زاد الاردن الاخباري -
قال الخبير الإستراتيجي في المجال السياسي والإقتصادي والتكنولوجي المهندس مهند عباس حدادين وفقاً لصحيفة واشنطن بوست أن خبراء في وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون يتوقعون بأنه من غير المرجح إجراء مفاوضات لإنهاء النزاع في الحرب الروسية- الأوكرانية خلال عام 2023 بل إستمرارها خلال عام 2024 , ويذكر أن حدادين نشر مقالة عميقة عن الحرب الروسية- الأوكرانية قبل عام , نشرت على مواقع وصُحف عالمية ومنها صحيفة تصدر في لندن باللغة العربية , تتوقع ما نشرته جريدة الواشنطن بوست عن خبراء البنتاجون, وننوه أيضاً أن تحليلات ومقالات حدادين السياسية والإقتصادية تُنشر وتُتابع من قبل المراكز الإستراتيجية العربية والغربية والصُحف العالمية, ويُذكر أنه كان قد قدر تكلفة ما صرفه الغرب على الحرب – الروسية الأوكرانية بدقة في مقالات سابقة له جاءت مطابقة لما ذكرها الرئيس الروسي في خطابه الماضي بعد نشره للمقالة بأقل من شهر .
وتالياً مقالته التي نشرها قبل عام في الصُحف الغربية بعنوان:" نظرة لتبعات الحرب الروسية الأوكرانية إذا استمرت لنهاية عام2024 "
لقد وصلت الحرب الأوكرانية-الروسية إلى منعطف خطير سيهز العالم إقتصادياً ويؤدي إلى تبعات وإنعكاسات سنتطرق اليها جميهاً ,لكن ما نراه أن الدول الأوروبية قد دخلت هذا المستنقع ولم تعد دبلوماسيتها قادرة على حل هذه المشكلة , لقد تَّيقنتُ أنه لا نية لحل المشكلة بعد تسارع الخطوات العسكرية أولها توقيع الرئيس الأمريكي مرسوم بتسريع إرسال السلاح إلى أوكرانيا,يعني إدامة الحرب على أقل تقدير لنهاية عام 2024 ناهيك إذا تم إنهاء اللعبة بأي لحظة من قبل روسيا بإستخدامها للسلاح النووي وهذا يعني نتائج كارثية غير متوقعة على الجميع إضافة إلى تلويح حلف الناتو بضم كل من السويد وفنلندا اليه.
من خلال النظرة التحليلية لمبيعات الأسلحة الأمريكية فقد هبطت عام 2021 إلى 138 مليار دولار مقارنة بمبيعات وصلت عام 2020 إلى 175 مليار دولار , وتستحوذ الشركات الأمريكية على أكثر من نصف السوق العالمي لبيع السلاح والذي تتصدره أكبرخمس شركات أمريكية بالترتيب حسب المبيعات السنوية شركة لوكهيد مارتن يتبعها شركة بوينغ وبعدها شركة نورثرب غرومان ومن ثم شركة رايثيون وأخيراً شركة جنرال داينامكس , فالفرصة الآن مواتية لمضاعفة هذه الأرقام المنخفضة وذلك بزيادة المبيعات من السلاح لكل من أوكرانيا ودول حلف الناتو وخصوصاً تلك المجاورة للنزاع إضافة إلى الدولتين الجديدتين اللتين ستنضمان إلى الحلف. فمن المتوقع أن تزداد المبيعات للأسلحة بموجب هذه المعطيات إلى 100% خلال الثلاث سنوات القادمة إضافة إلى عقود الحماية لتصل ما مجموعه إلى 1000 مليار دولار ,وهذه الفاتورة ستتكفل بها الدول الأوروبية. .
بالإضافة إلى إنهاء أي دور إقتصادي روسي داخل أوروبا من خلال المقاطعة لتشمل تصديرالطاقة ومواد الخام والمنتجات الزراعية والصناعات المتنوعة والسياحة وإعمار أوكرانيا المدمرة ورعاية اللاجئين الأوكرانيين والدور الذي ستحصل عليه الولايات المتحدة كحصة إضافية تبلغ 3 ترليون دولار مع نهاية الحرب, لاحظ أن حجم تجارة الإتحاد الإوروبي مع الولايات المتحدة قبل كورونا لديه تفوق أوروبي بنسبة تُقدَر 30% وبتقديري يُعزى هذا إلى المبادلات التجارية الروسية مع أوروبا,إن أي تبادلات مستقبلية مع الولايات المتحدة لتحل محل المبادلات الروسية ستكون أغلى بنسبة لا تقل عن 35% بسبب الأيدي العاملة الرخيصة والنقل اللوجستي وهذه أيضاً فاتورة إضافية على أوروبا أن تتحملها إضافة إلى الفاتورة السابقة,بالمحصلة إن مجموع ما ستجنية الولايات المتحدة من أوروبا من تعاملات تجارية وحربية مع حلول عام 2030 هو 10 ترليون دولار(10000مليار دولار) وبإختصار شديد ما يعادل ثُلث دينها العام والبالغ 30ترليون دولار.
