إبراهيم أمين مؤمن/مصر - ملحوظة: القصة لا تخص دولة بعينها أو أشخاص بعينهم، وأرجو من المعلقين والقارئين والنقاد توخي الحذر كي لا يتهموا دولة بعينها أو شخصا بعينه.
***
في مجتمع ساد فيه الرشوة والفساد انهار الاقتصاد، وخرجت خيرات البلاد إلى الخارج، وبات الحصول على الماء والغذاء والدواء والمأوى مستحيلا.
***
القصة
وبناء على ذلك، تطلب النيابة العامة تطبيق المواد (كذا، وكذا، وكذا...) من قانون العقوبات، وتوقيع أقصى العقوبة على المتهم آدم عادل لاتهامه بالتخابر مع دولة أجنبية أمدته بالمال من أجل قلب نظام الحكم.
قال قاضي المحكمة الذي يتصنع الصبر والجلالة: «آدم عادل، أنت متهم بالتخابر مع دولة أجنبية من أجل قلب نظام الحكم، هل تعترف بذلك؟»
التفت إليه آدم ونظر إليه نظرات حادة تنم عن الاستياء وثقته بنفسه، ثم ما لبث أن تسمر رأسه بكل ما فيه، لم يجبه لفظا في هذه اللحظة، فالإجابة وجدها في تذكره لأحداث العملية الأخيرة والتي قُبض عليه بسببها.
تذكر يوم أن راقب المعلم جرموزا -تاجر المخدرات- من أجل رسم خطة توصله إلى مراده؛ فعلم أنه يسهر كل ليلة في أحد النوادي الليلية فساعدته الظروف كي يتقرب إليه عندما هجم عليه أحد مدمني الهيروين - وهو يترنح من السكر- كي يقتله لأنه تسبب في تشريد كل أسرته بعد أن أنفق كل ما كان لديه على جرعات الهيروين، والآن لا يعطيه الجرعة بسبب نفاد ماله، حينها تدخل آدم في الوقت المناسب؛ فاعترض يد المدمن التي كانت سوف تغرس بسكين حاد في ظهر جرموزا ، فطرحت أرضا؛ فتناولها ثم أومأ إلى المدمن بالهروب والاختفاء حتى لا يقتله جرموزا.
من لحظتها أحبه جرموزا وقربه إليه؛ فمكنه ذلك بالفعل من التوصل إلى المعلم الكبير أبو عسلة، وبذلك استطاع أن يمسك طرف الخيط الذي سيوصله إلى تحقيق مراده.
***
أحبه أبو عسلة هو الآخر، ولم يكن حب هذين الرجلين من فراغ، فآدم يمتلك كاريزما خاصة، خاصة جدا، تزكيها قوته الجسدية وشجاعة قلبه، فضلا عن حزمه في الأمور وحسن تدبيره لها.
ولم يرتبْ أي منهما فيه، فهو رجل عبقري في تقمص أدواره التي يؤديها.
من فرط حب أبو عسلة له زوجه ابنته التي وافقت على الفور بسبب جاذبيته الأخاذة للجنس الآخر.
***
وحانت اللحظة الفاصلة التي ينتظرها آدم، حيث كلفه أبو عسلة القيام بعملية تسلم شحنة هيروين بدلا منه لأنه مريض، وأخبره بتفاصيلها.
في هذه اللحظة لهث لسان آدم عليها، ودارى شدة حرصه وشغفه بها بالامتناع عن القيام بالعملية متعللا بوجود أبو عسلة حيّ يرزق، لكن مع إصرار أبو عسلة تصنع آدم القبول بالكراهة.
والعملية تستهوي آدم جدا لأنه سوف يتمكن من خلالها من انتزاع عشرة ملايين من الدولارات، وهو مال الصفقة.
