زاد الاردن الاخباري -
كتب بسام بدارين في القدس العربي - 41 مقعداً متاحاً في برلمان الأردن المقبل هي محور الصراع بين صنفين من الأحزاب بعد مرحلة تحديث المنظومة السياسية وبموجب القانون الذي ينص على أن الانتخابات بعد المقبلة سيخصص فيها للأحزاب 50 % من المقاعد.
والانتخابات التي تعقبها بعد 9 سنوات ستصبح الأحزاب هي فقط الموجودة في سلطة التشريع.
تلك، في رأي رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، المرحلة الوطنية التي يعمل الجميع من أجلها الآن وتطلب الكثير من الجهد والترتيبات. والمقصود هنا الانتقال رغم كل الجدل المثار حول فعاليات تحديث المنظومة السياسية إلى مستوى الهندسة الإيجابية ولو لمرة واحدة، والمعنى الالتزام الحرفي ومن جميع الأطراف بمنطوق ومضمون مقتضيات تحديث المنظومة.
وبمعنى آخر، الانتقال من اللعب المخفي والعبث خلف الستارة، أي الهندسة السلبية، إلى اللعب على المكشوف في كل المراحل التشاورية والإجرائية قبل الوصول إلى محطة صندوق الاقتراع.
وجميع الأطراف معنية اليوم باللعب على المكشوف وحسم بعض التفاصيل، لكن قبل الاقتراع وعبارة جميع الأطراف تشمل السلطات وتصورها، والخط الرسمي واحتياجاته وأحزاب المعارضة القديمة وتلك الوسطية أو الموالية الجديدة. والمقصود أيضاً أن الجميع يفترض أن يتجهز لأي مرحلة مقبلة بطريقة لا تخالف القانون، لأن عملية الاقتراع نفسها يفترض وللمرة الأخيرة ألا تخضع للعبث وأن تجرب النزاهة المطلقة فيها.
ضمانات النزاهة وفقاً لقياس ومقاربة رئيس الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات المهندس موسى المعايطة، هي المحتوى الأساسي المحسوم بموجب القوانين والتعليمات اليوم، فالنصوص واضحة، والهيئة تملك كل الأهلية الفنية والسياسية للاشتباك بحزم مع أي مخالفات. وقبل ذلك، كانت فكرة منع العبث أثناء العملية الانتخابية أو حتى منع التدخل من جهة غرف العمليات والجهاز الإداري الوظيفي محور نقاش في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، والتقط الناشط البرلماني والسياسي محمد الحجوج مبكراً تلك المفارقة الأساسية وهو يبلغ “القدس العربي” بأن التدخل في مجريات العملية الانتخابية عندما تبدأ تواقيتها، أصبح بالنص اليوم جريمة يعاقب عليها القانون.
برأي عضو مجلس الأعيان خالد بكار، تلك هي الضمانة الأساسية لوقف أي عبث أو تدخل بيروقراطي من جهة أي موظف مستقبلاً، فإثبات التدخل اليوم جريمة، والنصوص واضحة في ردع أي مغامرين بسمعة ونزاهة العملية الانتخابية. لكن لتلك العملية الانتخابية مراحل محددة بموجب النص القانوني، وتعريف مخالفة القانون من جهة أي مشرف بيروقراطي على المراحل الأساسية واضح وغير قابل للاجتهاد.
ومن لديه طموح أو رغبة أو نوايا بتعديل النتائج وفقاً لمصالحه، فرصته الوحيدة -وفقاً للمهندسين الرئيسيين في مشروع التحديث اليوم- هي مع الناس وفي الشارع وقبل بدء عملية الانتخاب والاقتراع، حيث لا مجال لأي تدخل يمس القانون. لكن مجال الاستقطاب والترويج وتقليص الفرص أو زيادتها متاح للسلطة وللمكونات الاجتماعية ولمن يؤمنون من الأفراد والمواطنين والمستقلين بأن الهندسة ضرورية، كما هو متاح طبعاً للأحزاب جميعها وبنفس المسطرة.
قد يعبر ذلك عن فكرة اللعب على المكشوف، حيث العبث بإرادة الناخبين بالنص جريمة، وتدخل أي موظف من المشرفين جريمة أيضاً، وحيث لا مجال إطلاقاً بموجب ترتيبات الهيئة المستقلة لأي خطأ في حساب الاقتراع والأصوات، والمساحة الوحيدة المتاحة أمام اللاعبين والمهندسين من كل أصنافهم هي قبل دخول فترة الصمت الانتخابي وفي إطار مكشوف؛ لأن الرسالة التوجيهية الملكية كانت واضحة وصارمة هذه المرة وبصيغة علنية عندما اعتبرت أن التحديث والتمكين هو مسار الدولة في مئويتها الثانية، وأيضاً عندما اعتبرت في رسالة لكبار الموظفين وصغارهم بأن الالتزام بمقتضيات تحديث المنظومة هو معيار البقاء في الدور والوظيفة.
عملياً لا توجد رسالة في الإرادة السياسية الواضحة والعلنية أقوى من تلك.
رغم ذلك، يسأل السائلون والمشككون: هل تحاول بعض الأطراف التدخل بنتائج الانتخابات؟
أجاب عن هذا السؤال قبل غيره وبجرأة الوزير والبرلماني والخبير الاقتصادي الدكتور محمد الحلايقة، عندما قال علناً بأن المواطن الأردني يحتاج لضمانات حقيقية، فصفحة الانتخابات كانت سوداء بالممارسة والتدخل، والمال الأسود حظي بفرصة التقميش والتأثير.
ثمة معياران -في رأي الحلايقة كما سمعته ، لنظافة العملية الانتخابية المقبلة المهمة، وهما التصدي الفعلي لدور المال الأسود، والحرص على عدم التدخل بمراحل العملية الانتخابية ابتداء من حق الجميع المتساوي في الترشيح والمنافسة وانتهاء بآليات الفرز وبقية منظومة إجراءات النزاهة.
يحاجج المتحمسون للانتخابات المقبلة من الصف الرسمي مثل هذا الخطاب بالتأشير على مسألتين أساسيتين اليوم
الأولى، أن العبث والتدخل ومظاهر التزييف والمساس بالنزاهة وكلفته لا يمكنه تخيلها بعد برنامج تحديث المنظومة السياسية
والأخرى، أن هندسة العملية الإصلاحية ووجود مجلس الأمن القومي، خطوات تنطوي على ضمانات مؤكدة للدولة العميقة؛ بمعنى عدم الحاجة لأي تدخل.
والمقصود في الخلاصة هنا وباختصار عدم وجود مبررات بعد الآن للمساس بمنظومة النزاهة بالانتخابات المقبلة؛ لأن ثمة مفاصل على المحك هذه المرة تقول الدولة إنها أساسية في مئويتها الثانية.