زهير العزه - ندرك تماما أن بعض المسؤولين المعنيين بأحوال الناس منشغلين بإقتسام المغانم في وطن حولوه الى قطعة جبن، وانهمكوا بحسابات الزواريب الجهوية أوالمصالح الشخصية والشللية، أوطموحات الحصول على قصراو فيلا ما بعد الاقالة أو الإحالة على التقاعد،أو فتح الحسابات البنكية في كل جزرالعالم المعروفة وغير المعروفة ، فيما قضايا الوطن والمواطن تتواصل مقاربتها الترقيعية ومشاكل البلاد والعباد عالقة منذ سنوات في مربع المجهول من الحلول التي يبدوا أنها لن تأتي ...!
يقول واقعنا، حيث شعبنا المعذب في واد، وغالبية مسؤولينا المرفهين في واد آخر، إن اشغال الناس في مواضيع تتلعق بالانتماء للاحزاب أو تكثيف الحملات الدعائية للمشاركة في الانتخابات النيابية هي نوع من انواع الترف الرفيع، في ظل غياب أبسط مستلزمات الحياة للمواطن، وفي ظل تراجع أوغياب الحريات العامة، وملاحقة الاعلام الحر بكاتم صوت من رأس حرف الى أخر، ومن باب جملة نقدية الى اخرى.
والواقع يقول أيضا إن من يمتطي صهوة المسؤولية في البلاد الان هم من الطبقة التي لا نرى منها او نسمع الا التعويل على أوكسجين البقاء،الذين يعطون لانفسهم المهل لتخدير الناس من خلال الوعود التي يطلقونها وبما لا يستطيعون أويقدرون نتيجة للافلاس أوالفشل في أجتراح الحلول لازماتنا المتفاقمة، حيث تركت الغالبية العظمى تصرخ وهي تقول "عيشةٌ لا معينَ فيها.. جدولٌ لا مال فيه يمكننا حتى من دفع فواتير الماء والكهرباء" ، في ظل اسواق تفتح أبوابها على توقيت رفع الاسعار بدون سقوف نتيجة غياب الرقابة .
وفيما هذا هو حال الشعب إقتصاديا وبالتالي إجتماعيا بهذا الشكل وسوء المضمون، حيث يرزح تحت وطأة الحصار بصعوبة العيش، ورحلتة المكوكية لتتبع مسار رغيف خبز يمكن أن يوفره لعائلته أخرالنهار، يتساءل هذا الشعب يوميا من يحاسب من سرق من عمره سنينا ،ومن أطفاله الفرح والاحلام ، ومن الشهيد دمه المدفوع ثمنا ليبقى الاردن عزيزا مهابا ؟ كما يسأل وهو ينظر الى وسائل الاعلام الرسمية التي تركت كل الملفات المتعلقة بحرية تعبيره عن حاله وأحواله ، وعن غلاء الاسعار وتغول بعض التجار على سوق الاساسيات في حياته ،وعن الحالة المعيشية التي يكابدها وعائلته، وانصرفت من واقع الرفاهية الى دعوته للانتماء للاحزاب وخاصة المستولدة..! ، ويقول من واقع الهموم المتعددة الاتجاه، هل يمكن الانتماء لأي حزب أن يطعم أطفاله، أو يوفر لهم مصروف جيب للمدرسة، أو يسدد إيجار المنزل، أو أن يشتري لاطفاله الملابس أو حتى يسدد فاتورة الكهرباء ؟ والاهم هو هل حريته في التعبيرعن أرائه مكفولة من الملاحقة من قوانين فصلت لقمعه من هنا وهناك؟ هو سؤال للتفكير، لا أكثر ولا أقل.
بإختصارالحملات أو الدعوات للانتماء للاحزاب خاصة تلك المستولدة، أوالمشاركة في الانتخابات المقبلة وفق قانون يسمح لمن يريد التدخل لتغييرإرادة الناس لا تعني غالبية الاردنيين..... فالاردني لم يعد يأبه للشعارات ولم يبقى لديه لا الوقت ولا الصبر لمعرفة من يتلاعب بأمنه الاقتصادي والاجتماعي وحتى الانتخابي السياسي، فهو ليس معنيا بكل ذلك، حيث كانت نتيجة انتظاره الحلول من المسؤولين على قاعدة "فالج لاتعالج"، وهوالان يريد مخرجا آمنا من الأزمة المعيشية والاقتصادية والمالية التي يعيشها وتنغص عليه ما تبقى من أيامه ، وهو يريد محاسبة كل من إرتكبوا بحق الوطن الموبقات، ويريد استرجاع الاموال المنهوبة التي تكدست من ثروات البلاد في جيوب "الناهبين" على حساب خزينة دولة كما هي على حساب الوطن والناس.
إن تركيب الاحزاب بهذه الطريقة، هوعبث وتخريب للوطن، وليس له علاقة بأية إجتهادات متعلقة بترتيب البيت الداخلي، وكذلك فأن دعوة المواطن للانتساب لهذه الاحزاب، وعلى أية قاعدة تتم لن تنفع المواطن ولن تغنيه عن الجوع والفقر والبطالة، كما أن الاحزاب الوليدة أوالمستولدة لن تفيد الا البعض من كبار المتاجرين بأوجاع الناس وبمختلف ألوان العطاءات، الذين نهبوا خيرات البلاد والعباد، وما زالوا على رأس ما نهبوا أحرارا طلقاء، يدفعون بالصواعق الاقتصادية والاجتماعية الى درجة الانفجار، همهم الوحيد ألا تنقص ثرواتهم فلسا واحدا وألا ينقص نفوذهم كرسيا أو منصبا أو مكسبا أو مربحا واحدا، ولتبقى حساباتهم في الداخل والخارج بالحفظ والصون.
يتبع.....