لنعود قليلاً إلى التضخم العالمي الذي أحد أسبابه هذه الحرب والذي وصل قرابة 8% في الولايات المتحدة ومن المتوقع أن يرتفع رغم الإجراءات التي إتخذها الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) برفع الفائدة 50 نقطة أساس ويخطط لمزيد من الرفع, ولا أحد يعلم أن التضخم الأمريكي كان أحد أسبابه الخفية الأخرى إضافة الى الحرب والكورونا هو قيام الرئيس الأمريكي بضخ سيولة وتوزيعها على الأفراد والشركات خلال العامين الماضيين ما يقدر بثلاثة ترليون دولار ومعظم الشعب الأمريكي إدخر هذه النقود بسبب الإغلاقات للأسواق والمطاعم والخدمات ,فالتضخم سيزيد في ظل هذه الحرب رغم الإجراءات المتبعة بسبب قلة المواد والسلع المتنوعة في الأسواق المحلية (إرتفاع اسعار الشحن, إغلاق لسلاسل الإمدادت,إرتفاع أسعار الطاقة , التغير المناخي نتيجة الحرب وزيادة الإنبعاثات الكربونية كل ذلك سيؤثرعلى الزراعة مما يعني نقص حاد في هذه المحاصيل) فيؤدي ذلك إلى إرتفاع جنوني بالأسعار , ناهيك عن أن 20% من إمدادات الغذاءالرئيسية تأتي من منطقة الحرب.
إن الخاسرين الحقيقيين من الحرب هم الأوروبيون نتيجة لإرتفاع الأسعار بشكل جنوني رغم كل الإجراءات التي إتُبعَت , وإرتفاع الدين العام الى الناتج الإجمالي لمعظم دول الإتحاد ,لأن الناتج الإجمالي والنمو الإقتصادي سينخفضان نتيجة لدفع الفاتورتين السابقتين وستكون أكبر صفعة إقتصادية تتعرض لها أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية, وسيؤدي حتماً الى تفكك الإتحاد الأوروبي.
أما بقية دول العالم ستعاني كثيرأً لأن الناتج الإجمالي العالمي الذي بلغ 94 ترليون دولارعام 2021 سيبدأ بالانخفاض الملموس ليصل نهاية عام 2024 قرابة 80 ترليون دولار والإنتاج العالمي للمحاصيل الإستراتيجية الزراعية سيقل بنسبة 25% سنوياً, ماذا يعني ذلك ؟ يعني ببساطة سيرتفع عدد الجائعين في العالم من قرابة 800 مليون حسب إحصائية عام 2021 ليصل إلى قرابة 1500مليون جائع بنهاية عام 2024, وبما أن سكان العالم عام 2020 هو 7.8 مليار يعيش منهم 1.3مليار في الدول المتقدمة ويعيش 6.5 مليار في الدول الأقل تقدماً, هذا يعني أن الدول الأقل تقدماً هي الأقل دخلاً فمن الطبيعي أن يكون هناك 1.5 مليار جائع في هذه الدول ويشكلون 23% يعني من بين أربعة أشخاص سيكون هناك شخص جائع في دول العالم الثالث , فيجب دق ناقوس الخطر من الآن.
لذلك على دول العالم وخصوصاً الدول الأوروبية التحرك الفوري لإيقاف هذه الحرب لإنهم الخاسر الأكبر وروسيا ستبقى جارة أبدية منذ الأزل لأوروبا لا يمكن فصلها جغرافياً وديموغرافياً وأيديولوجياً ولا حتى إجتماعياً وخصوصاً مع دول الجوار التي كانت في يوم من الأيام تشكل معها وحدة حال , فتطبيق هذه المقترحات يجب أن يكون سريعاً وهي:
1-إيقاف نشاط حلف الناتو داخل أوروبا وتشكيل ما يسمى: حلف أوروبا السياسي الإقتصادي الإجتماعي ليضم جميع الدول الأوروبية من بينها الدول التي انفصلت عن الإتحاد السوفييتي وكذلك روسيا وبريطانيا.
2- التوقيع على إتفاقيات عدم إعتداء بين هذه الدول وعدم تشكيل خطورة فيما بينها من تبعيات التسلح أو الإعتداءات والتدخل في الشؤون الداخلية فيما بينها .
3-التوقيع على اتفاقيات إقتصادية وتجارية طويلة الأمد على سبيل المثال لا الحصر إنسياب التجارة والسلع واستخدام كامل للأجواء الجوية والمرافىء البحرية والطرق البرية بينها, إضافة إلى إمدادات النفط والغاز .
إن إيقاف هذه الحرب سيؤدي إلى حفظ السلم العالمي وإنعاش الإقتصاد وإنقاذ مئات الملايين من الأرواح التي ستفنى من جراء المجاعات , كفى العالم حروب واقتتال وويلات ,فيجب على السياسيين الجلوس مع الاقتصاديين والرياديين على طاولة واحدة لدراسة نتائج ما يقومون به السياسيين عند افتعالهم للأزمات والحروب على البشرية, ووضع الحلول المناسبة , فالمكاسب الإقتصادية لا تتحقق بالحروب على حساب الآخرين.