زاد الاردن الاخباري -
أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة سياسات بعنوان “اليوم العالمي للإبداع والابتكار: التحدي الأساسي الذي يواجه الأردن”، وذلك بمناسبة يوم الأمم المتحدة العالمي للابتكار، والذي يصادف 21 نيسان من كل عام.
وفي الورقة، أشار المنتدى إلى مجموعة مزايا اقتصادية تنجم عن الابتكار على المستويين الجزئي والكلي. وفيما يتعلق بالمزايا المتأتية على المستوى الجزئي، فإن جهود الإبداع والابتكار تعزز من الإنتاجية، وتخفّض من التكاليف، وتزيد من القدرة التنافسية للصناعات والخدمات، كما أنها تساهم في استحداث الوظائف بأجور جيدة (أعلى من المتوسط)، وتزيد كذلك من حجم المبيعات والأرباح. أما على المستوى الكلي، فإن زيادة الإنتاجية التي تساهم في إنتاج المزيد من السلع والخدمات، تعزز بدورها من النمو الاقتصادي ككل.
وتأكيداً على أهمية الابداع والابتكار للأردن، أشار المنتدى في ورقته إلى بعض المؤشرات التي اعتمدتها رؤية التحديث الاقتصادي، وكانت إحدى هذه المؤشرات، مؤشر الابتكار العالمي الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)، حيث يقدّم هذا المؤشر تصنيفات الابتكار العالمية لاقتصادات 132 دولة.
وبحسب المنتدى، فإن الهدف الأساسي من هذه الورقة الصادرة بمناسبة اليوم العالمي للإبداع والابتكار لهذا العام، هو إلقاء الضوء على مكانة الأردن في مؤشر الابتكار العالمي. وبطبيعة الحال، فإن هذه الورقة الصادرة عن المنتدى تقدّم بعض التوصيات لمختلف الجهات المعنية من القطاعين العام والخاص من أجل تحسين مرتبة الأردن في هذا المؤشر. وفي الورقة، أوضح المنتدى بأن الإبداع، والاختراع، والابتكار، هي خصائص يسعى الناس إلى اكتسابها وتطويرها، ليتمكنوا من التعامل مع المستجدات في العالم بطرق جديدة ومختلفة. وبحسب المنتدى، فإن تعريف الإبداع يتمثّل في التعبير عن فكرة ما أو مفهوم، لم يتطرق له أحد من قبل، كما أنه ليس للإبداع قيمة حقيقية ما لم تتم ترجمته إلى استخدام حقيقي على أرض الواقع. أما بالنسبة لتعريف الاختراع، فهو فكرة إبداعية تم تطويرها إلى شيء يمكن للمجتمع استخدامه فعلياً، حيث يمكن للاختراع أن يكون عملية (إجراء)، أو أسلوب عمل، أو منتجا ملموسا. وفيما يخص تعريف الابتكار، فهو يتمحور حول استغلال الفكرة الابداعية أو الاختراع لتحقيق مكاسب تجارية أو غير تجارية.
وفي سياق الابتكار، فقد أشار المنتدى إلى أربعة أنواع رئيسية له بحسب المكتب الإحصائي الأوروبي (Eurostat)، وتتمثّل هذه الأنواع الأربعة في كل من ابتكار العملية (الإجراء)، وابتكار المُنتج، وابتكار طرق التسويق، والابتكار التنظيمي.
وبحسب المنتدى حول ابتكار الإجراء، فهو يتمحور حول تنفيذ طريقة جديدة لإنتاج سلعة ما أو خدمة، أو إدخال تطويرات (تحسينات) جوهرية على طريقة قائمة للإنتاج، ويشمل ذلك تغييرات جوهرية في التقنيات والمعدات و/ أو البرمجيات المستخدمة في الإنتاج. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، اختراع هنري فورد لأول خط تجميع متحرك في العالم. أما ابتكار المُنتج، فهو يشمل إدخال سلعة أو خدمة جديدة أو محسّنة بشكل كبير فيما يتعلق بخصائصها أو استخداماتها. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، المضاد الحيوي المعروف بـ”البنسلين”. وفيما يخص ابتكار طرق التسويق، فهو يتمحور حول تنفيذ طريقة تسويق جديدة تنطوي على تغييرات جوهرية من حيث تصميم المنتج، أو تغليفه، أو عرضه، أو تسعيره. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، استخدام منصة الإنستغرام لعرض منتجات العلامات التجارية. أما الابتكار التنظيمي، فهو يتمحور حول تنفيذ طُرق تنظيمية جديدة (في الممارسات التجارية أو مكان العمل، أو العلاقات الخارجية) لم تستخدم من قبل وجاءت كقرارات استراتيجية من إدارة الشركة. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، السماح للموظفين بالعمل من المنزل باستخدام تقنيات الرقمنة.
