زاد الاردن الاخباري -
أثارت حادثة طعن إحدى السيدات ووالديها في عمّان على يد طليقها، تساؤلات عديدة حول فاعلية آليات التبليغات لحالات العنف الأسري من جهة، وأهمية إقرار نظام يشتمل على إجراءات شاملة لحماية المبلغين من الشهود، وذلك سندا إلى أحكام المادة 6 من قانون الحماية من العنف الأسري رقم 15 لسنة 2017.
وبحسب مصادر مطلعة فإن حادثة الطعن تلك، سبقتها عدة تبليغات لدى إدارة حماية الأسرة والأحداث من العائلة، ما يدعو إلى ضرورة العمل على إقرار نظام حماية الشهود والمبلغين، الذي أقرت مسودته في 2018 إلا أنه لم ير النور حتى اللحظة وبقي عالقا لدى الحكومة.
وفي السياق، أعد المجلس الوطني لشؤون الأسرة في العام 2018 مسودة لهذا النظام سندا إلى الفقرة 5 من المادة 6ب من قانون الحماية من العنف الأسري بالتنسيق مع مديرية الأمن العام، وأحاله إلى الجهات المعنية في حينه، وتم إقرار الأسباب الموجبة لمقترح النظام.
وتنص المادة السادسة من القانون، على: “عند تلقي إدارة حماية الأسرة أي شكوى أو إخبار أو طلب مساعدة أو حماية تتعلق بالعنف الأسري أو تحويلها إليها من أي جهة، وبعد التحقق من واقعة العنف الأسري تتخذ الإجراءات التالية..” من بينها “اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المبلغين والشهود وفقا لنظام يصدر لهذه الغاية”.
وفي هذا الصدد، يقول الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة الدكتور محمد المقدادي، إن الحد من حالات العنف الأسري يرتبط بعدة حلقات من الإجراءات القانونية، مبنية على تفعيل نصوص قانون الحماية من العنف الأسري بحزم، مشيرا إلى أن الإشكالية في كثير من الأحيان ترتبط بضعف تطبيق النصوص.
ورأى مقدادي أن العمل بأحكام قانون الحماية من العنف الأسري، بما في ذلك إقرار نظام الحماية للمبلغين والشهود، ركن أساسي من أركان القانون، وضمانة إضافية لتحقيق العدالة التصالحية خاصة في المراحل التي يمكن فيها “تسوية النزاعات الأسرية” قبل إحالتها إلى القضاء، بحسب الغد.
وعن الأسباب الموجبة لإقرار النظام في حينه، قال مقدادي إنها “جاءت لتعزيز الاستقرار وتحقيق الطمأنينة للفرد والأسرة والمجتمع ولمنح مرتكب العنف الأسري، فرصة لتقويم سلوكه، وذلك تحسين وسائل وإجراءات حماية الأسرة من العنف، وتأمين خدمات الإرشاد الأسري والنفسي والاجتماعي، لأن ذلك لا يمكن أن يتحقق من دون الكشف ابتداء عن هذه الحالات ومتابعتها بما يستوجب معالجة المعيقات التي تمنع من اكتشافها، بما في ذلك الآثار التي قد يتعرض لها الشاهد أو المبلغ عن حالات العنف الأسري”.
وتضمن النظام المقترح، ضمانات حماية للشهود والمبلغين والأشخاص المحيطين بهم، مع تبيان الجهات المختصة بتأمين هذه الحماية وإجراءات الحماية المتخذة لحماية الشاهد أو المبلغ في حال تحققت شروط هذه الحماية والموافقة عليها.
كما يتضمن النظام وفقا لمقدادي، الإجراءات المتخذة في حال انتهاك إجراءات الحماية والحالات التي تنتهي بها هذه الحماية، عملا بنص المادة 6.
وتتضمن المسودة المقترحة 12 بندا تنظيميا للحماية، يرتبط تنفيذها بإدارة حماية الأسرة، وتتضمن تعريفا للمشمولين بالحماية، وهم المبلغ والشاهد والضحية في قضايا العنف الأسري أو أي شخص يصدر قرار وفقا لهذا النظام بتوفير الحماية له من أي تهديد او اعتداء نتيجة التبليغ أو الشهادة بقضايا العنف الأسري.
ويتضمن النظام إنشاء وحدة متخصصة تحت مسمى “شعبة الحماية”، لتكون هي الوحدة التنظيمية المنشأة في إدارة حماية الأسرة لحماية المبلغين والشهود في قضايا العنف الأسري، إضافة إلى تعريف الإجراءات على أنها الإجراءات المتخذة بقرار من مدير إدارة حماية الأسرة بتنسيب من شعبة حماية المبلغين والشهود، وتشمل جميع مراحل الحالة من اكتشاف الجرم وحتى انتفاء الحاجة للحماية.