وتسلم آدم المال، ومضى به وسط رجال المعلم أبو عسلة، وفي الطريق غافلهم وتمكن من الهرب. في هذه اللحظة قطع عنه القاضي تذكره بقوله: «يا آدم، سألتك ولم ترد، هل تلقيت أموالا أجنبية بالفعل وأنفقتها على منظمات إرهابية لقلب نظام الحكم في مصر؟»
نظر إليه آدم وقلبه ملآن بالغضب والغيظ مما آلت إليه أحوال بلده، وطلب من القاضي مهلة للكلام. هنا تدخلت النيابة، قال عضو النيابة العامة: «أيتها المحكمة الموقرة، المتهم يستهزئ بنا بسبب امتناعه عن الكلام، وهذا دليل على إدانته.»
قال القاضي وهو يشير إلى عضو النيابة العامة: «أرى أنه يجب على النيابة أن تتصف بالحلم والأناة، فربما المتهم لا يقوى على الكلام.»
ثم نظر إلى آدم وقال: «لك ما تشاء يا آدم، خذ راحتك، المهم أن تجيب هيئة المحكمة إن كنت مقرا بجريمتك عن الدولة التي كانت تمدك بالمال، وتخبرنا كيف كنت تنفقه من أجل قلب نظام الحكم ونشر الإرهاب في البلد، ألا ترى أننا راعينا ظروفك النفسية وتركناك جالسا؟»
قال له القاضي ذلك بينما هو حانق على آدم، وما دفعه لذلك إلا أن ينال حظوة من المدح والإطراء في وسائل الإعلام بعد انتهاء الجلسة كوصفه مثلا بالحلم والحكمة.
قال آدم في سخرية: «دولة واحدة سيادة القاضي! إنهم دول، فمهلا اتركني لحظات كي أتذكرهم جميعا وأخبرك بها.»
رغم علم القاضي بأن آدم يسخر إلا أنه اعتبرها اعترافا منه بارتكاب الجريمة المنسوبة إليه، قال: «إذن أنت تقرّ، على مهلك يا آدم، المهم أن لا تخفي شيئا عن المحكمة، فسوف نراعي صدقك ونخفف عنك الحكم إن صارحتنا بكل الحقيقة.»
***
وقص آدم بقية القصة على نفسه.
كان مال الصفقة آنذاك في يده كقطعة من نار جهنم، لذلك سارع بالتخلص منه في أسرع وقت، حيث إن الألم يضج في أضلاعه ما دام هذا المال لم يصل بعد إلى أصحابه الحقيقيين، وهم الآتي ذكرهم.
فأرسل جزءا منه إلى صناديق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي لمساعدة المدمنين، كما جال بين المستشفيات للوصول إلى المرضى أصحاب الأمراض المزمنة وأعطاهم أيضا، كما ذهب إلى آلاف الأسر الذين يبيتون في العراء بعد أن هدمت الحكومة بيوتهم فوق رؤوسهم بحجة أنها مخالفة، وملأ بيوت بعض الفقراء بالأثاث الذي باعوه من قبل كي يطعموا أطفالهم.
وآدم يعلم أن الدولة هوت في بئر سحيق لغياب العدالة؛ لذلك تواصل مع القضاة ورشاهم من أجل أن يحكموا بالعدل.
وقد سلك سلوكا غريبا ببقية المال، فقد كان يعطي المال لبعض الرءوس الكبيرة في وزارة الداخلية من أجل القبض على المجرمين الذين تعرفهم الداخلية في الأساس، ويتركونهم إما من أجل منافعهم الشخصية وإما لمناصبهم في الدولة، وكان من بين أولئك تجار حشيش، وقتلة، وبلطجية، وتجار أعضاء البشرية، وتجار أغذية فاسدة.
وأخيرا ذهب إلى المسئولين عن تدوين التاريخ وأعطاهم الكثير، الكثير جدا؛ من أجل حذف التزييف والتدليس المدون في التاريخ وإحلال الحقيقة مكانهما.
***
بدأ القاضي يفقد حلمه، لذلك نهره بقوله: «يا آدم، حلم المحكمة عليكَ قد جرأك عليها فأسأت الأدب، إن كنت تراوغ هيئة المحكمة لأنك لا تستطيع أن تدافع عن نفسك فليتكلم عنك المحامي الذي وكلناه للدفاع عنك لأنك قلتَ إن ليس ثمة مال معك لتعطيه للمحامي.»