وفي سياق متصل، بيّن المنتدى بأن أنواع الابتكار الأربعة لها آثار مختلفة وتتفاوت فيما بينها، والتي تتضمن كلاً من الابتكار التدريجي، الابتكار المُعرقل، والابتكار البُنيوي، والابتكار الجذري (الراديكالي). وبالنسبة للابتكار التدريجي، فقد أوضح المنتدى بأنه يبنى على الابتكارات الموجودة حالياً في الأسواق. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، الهواتف الذكية التي يتم تطويرها تدريجياً من حيث التصميم، وإضافة مزايا جديدة أو زيادة الكفاءة. أما الابتكار المُعرقل، فإن هذه الابتكارات تطبّق تقنيات أو عمليات جديدة تعرقل النمط التقليدي للصناعات القائمة. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، شركة أمازون التي استخدمت تقنية الانترنت لبيع الكتب، وبالتالي عرقلة عملية البيع التقليدية للكتب. وبالنسبة للابتكار البُنيوي، فإن هذه الابتكارات تنطبق على المنشآت القائمة التي تستخدم بُنيتها الحالية كالخبرات والمهارات والتقنيات في تقديم خدمات جديدة وفي أسواق مختلفة. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، استخدام شركة أمازون لخبراتها الحالية في تقديم خدمات ومنتجات جديدة في مجالات وأسواق مختلفة. وفيما يتعلق بالابتكار الجذري (الراديكالي)، فهو يتضمن الابتكار في فتح أسواق جديدة تماماً، وتعتبر الطائرة من أبرز الأمثلة على ذلك.
هذا وتطرق المنتدى إلى مؤشر الابتكار العالمي، مبيناً أنه مؤشر يقوم بتقييم أداء الدول من خلال ركيزتين رئيسيتين هما؛ ركيزة مدخلات الابتكار، وركيزة مخرجات الابتكار. وفيما يتعلق بركيزة مدخلات الابتكار، فهي تتكوّن من خمسة محاور رئيسية هدفها قياس مدى توفّر الممكنات اللازمة للقيام بالأنشطة الابتكارية على مستوى الاقتصاد الوطني وهي كل من المؤسسات، ورأس المال البشري والبحث، والبنية التحتية، وتطور السوق، وتطور بيئة الأعمال. أما ركيزة مخرجات الابتكار، فهي تتكوّن من محورين رئيسيين هدفهما قياس نتائج الأنشطة المبتكرة في الاقتصاد الوطني وهما المخرجات المعرفية والتكنولوجية والمخرجات الإبداعية. وأشار المنتدى إلى أنه لكل محور من محاور الركيزتين الرئيسيتين ثلاثة مؤشرات رئيسية، ولكل مؤشر رئيسي مجموعة من المؤشرات الفرعية الخاصة به.
وبحسب المنتدى حول نتائج مؤشر الابتكار العالمي لعام 2022، فقد كانت الدول الأفضل أداءً على هذا المؤشر هي كل من سويسرا، وأمريكا، والسويد، وبريطانيا، وهولندا. أما بالنسبة للدول ذات الأداء الأضعف، فقد جاءت اليمن، وموريتانيا، وبوروندي، والعراق، وغينيا. أما على مستوى الدول العربية، فقد كانت الإمارات الدولة ذات الأداء الأفضل، حيث حصلت على الترتيب 31 / 132 دولة. أما الأردن، فقد حصل على مرتبة متأخرة نسبياً بلغت 78/132 على المستوى العالمي.
وبالنسبة لأداء الأردن على محاور المؤشر، فقد كان أداؤه الأفضل في محوري المؤسسات وتطور السوق. بينما جاء أداؤه ضعيفاً في محاور رأس المال البشري، وتطور بيئة الأعمال، والبنية التحتية. وفيما يتعلق بأداء الأردن الجيد على المؤشرات الفرعية التابعة للمؤشرات الرئيسية المدرجة ضمن ركيزتي مدخلات ومخرجات الابتكار، فقد حصل الأردن على المرتبة 15/ 132 في رأس المال المغامر، والمرتبة 25/132 في أعداد الخريجين من العلوم والهندسة. أما بالنسبة لأداء الأردن الضعيف على المؤشرات الفرعية، فقد حصل على المرتبة 100/132 في متوسط العمر المتوقع في المدارس بالسنوات، والمرتبة 104/132 في إجمالي تكوين رأس المال الثابت، والمرتبة 109/132 في الإنفاق على التعليم، والمرتبة 130/132 في صادرات خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وبالنسبة لأداء الأردن على مؤشر الابتكار العالمي عبر الزمن، فقد بيّن المنتدى بأن مرتبة الأردن قد انخفضت من 61/142 في عام 2011 إلى 78 / 132 في عام 2022، أي انخفضت درجة الأردن من 38.4 / 100 في عام 2011 إلى 27.4 / 100 في عام 2022. وبحسب المنتدى، فإن مواطن ضعف أداء الأردن على مؤشر الابتكار العالمي تتمثل في محوري رأس المال البشري (28.3 / 100)، والبحث والمخرجات الإبداعية (16.1 / 100).
