زاد الاردن الاخباري -
لا يزال الغموض يكتنف مصير السعودي مناحي السبيعي الذي قضى أكثر من ثلث عمره في متابعة معاملة نزع عقاراته منذ 31 عاما.
وحسب صحيفة "عكاظ" فقد ظل السبيعي في دوامة البحث عن التعويض عن أراضيه التي جرى استقطاعها للمصلحة العامة في أبها، وتخللتها أحداث بين مراجعات ووعود وفقدان معاملة، وانتهاء بصدور حكم واجب النفاذ من محكمة الاستئناف الإدارية قبل 7 سنوات، يقضي بإلزام وزارة الشؤون البلدية والقروية، ممثلة في أمانة منطقة عسير، باتخاذ الإجراءات النظامية المنصوص عليها في نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة ووضع اليد المؤقت على العقار لتعويضه عما استقطع من عقاره، وذيلت المحكمة قرارها بعبارة "على الوزراء ورؤساء الأجهزة الحكومية المستقلة تنفيذ الحكم وإجراء مقتضاه".
وروى السبيعي للصحيفة معاناته التي بدأت عام 2010، وشكا من اختفاء معاملته من وقت لآخر، رغم صدور الاعتماد من وزارة المالية بصرف التعويض، إلا أن ذلك لا يزال متعثراً حتى اليوم.
وقال إنه قدم شكوى أخيرا شرح فيها ما تعرض له من تسويف غير مبرر وتأخير، واتهم أمانة عسير بعرقلة وتأخير تنفيذ الحكم الصادر له.
وحسب صك الحكم، فإن محكمة الاستئناف الإدارية في أبها نقضت حكما سابقا بتعويض مناحي بمبلغ 12 مليون ريال أجرة المثل عن أراضيه المنزوعة بسبب عدم تسليمه التعويض المقرر عن النزع، ورأت المحكمة أن مطالبة صاحب الأراضي بأجرة المثل سابقة لأوانها، إذ يحق له طلب الأجرة عقب استلامه مبلغ التعويض، وشددت المحكمة في حكمها على إلزام أمانة عسير، بتطبيق الإجراءات النظامية المنصوص عليها في نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة ووضع اليد المؤقت على العقار، وهو ما يعني تعويضه عن الأراضي التي جرى استقطاعها منه للمصلحة العامة.
ممثل الأمانة قدم ردا للمحكمة على ما ورد في مذكرة المدعي، موضحا أن المعاملة التي يدعي مناحي أنها اختفت "لا يعلم عنها شيئا"، وأضاف أن السبب في تأخير المعاملة هو المواطن نفسه؛ لأنه لم يتعاون، والأمانة مستعدة للتعامل معه وفق الأنظمة، أما بالنسبة لما ذكره المدعي، من أن أرضه تحيط بها الشوارع العامة من جميع الجهات، فهذا غير صحيح بناء على المخطط المعتمد الذي يوضح أن الزوائد التنظيمية تفصل بينه وبين الشوارع العامة. ثم ختم ممثل الأمانة مذكرته بطلب رفض الدعوى وإلزام المواطن بمتابعة موضوعه بنفسه..
تتلخص الوقائع في أن مناحي السبيعي، قدم دعوى أمام المحكمة أفاد فيها بأنه يملك صكوكاً شرعية لـ5 قطع أراض متجاورة في موقع إستراتيجي في أبها، واقتطعت منها أمانة عسير الجزء الجنوبي لصالح طريق الملك عبد العزيز، والجزء الشرقي لصالح شارع الأمير سلطان، فتقدم بطلب تحديد المساحة المقتطعة وتحديد المساحة المتبقية والكتابة إلى كتابة العدل في أبها ليتم تعديل الصكوك في المساحات الموجودة على الطبيعة، ودارت المعاملة لفترة طويلة وانتهت بموافقة وزير البلديات، وقيدت في بلدية أبها أن تجري المقايضة بين المواطن مالك العقار والبلدية. وذكر مناحي، في دعواه أمام المحكمة، أنه تضرر من مماطلة أمانة عسير كونها حرمته من الاستفادة من عقاراته أو بيعها أو استثمارها أو البناء عليها، وختم مطالبته أمام المحكمة بإلزام الأمانة بتحديد المساحة المقتطعة وتعديل الصكوك وتعويضه عن ضرر التأخير.
وفي دعواه أمام القضاء، أفاد مناحي بأن الأمانة سمحت لمقاول المشروع باستخدام الأرض فترة المشروع دون مقابل، وتقدم بشكوى ولم يجد تجاوبا، كما أن الأمانة وضعت لوحة إعلانية بالأرض دون موافقته، وتقوم بتأجيرها، وطالب بأتعاب المرافعة وتعويضه مقابل سماح الأمانة للمقاول باستخدام الأرض، وأتعاب معقب لمدة 10 سنوات نظير مراجعة معاملته، والتعويض عن اللوحة الإعلانية وإزالتها.