لم يكترث لكلام القاضي، وإنما تفحص في الحاضرين لعله يرى أحد الذين حررهم من ظلم الحكومة، فلمح مساعد وزير الداخلية من بين الجالسين.
همس آدم لنفسه: وايم الله ما كذبتُ في شأن المحامي أيها القاضي اللئيم، ولو كنت أملك من حطام الدنيا شيئا لأنفقته على الناس ولم أعطه للمحامي، وها هي الحكومة جاءتك حتى بابك، فلا تفوت الفرصة.
فلمّا همّ الدفاع بالكلام بعد أن عزم على الاستشهاد بالشهود لتبرئة آدم -وهم بعض الذين ساعدهم آدم- استوقفه آدم برفع يده، وظهرها تلقاء وجهه وقال بعد أن نهض من جلوسه في شجاعة: «آدم لا يحتاج إلى من يدافع عنه، وهو لا يحتاج إلى أولئك الشهود الأبرياء ولاسيما أنه قد يتم اعتقالهم بعد أن يشهدوا في صالحي.»
قالت النيابة: «إن المجرم يريد أن يفلت من العقاب بوسم البلد بالفساد، يريد أن يوحي إلينا بأن هناك من زج به في السجن ظلما.»
قال آدم: «أنا أريد شاهدا واحدا أيها القاضي.»
ثم أشار بسبابته -بوجه عليه علامات الحزم والثقة- نحو مساعد وزير الداخلية وناداه باسمه وقال: «هذا هو الشاهد على براءتي، بل وبراءة كل الأبرياء الذين زجت بهم الحكومة ظلما.»
في هذه اللحظة ارتبك مساعد وزير الداخلية، ولم تزايله الدهشة أيضا بسبب جرأة آدم، وتساءل في نفسه: كيف عرفني هذا المجرم؟
وأجاب بنفسه: هذا خطأي أن كشفت عن نفسي أمام مجرم مثل أبو عسلة، ما كان يجب عليّ أن أظهر في الصورة أمام أمثال أولئك الحثالة من المجرمين.
أما القاضي، فقد أوقعه آدم في حرج ولاسيما أنه حصل على مال كثير كرشوة لإدانته.
قال القاضي وهو يحاول الثبات بقدر المستطاع بيد أن الارتباك كان يسيطر عليه فقال متلعثما: «ليتقدم سيادة اللواء، مساعد وزير الداخلية.»
وناداه باسمه.
فنهض اللواء محاولا التماسك بقدر المستطاع، ووقف أمام المحكمة، سأله القاضي عن اسمه ووظيفته وطلب منه القسم.
قال آدم وهو يشير نحو مساعد وزير الداخلية بحزم وثبات: «والآن، هذا الرجل للأسف رمز الحكومة، وأنا أتهمه ومن معه بضياع أهل البلد كلهم.»
قال القاضي: «يا آدم، هل طلبته للشهادة أم لاتهامه؟»
قال آدم: «كلا الأمرين يا ابن القاضي، أبيك، فالأمران ملتصقان بعضهما ببعض.»
زفر القاضي زفرات ضيق وتمرد على جرأة آدم عليه في قاعة المحكمة، استطاع مداراتها بحنكة، وعالج الأمور بقوله: «ألم تسمع المثل القائل: "هذا الشبل من ذاك الأسد".»
قال آدم: «سيادة اللواء، أريد أن تخبر هيئة المحكمة الموقرة لم أنا هنا؟»
قال اللواء: «كل البلد تعلم لم أنت خلف القضبان يا آدم، يكفي أنك تسب رئيس البلد، الطاهر القوي الصادق الصدوق، الذي يوحى إليه من السماء.»
زفر آدم زفرات غضب من نفاق اللواء ثم قال: «يا سيادة اللواء، أخبرني عن شبكة المخدرات التي تديرها في هذا البلد الذي ساد فيه الخراب والفقر.»
أنكر اللواء معرفته بما يتهمه آدم.
