من دأب مسؤولي ملفات السياسة الخارجية ألا يفصحوا بسهولة عن أهداف بلادهم الحقيقية تجاه القوى الأخرى في المحيطين الإقليمي والدولي. وغالبا ما تؤاخذ الحكومات المسؤول الذي ساقته ظروف معينة، كزلات اللسان أو لحظات الإنفعال، للحديث صراحة عما ينتمي إلى هذه الأهداف. وذلك بإعتباره وقع في خطأ مهني جسيم قد يكلف الدولة ثمنا باهظا. ولهذا يميز فقه العلاقات الدولية في مبحث أهداف الدول بين أهداف معلنة ظاهرة وتكتيكية، وأخرى مضمرة غير معلنة وإستراتيجية ليست للنشر إلى آجال معلومة.
وأوضح الصفدي في مقابلة مع قناة الجزيرة أن الأردن يتابع بقلق كبير ما يجري في المسجد الأقصى، مشيرا إلى أن الجهد الأردني “واضح ويقوم بكل ما يستطيع القيام به من أجل وقف الاعتداءات الإسرائيلية”. لكن “الأردن وحده لا يستطيع أن ينهي الإحتلال والأردن وحده لا يستطيع أن يوقف هذه الاعتداءات”.
التاريخ يسجل للأردن بقيادته الهاشمية، مواقفه الثابتة الراسخة تجاه القدس والأماكن المقدسة فيها، ورفضه لكل الضغوط الممارسة عليه للتخلي أو إخلاء مسؤوليته أو الإنتقاص من الولاية الهاشمية تجاه المقدسات الاسلامية.
و اعتبر جلالة الملك عبد الله الثاني أن القدس "خط أحمر" و"من واجبنا أن نحمي المقدسات الإسلامية والمسيحية" فيها.
“بالنسبة لي القدس خط أحمر، وشعبي كله معي”، مضيفا “لا أحد يستطيع أن يضغط على الأردن في هذا الموضوع، والجواب سيكون “كلا”، لأن كل الأردنيين في موضوع القدس يقفون معي صفا واحدا، وفي النهاية العرب والمسلمون سيقفون معنا”.
وجدير بالذكر أن الأردن له ثقله في إدارة المسجد الأقصى والأوقاف الإسلامية بالقدس؛ من ملكيات وقفية ومدارس، بالإضافة إلى المسجد، ووزارة الأوقاف الأردنية ورأس الدولة هما المعنيّان الأساسيان بالوصاية على الأقصى والأوقاف الإسلامية في المدينة المقدسة وحمايتها.
ثمة فارق بين أن يخطئ موظف عادي وأن يخطئ مسؤول كبير. وثمة فارق بين أن لا يحسن موظف عادي التقدير في التصرف في موقف ما، وألا يحسن مسؤول رفيع التقدير في التصرف في الموقف نفسه. التجارب أثبتت أن أخطاء الموظفين تعالج وتمر مرور غير الكرام، وأخطاء المسؤولين تتحول إلى قضية رأي عام، ولا تمر إلا كإعصار يقتلع في طريقه العديد من الرؤوس.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات العربية الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي