اتخذت لجنة التنمية الاجتماعية في الإيسكوا ESCWA في ختام اجتماعاتها في عمان عام (4-12-1995) مجموعة من التوصيات لدعم الأعضاء في المنطقة (ومنها الأردن) في برامجها لتحسين نوعية الحياة Quality of life والحد من الفقر ونتائجه في إطار التوجيه لإعداد إستراتيجية شاملة للتنمية البشرية المستدامة على ضوء قرارات المؤتمرات العالمية للأمم المتحدة المعنية بالسكان والتنمية الاجتماعية والمرأة والمستقرات البشرية، واليوم وبعد مرور أربعة عشر عاما على هذا الحدث فما زالت منظمة الاسكوا تراوح مكانها ذلك لأنها لم تعتمد معايير شاملة و ضرورية لتحسين نوعية الحياة.
فما معنى نوعية الحياة؟ وما المؤشرات أو المعايير التي تُعتمد في قياس نوعية الحياة ؟ ومتى ظهرت الدراسات في هذا الجانب الحيوي ؟ وما أهميّة توثيق المعلومات للمهتمين بدراسة نوعية الحياة بشكل خاص؟.
ولأهمية هذا الموضوع في حياتنا المعاصرة فإننا نُجيب على هذه التساؤلات بشيء من الإيجاز ونضع في نهاية المقال مجموعة من المراجع لمن يرغب بالتفاصيل .
\"نوعية الحياة الإنسانية Quality Of Life \" مفهوم يشير إلى حالة الرضا أو السعادة أو الرفاهية أو جودة الحياة ( أو عكس ذلك) التي يعيشها الفرد أو مجموعة الأفراد مع متطلبات المعيشة الأساسية، ونظراً لهذا التركيب الشائك للمفهوم فقد تعددت واتسعت المؤشرات التي اعتمد عليها في قياس ومعرفة نوعية الحياة ،فهي لذلك أكثر اتساعاً وشمولاً ًمن مقاييس التنمية البشريةHuman Development التي اعتمدت ثلاثة مؤشرات هي:
معدل القراءة والكتابة بين الكبار وتوقع الحياة عند الولادة ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.
وبشكل عام تفترض مقاييس نوعية الحياة وجود علاقة طردية بين درجة النمو الاقتصادي وحالة الرضا، فكلما ارتفعت درجة النمو الاقتصادي لدى مجتمع ما تحسنت نوعية الحياة لدى أفراد هذا المجتمع.
ومن الجدير بالذكر أن مقاييس نوعية الحياة الإنسانية لم يتم تطويرها إلا منذ ثلاثة عقود ونصف:
- فقد ظهر مقياس درونوسكي Drewnoski عام 1974 المركّب لقياس نوعية الحياة بين الدول المختلفة .
- كما ظهر مقياس لاريسون Larison الاجتماعي عام 1979.
- واستخدم الباحث ( كاتب هذا المقال) بعض هذه المؤشرات لقياس نوعية الحياة الخدمية في مدينة إربد (التعليمية والصحية والترويحية والإدارية ) موضّحاً درجة تباينها بين أحياء المدينة رقماً ورسماً بالخرائط ( كارتوغرافياً).
-وهناك العديد من الأكاديميين الذين أشاروا إلى نوعية الحياة الإنسانية ومعاييرها في الوحدات والمناطق والأقاليم التنموية ، ومن هؤلاء أستاذنا الفاضل الدكتور سعدي محمد صالح السعدي ( يرحمه الله ، الذي انتقل إلى رحمته تعالى وهو في عزّ عطائه في جامعة بغداد).
ومن دراسة المصادر والمراجع تبيّن أن هناك عشرة معايير يمكن اعتبارها مؤشرات دالة على نجاح وجديّة وإيجابية الخطط التنموية ، ومن وجهة نظرنا المتواضعة يمكن أن نُصنّف هذه المعايير على شكل مجموعات حسب الأهمية – رغم أهميّتها جميعاً- وكما يلي :
أولاًً- مجموعة المعايير التي تُشكّل أساليب أو طرق هامّة وعامّة يتم بها تحسين نوعية الحياة لدى السكان وهي :
1- مشاركة الرأي العامPublic Participation فالاستئناس بالرأي العام وتفهّم قضاياه ومطالبه هو أمر في غاية الأهمية وذلك لضمان تفاعلهم وتجاوبهم مع الأهداف المرسومة .
2- التفاعل الديمقراطي وعلاقاته الحيوية Demogratic Process من حيث المساواة في الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة .
3- التعلُّم والتعليم Teaching and Learning وهي مسألة هامة هدفها صُنع الإنسان النافع المنتج بكل معنى الكلمة.
ثانياً: المعيار الذي يُعتبر خطوة تطبيقية لتحسين نوعية الحياة وهو:
4- تخطيط استعمالات الأرض Land Use Planning وتكمن أهمية هذا المعيار في أنّه يختص بتنظيم الحيز المكاني للأفراد وعلاقاتهم الداخلية والخارجية مع عناصر البيئة المختلفة .
*** وللحديث بقية إن شاء الله .