ونقلت الصحيفة عن محاميين، أن المحكمة الإدارية العليا أكدت أن لصاحب العقار الحق في رفع دعوى للمطالبة بالتعويض في حال نقصت قيمة العقار المنزوع بسبب قيام مشروع حكومي.
وقال المحامي إيهاب أبو ظريفة، إن تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة عن ديوان المظالم مناطة بإمارات المناطق، وتنتقل المهمات لاحقا إلى محاكم التنفيذ الإدارية عقب صدور نظام تنفيذ الأحكام أمام ديوان المظالم قبل عام، ويكون العمل به خلال مدة لا تتجاوز سنتين من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
بينما أكدت المحامية منال الحارثي، أن نظام تنفيذ الأحكام الإدارية المزمع تطبيقه في وقت لاحق نص على معاقبة الممتنع أو المتسبب في عدم تنفيذها وكل موظف استغل نفوذه أو سلطته الوظيفية لمنع تنفيذ الحكم المطلوب تنفيذه بالسجن مدة لا تزيد على 7 سنوات، والغرامة 700 ألف ريال، إضافة إلى إعطاء المحكمة حق نشر حكمها على نفقة المحكوم المدان بمنع أو تعطيل تنفيذ الحكم، ويعاقب كل موظف امتنع عمدا عن التنفيذ، إذا كان التنفيذ من اختصاصه بعد مضي 8 أيام من تبليغه بالإنذار المنصوص عليه نظاماً بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات وبغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين.
حسم الدعوى
ذكرت محكمة الاستئناف، أن صاحب العقار يطلب في دعواه تنفيذ المخطط المعتمد وتمكينه من أراضيه التي يملكها في المخطط، كما يطلب تعويضا عن الضرر باحتسابه أجرة المثل، باعتبار أن حقيقة الطلب الثاني هو إلغاء امتناع أمانة عسير عن اتخاذ الإجراءات النظامية لاحتساب أجرة المثل فإن ديوان المظالم يختص بنظر الطلبين ومن الناحية الشكلية فإن امتناع الجهة يعد من القرارات السلبية المستمرة والتي لا تخضع للمدد، إذ إن المدعي سبق أن طالب أمانة عسير ولم تستجب له حتى بعد إقامة الدعوى، فإن دعواه تعتبر مقبولة من الناحية الشكلية، ومن الناحية الموضوعية يطلب المواطن إلزام أمانة عسير بتنفيذ المخطط، وغاية ما يهدف إليه أن لا تفوت عليه الأمانة حقه في الزوائد التنظيمية بعد تعديل المخطط.
وبينت المحكمة أن للجهة الإدارية الحق في تعديل المخطط بما تراه مناسبا للمصلحة العامة، إذ قررت حاجتها لتلك الأراضي في ما سبق ذكره في وقائع الحكم، فإن ذلك يكون محكوماً بنظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة ووضع اليد المؤقت على العقار.
وأضافت المحكمة، أن الثابت أن المواطن يملك العقارات محل الدعوى بموجب صكوك شرعية مجموع مساحتها أقل من 10 آلاف متر مربع، وأمانة عسير ملزمة باتخاذ الإجراءات النظامية لتعويضه عما تم استقطاعه من عقاره بموجب نظام ملكية العقارات للمنفعة العامة وبه تحكم الدائرة.
وأما عن طلب المواطن تعويضه بأجرة المثل فأكدت المحكمة أن المادة 17 من النظام نصت على أنه "إذا أخرجت الجهة صاحبة المشروع مالك العقار من عقاره أو منعته من الانتفاع به قبل تسليم التعويض سواء كان بصورة استثنائية أو غيرها فيعطى أجرة المثل عن المدة التي بين الإخلاء وتسليم التعويض"، وحيث إن مالك العقار لم يستلم التعويض فإن طلبه يعتبر مرفوعا قبل أوانه، ويتعين الحكم بعدم قبوله.
وعلى ذلك حكمت محكمة الاستئناف الإدارية بمنطقة عسير أولا: إلزام أمانة منطقة عسير باتخاذ الإجراءات النظامية المنصوص عليها في نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة ووضع اليد المؤقت على العقار لتعويض المواطن مناحي السبيعي، عما استقطع من عقاراته، ثانياً: عدم قبول الدعوى المقامة منه في ما يتعلق بطلب أجرة المثل لرفعها قبل أوانها، ما يعني أن له الحق في إقامة دعوى لاحقا للمطالبة بأجرة المثل عن عقاره المنزوع ولا تقام الدعوى إلا بعد حصوله واستلامه التعويض عن العقار المنزوع.