قال آدم عندها: «سيادة اللواء، ألم تستدعني من أجل رد مال صفقة الهيروين الذي أخذته من أحد رجالك، وهو المعلم أبو عسلة؟»
تصنع اللواء الدهشة، وفرك كلتا يديه وقال: «سيادة القاضي، أنا لا أعرف شيئا عما يقوله المتهم، فإن كان صادقا فليقدم دليله.»
قال آدم: «دليلي! ألم ترسل لي رأسا كبيرا أكبر من رأس أبو عسلة كي أرد مال صفقة الهيروين؟ وعندما رفضت، أخذني رجالك وساموني العذاب، فلما يئستَ مني زججت بي في السجن بتهمة تلقي الأموال الأجنبية لقلب نظام الحكم.»
قال القاضي: «يا آدم، هل لديك دليل على ما تقول؟»
قال آدم: «وهل مثل هؤلاء يا سيادة القاضي يتركون أي أثر لجرائمهم؟ مثله في هذا البلد كثير، من الحكومة نفسها، يتاجرون في المخدرات والأعضاء البشرية ولاسيما أطفال الشوارع وملاجئها، والأغذية الفاسدة.»
أشار القاضي إلى اللواء بالجلوس، أما اللواء فنظر إلى آدم نظرات الويل والتهديد على جرأته عليه، لكن آدم قابل تلك النظرات بأن بصق جهته بكل قوته حتى كادت البصقة تطاله.
قالت النيابة: «ها هو المجرم يريد الإفلات من العقاب بخداع المحكمة باتهام الأبرياء والشرفاء، لكن البلد فيها قضاء نزيه وعادل؛ لذلك لن يتمكن من تحقيق مآربه.»
***
صرخ من الخارج بضعة نفر، فانتبهت المحكمة وسألت عن سبب هذا الصوت، فقيل له إنهم أناس يريدون أن يدلوا بشهادتهم.
فمنعهم القاضي من دخول قاعة المحكمة لأن أسمائهم غير مدونة في كشف الشهود.
لكن الصوت تعالى من الخارج فأوقع القاضي في حرج كبير فاضطر متألما أن يدخلهم، ثم أجلسهم في القاعة ليسأل كل واحد منهم.
بداية تقدمت امرأة ومعها ثلاثة أطفال نحو القفص، وقالت: «ستخرج يا سيدي، فأنت بريء، وأنت أفضل الناس.»
نهرها القاضي قائلا: «هيئة المحكمة وافقت على شهادتك لا زيارتك للمريض.»
وبعد أن زفر ضيقا قال: «هل تعرفين ذاك المتهم؟»
أجابت: «انظر إلى هؤلاء الأطفال يا سيدي القاضي، لولا سيدي آدم لماتوا جوعا، ولست أنا فحسب؛ بل أعرف الكثيرات غيري فعل معهن بمثل ما فعل معي.»
قال القاضي: «ماذا فعل معك أيتها السيدة بالضبط؟»
قالت وهي تبكي في حرقة وحسرة عليه: «هذا هو سيدي وسيد كل الناس، اشترى لنا شقة بعد أن هدمت الحكومة شقتنا التي كانت تؤوينا، وأعطانا مالا وفيرا، وأعرف العشرات من النساء فعل معهن ذلك أيضا.»
قالت النيابة: «سيدة رشاها من أجل أن تدلي بشهادة تبرئه، لكن هيهات أن تنخدع المحكمة لمثل هذه الحيل المكشوفة.»
***
قال آدم وهو ينظر إلى النيابة: «سأعلم النيابة من يستأجر، ومن يرشي، ومن يجرم في حق هذا الوطن.»
ثم نظر إلى القاضي وقال: «سيادة القاضي، انتشر الفساد والخراب، وتنفس الناس الفقر والضعف والخوف، ولقد استغلت الدول الأجنبية الصراعات السياسية حول الحكم فعملت على تزكية ذلك من أجل مصالحها، فتعرت الدولة كلها من الرَّأْس إلَى أَخْمَص القَدَم ولاسيما عورتها، مارست الحكومة القمع والتعذيب والاختفاء القسري والاعتقال مع مواطنيها، والأمور تسير في البلد من خلال الرشوة والمحسوبية، فهُضم أصحاب الحق.
وقلبوا الحقائق فباتت الثورة انقلابا والانقلاب ثورة، وبدلوا التاريخ وطمسوا الحقائق، ونهبوا أموال الشعب، وهدموا البيوت على رءوس أصحابها، فكان لابد من إعادة التصحيح، فأردت أنا إصلاح ما أفسدوا، وتقويم ما أعوجوا، وغوث من أفزعوا، ونصفة من ظلموا، وستر ما عروا، وإيواء من شردوا، وإطعام من جوعوا، وتحرير من حبسوا، كما أردت تصحيح ما طرحوا ما في عقولهم من أكاذيب، فصححتُ التاريخ؛ فانجلى الغبار وظهر الحق.»
قالت النيابة: «لا أدري لم يصر المتهم على الخروج من القضية أيتها المحكمة الموقرة ومعاودة لبس ثياب الملائكة المرة تلو الأخرى وإلباس الحكومة ثياب الشياطين والجبابرة؟»
قال القاضي: «لا تخرج عن القضية يا آدم، لو سمحت.»
قال آدم: «هذا هو لب القضية أيها القاضي، وهم يسمعونني الآن، كلهم يسمعونني، تجار المخدرات، وتجار الأعضاء البشرية، وتجار الأغذية الفاسدة، وأكبر فئة حانقة علي أولئك الذين هربوا مئات المليارات من الدولارات خارج البلاد بعد أن نهبوها من الشعب فغرقت البلد في ديون يستحيل سدادها إلا ببيع أصول الدولة.»
قالت النيابة: «إذن أنت تعترف بأنك تريد أن تبدل النظام في الدولة والتي بحسب رأيك ومعتقدك أنها فاسدة، مع أن الحكومة تسهر من أجل راحة الشعب، وهي حكومة تتمتع بالنزاهة والحق والعدل.»
قال القاضي: «هذا الوطن علمك ورباك وتنكرت له يا آدم على الرغم من أن هذه الدولة هي أرقى وأنزه دولة في العالم، وها أنت تعترف بجريمتك مرة أخرى، وسأنهي الجلسة.»
فخرئ بفمه كأنما يطرح فضلات طعامه في الحمام وقال متأففا: «ريحتكم فاحت جدا، من الداخل والخارج، وما فاحت إلا لأن لسان الحق خرس، وعينيه عُميتا، وقدميه شُلتا، ويديه بُترتا، فوجدت نفسي الوحيد الذي يحارب فساد الحكومة، وليس أمامي إلا أن أريحكم وأريح نفسي، نعم أنا كنتُ أتخابر مع دولة أجنبية لقلب نظام الحكم، وليس هذا فحسب؛ بل إني أنا الذي أعوي كالذئاب، وأفح كالأفاعي، وأمكر كالثعالب، وأتلون كالحرباء، وأسلك سلوك أنثى العنكبوت في بيتها، أنا الذي عريت وعذبت ورشوت ودلست ونهبت وهدمت وهربت، بل أنا المسئول عن شدة الحر في الصيف، والزمهرير في الشتاء، والاحترار الحراري في الكوكب، والمسئول عن ثقب الأوزون وحرق الغابات وتصحر الأراضي، ألا يكفيكم هذا؟ فإن كان لا يكفيكم فأنا الذي سوف أغيض ماء البحار والمحيطات والأنهار فيموت العالم من العطش والجوع، وسوف أرسل المذنبات لتحرق الأرض، أو أرسل لكم ثقبا أسود فليتهمكم جميعا، رُفعت الجلسة يا سادة.)»
ارتد القاضي بجسده إلى الوراء دهشة ولاسيما بعد العبارات الأخيرة، واستغل هذه الكلمات لتأجيل القضية متعللا بالكشف عن قواه العقلية.
وقال أخيرا: «رُفعت الجلسة.»