وفي سياق أداء الأردن ومختلف الدول على مؤشر الابتكار العالمي لعام 2022، فقد أشار المنتدى في ورقته إلى بعض المشاهدات حول أنشطة البحث العلمي والتطوير وحجم الانفاق المالي على مثل هذه النشاطات، حيث يعتبر ذلك أساس الجهود الابتكارية في مختلف الدول. وفي هذا السياق، استند المنتدى إلى بيانات المفوضية الأوروبية حول لائحة الاستثمار في البحث العلمي والتطوير التي صدرت في 13 كانون الأول من عام 2022، وذلك بهدف رصد أكثر 2,500 شركة إنفاقاً في العالم على أنشطة البحث العلمي والتطوير.
وفي سياق متصل، أوضح المنتدى بأن الدول العشرة الأكثر ابتكاراً تختلف اختلافاً واضحاً عن غيرها من الدول غير المبتكرة. فرغم صعوبة حصر العوامل التي تساهم في جعل هذه الدول أكثر ابداعاً وابتكاراً، إلا أن الاختلافات الكبيرة بينها تتمثل في المساحة الجغرافية، والسكان، وتوفر الموارد الطبيعية، والعمالة، وحتى السياسات المالية والنقدية، والتعليم، والإنفاق العسكري. وفي إطار صعوبة تحديد أسباب النجاح في الابتكار، أكد المنتدى على أن الدول الناجحة في الابتكار، هي الدول التي تقوم بممارسات صحيحة بالنظر إلى أدائها في العديد من المؤشرات العالمية.
وفي هذا السياق، أكّد المنتدى على أن الإنفاق العالمي على أنشطة البحث والتطوير يعتبر كبيراً جداً، كما أنه تتوزع على معظم القطاعات الاقتصادية. وعليه، أوصى المنتدى جميع المعنيين في الأردن بالعمل على استغلال الموارد المالية المخصصة للبحث العلمي والتطوير بالشكل الذي يعظّم عوائده، إذ يتم ذلك من خلال تركيز هذه النفقات على مجالات محددة يتميّز بها الأردن. كما أشار المنتدى إلى ضرورة تعزيز التعاون البحثي ما بين المؤسسات الأردنية والمؤسسات المماثلة لها في الخارج.
وشدد المنتدى على أهمية تحديد كيفية تعزيز الابتكار في الدول النامية نظراً لموجة الرقمنة والأتمتة التي تساهم في تغيير الأنماط الاقتصادية بتسارع حول العالم، مؤكداً على المزايا التي يمكن الحصول عليها من دعم الابتكار والتي تتمثّل في زيادة الدخل، واستحداث المزيد من الوظائف، وتحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي. وفي هذا السياق، أكد المنتدى على ضرورة تبني الدول النامية تجارب الدول المتقدمة بالشكل اللازم، والذي سيسهم بدوره في تعزيز قدرة هذه الدول ورفع مستوياتها الإنتاجية والتكنولوجية والتجارية.
وفي هذا السياق أوضح المنتدى بأن المزايا التي يمكن أن تحصل عليها الدول النامية من تبني التكنولوجيا الموجودة هائلة، إذ تعتبر مزاياها أكبر بكثير من تلك المزايا الناتجة عن المساعدات الأجنبية. وعليه، فإن النمو الناتج عن تبني الدول للتقنيات والتكنولوجيا الموجودة أبسط وأسهل نسبياً من دراسة وتقديم الحوافز لأنشطة البحث العلمي والتطوير.
وفي الورقة، أوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني جميع المعنيين بإيلاء الأولوية للاستثمار في قطاع التعليم، حيث تبدأ مرحلة الابداع والاختراع والابتكار في رياض الأطفال والمدارس والجامعات. مؤكداً على ضرورة العمل على إنجاز جميع المبادرات التي وردت في رؤية التحديث الاقتصادي حول قطاع التعليم، مما سيساهم بدفع عجلة الابتكار في الأردن.