ويمنح مقترح النظام شعبة الحماية صلاحيات اتخاذ إجراءات عديدة، من بينها تلقي طلبات الحماية من المبلغين والشهود والأشخاص الوارد ذكرهم بالنظام، وأية جهة أخرى ذات علاقة، ويوثق خطيا وفقا لنموذج خاص، وكذلك دراسة الطلب المقدم للحماية وتقييم التهديد والمخاطر ذات الصلة، على أن يتم تقييم الخطورة وفقا لأسس محددة.
ومن تلك الأسس تحقق مدى جدية التهديد، وفيما إذا كان يشكل خطرا على حياة طالب الحماية او سلامته الجسدية، ومدى احتمال تعرض زوج او زوجة طالب الحماية او أولاده أو أقاربه بالنسب حتى الدرجة الثالثة لما يمكن ان يهدد حياتهم أو سلامة أجسادهم، إضافة إلى جدية المخاطر التي يمكن ان تتعرض لها أملاك ومصالح طالب الحماية.
وأفرد النظام شرطا يتعلق بمصلحة الطفل الفضلى ضمن تلك الأسس، يتعلق بمراعاة المصلحة الفضلى للاطفال اذا كانوا ضحايا عنف أسري ومحتاجين للحماية، فيما اعتبر أن أي ضرورة تقتضي توفير الحماية للمبلغين والشهود وضحايا العنف الأسري من تلك الأسس.
وأوجب تحديد الأشخاص المشمولين بالحماية وفقا لنتيجة تقييم الطلب، وتحديد إجراءات الحماية وآلية تنفيذها في حال قبول طلب الحماية، بما في ذلك توفير خدمات الدعم النفسي والاجتماعي إذا تطلبت الحالة ذلك، مع وجوب صدور قرار بقبول الطلب او رفضه وتحديد خطة وإجراءات الحماية بالتنسيق مع طالب الحماية والجهات ذات العلاقة بالسرعة الممكنة، وخلال مدة اقصاها 24 ساعة من تقديم الطلب، وتنظيم سجل خاص ورقي وإلكتروني توثق فيه طلبات الحماية وجميع الإجراءات المتعلقة به.
أما الأطراف المبلغة فحددها النظام المقترح، لأي من المبلغين والشهود في قضايا العنف الاسري، إذا وجد أن هناك ما يهدد حياته أو سلامته او ممتلكاته او مصالحه أو حياة أو سلامة زوجه او أي من أقاربه بالنسب حتى الدرجة الثالثة، او ممتلكاتهم ومصالحهم أو لأي من هؤلاء الاشخاص أن يتقدم بطلب لشموله بالحماية من هذا التهديد، وذلك للشعبة المختصة في ادارة حماية الأسرة.
فيما أوضح النظام المقترح حالات التبليغ لمن هم دون سن 18 عاما، بأن تتولى الإدارة تقديم طلب الحماية ومتابعة جميع اجراءاته نيابة عنه، مع مراعاة المصلحة الفضلى للأطفال المحتاجين للحماية في جميع إجراءات الحماية.
أما عن إجراءات الحماية التي تتابعها شعبة الحماية، فأجملها النظام المقترح بستة إجراءات رئيسية هي؛ تأمين الحماية الشخصية للمشمولين بالحماية، بما في ذلك نقله الى مكان أمن اذا تطلبت الضرورة ذلك، وحماية مسكن وممتلكات المشمولين بالحماية من أي اعتداء أو تهديد، واتخاذ الاجراءات الكفيلة بسلامة تنقل المشمولين بالحماية بما في ذلك حضور اجراءات التحقيق وجلسات المحاكمة وفقا لمقتضيات الحال، إضافة إلى تزويد المشمول بالحماية برقم هاتف للتواصل مع شعبة الحماية في الحالات الطارئة بأي وقت.
كما تضمنت استخدام تقنية الفيديو في تسجيل الشهادة وعرضها اذا تطلبت إجراءات الحماية ذلك، عدا عن أي إجراء آخر يراه قسم الحماية ضروريا لحماية المشمول بالحماية ويجيزه مدير ادارة حماية الأسرة، وبالتنسيق مع اي جهة من الجهات ذات العلاقة.
وضمن النظام ملاحقة المعتدي في حال انتهاك إجراءات الحماية على المشمولين بالحماية أو ممتلكاتهم، بالسرعة الممكنة، ويحق للمشمولين بالحماية الطلب خطيا لتخفيف إجراءات الحماية أو تشديدها أو إعادتها بعد إلغائها، فيما أشار النظام المقترح إلى أن الحماية المقررة تنتهي بقرار من رئيس الشعبة في 3 حالات هي انقضاء الحاجة لتوفير الحماية، ومخالفة الشخص المشمول بالحماية شروط منحها لأكثر من مرتين، وتقدم المشمول بالحماية بطلب خطي لإنهاء الحماية المقررة.