لَيْلُ نَهَارٍ - . وَالْقَاعِدَةُ اَلْعَامَّةُ تَقُولُ : ( ( لَا نَجَاح دُونَ جُهْدٍ ) ). وَإِنَّ حَصَلَتْ اِسْتِثْنَاءَاتٍ فَلَا يُمْكِنُ تَعْمِيمُهَا ، وَهِيَ غَالِبًا نَجَاحَاتِ لَنْ تَسْتَمِرَّ إِنَّ لَمْ يَبْذُلْ لَهَا أَيُّ جُهْدِ لَاحِقًا .
أَخِيرًا . . . لِكُلٍّ مِنْ يَنْشُرُ اَلْعِبَارَةَ : إِنَّ كَانَ قَصْدُكَ بِالذَّكَاءِ اَلذَّكَاءِ اَلْفِطْرِيِّ ؛ فَهَذَا لَيْسَ بِعَامِلٍ كَافٍ لِلنَّجَاحِ ، فَلَا تَوَهَّمَ نَفْسَكَ أَنَّكَ سَتُحَقِّقُ نَجَاحًا أَكْبَرَ لِمُجَرَّدِ ذَكَائِكَ . أَمَّا إِنْ كَانَ اَلْمَقْصُودُ هُوَ اَلذَّكَاءُ اَلنَّاتِجُ عَنْ دِرَاسَةٍ وَمُتَابَعَةٍ وَتَحْلِيلٍ وَتَوَقُّعَاتٍ ؛ فَهَذَا بِحَدِّ ذَاتِهِ جُهْد ، وَقَدْ يَفُوقُ اَلْجُهْدُ اَلْبَدَنِيُّ لِلْكَثِيرِ مِنْ اَلْأَعْمَالِ !
‏ قُلْتُ لَهُ : اِتَّفَقَ مَعَكَ مِنْ هَذِهِ النَاحِيَةٌ وَلَكِنْ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى ، غَالِبًا مَا يُنْفِقُ مُعْظَمُ اَلْأَشْخَاصِ وَقْتًا كَبِيرًا فِي اَلْعَمَلِ اَلْجَادِّ وَالْمُرْهَقِ لِدَرَجَةٍ يُصْبِح فِيهَا اَلْعَمَلُ مُمِلًّا وَتَغَيَّبُ اَلْمُتْعَةَ اَلْحَقِيقِيَّةُ مِنْهُ ، وَلَكِنْ اَلْعَمَلَ بِجُهْدِ أَكْبَرَ لَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى تَخْفِيفِ مَتَاعِبِ اَلْحَيَاةِ . ضَرُورَةُ اَلْعَمَلِ بِذَكَاءِ أَكْبَرَ هُوَ اَلْأَمْرُ اَلَّذِي يَعْتَبِرُ اَلْمِفْتَاحُ اَلْحَقِيقِيُّ لِلنَّجَاحِ . وَلَكِنْ كَيْفَ يُمْكِنُ لِلْأَشْخَاصِ اَلْعَمَلُ بِذَكَاءٍ دَوَّنَ اَلْحَاجَةَ إِلَى بَذْلِ اَلْكَثِيرِ مِنْ اَلْجُهْدِ ؟ حُلِّلَ وَنَاقَشَ . . . !





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع