زاد الاردن الاخباري -
أجبرت المقاومة الفلسطينية، الاحتلال الإسرائيلي على استخدام منظومة "مقلاع داوود"، للمرة الأولى، في معركة عبر "الحدود" مع قطاع غزة، من أجل التصدي للصواريخ التي أطلقتها في اتجاه "تل أبيب".
وتمّ اللجوء إلى استخدام منظومة "مقلاع داود" للدفاع الجوي والدفاع الصاروخي متوسط المدى، بعد فشل القبة الحديدية التابعة للاحتلال في أداء هذه المهمة
.ما هي منظومة "مقلاع داوود"؟
بدأ الاحتلال تطوير "مقلاع داوود" عام 2006. وفي آب/أغسطس 2008، وقّعت شركتا "رفائيل" الإسرائيلية للأنظمة الدفاعية و"رايثيون" الأميركية اتفاقيةً لتطوير هذا النظام.
وبحسب موقع "ميسل ثرت" (missilethreat.csis.org) الأميركي، المتخصّص بالشؤون العسكرية والدفاعية، فإنّ "مقلاع داوود" هو نظامُ دفاعٍ جوي وصاروخي إسرائيلي قصير ومتوسط المدى، يُستخدم في التصدّي للطائرات التي تحلق على ارتفاع منخفض، وللصواريخ الباليستية والموجّهة، على غرار "كروز"، وتلك التي يتراوح مداها بين 100 و200 كيلومتر.
ويسدّ هذا النظام الفجوة بين نظام القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى، وبين نظام "آرو" لاعتراض الصواريخ بعيدة المدى، واللذين يستخدمهما الاحتلال.
ما هي مكوّنات "مقلاع داوود"؟
يشتمل نظام سلاح مقلاع داوود (DSWS) على وحدة إطلاق صواريخ عمودية مثبّتة على مقطورة، ورادار للتحكم (ELM-2084)، ومحطة تشغيل واعتراض، وصواريخ تُعرف باسم "ستانر".
أمّا مدى الصاروخ المعتمد في هذا النظام فيبلغ 300 كيلومتر، ويتألف من مرحلتين، وهو قادر على اعتراض أهداف ضمن ارتفاع يصل إلى 15 كيلومتراً.
ويستخدم نظام مقلاع داوود محركاً يعمل بالوقود الصلب ثلاثي النبضات، وتصل سرعته إلى 7.5 ماخ.
لا يمتلك "ستانر" رأساً حربياً، بل يضرب الأهداف مباشرة. وتتألف مقدمة الصاروخ غير المتماثلة من رادار "آيسا" (AESA) ثلاثي الأبعاد، بالإضافة إلى منظومة بحث إلكترونية بصرية مزدوجة وتصوير بالأشعة تحت الحمراء، ومستشعر بحث دائري متعدّد ومتطوّر وقادر على العمل في مختلف الظروف الجوية.
وللحصول على إرشادات في منتصف المسار، يتلقّى الصاروخ تحديثات من الرادار الأرضي للنظام عبر وصلة بيانات. ويُكلّف إنتاج كل صاروخ "ستانر" نحو مليون دولار.
"إسرائيل" تستخدم "مقلاع داوود" للمرة الثانية عملياً
وقال الكاتب المصري والباحث في الشؤون العسكرية، محمد منصور، للميادين نت، إنّه يُمكن النظر إلى استخدام قوات الاحتلال منظومة "مقلاع داوود" المضادة للصواريخ خلال جولة التصعيد الحالية مع قطاع غزة من زاويتين: الأولى تتعلق بمستوى التهديد الذي مثّلته صواريخ "بدر-3" و"براق-85" على مدينة "تل أبيب" ومحيطها، وخصوصاً مناطق "هولوم" و"ريشون لتسيون" و"بات يام" و"رحوفوت" جنوبي المدينة، ومنطقة "رامات جان" شرقيّها، ومنطقة "غوش دان" وسطها. وهذا يتضح، بصورة خاصة، من خلال إقرار "تل أبيب" بصورة علنية، وعلى نحو واضح، بأنّ منظومة "القبة الحديدية" فشلت في التصدي للصواريخ العابرة نحو مدينة "تل أبيب"، وتحديداً الصاروخ الذي أصاب أحد المباني في منطقة "رحوفوت".
وأشار منصور إلى أنّ الزاوية الثانية ترتبط برغبة القيادة العسكرية الإسرائيلية في تسجيل استخدام قتالي "ناجح" لأوّل مرّة لمنظومة "مقلاع داوود"، والتي لم تُستخدم قتالياً بصورة عملية من قبلُ سوى مرة واحد عام 2018، بعد أن جرى تفعيلها للتصدي لـ صاروخين بالستيين قصيرى المدى من نوع "توشكا"، روسيي الصنع، تمّ إطلاقهما من سوريا، لكنهما سقطا قبل عبور الحدود، من دون أن يكون لمنظومة "مقلاع داوود" دورٌ في التصدي لهما، بحيث جرى إطلاق صاروخين اعتراضيين من إحدى بطاريات هذه المنظومة، انفجر الأول في أجواء فلسطين المحتلة، أما الثاني فسقط في الأراضي السورية.
ولفت إلى أنّ صواريخ "بدر-3"، التي أطلقتها سرايا القدس خلال المواجهة الحالية، تُمثل تهديداً جدياً لمنظومة دفاعية متوسط المدى، مثل منظومة "مقلاع داوود"، وظهرت للمرة الأولى في أيار/مايو 2019، حين استخدمتها السرايا في قصف مدينة "عسقلان"، لكن كانت النسخة المستخدمة في هذا التوقيت ذات مدى يصل إلى 45 كيلومتراً. وبالتالي، أظهرت المواجهة الحالية أنّ هذا النوع من الصواريخ يمتلك مدىً أكبر، وهو ما أجبر وزير الأمن الإسرائيلي على تمديد نطاق تطبيق أوامر الطوارئ، ليصبح 80 كيلومتراً، أي على نحو يشمل مدينة "تل أبيب".
يُضاف إلى هذا الصاروخ نوعٌ آخر استخدمته السرايا في قصف مدينة "تل أبيب"، وهو إحدى نسخ صواريخ "براق"، وتحديداً نسخة تظهر للمرّة الأولى، يبلغ مداها الأقصى 85 كيلومتراً، تُضاف إلى نسختين سابقتين، كان المدى الأقصى للأولى 70 كيلومتراً، والثانية بلغ مداها 100 كيلومتر. وأصاب صاروخ من هذه النسخة بنجاح مدينة "تل أبيب"، للمرّة الأولى في تموز/يوليو 2014، وحينها كانت زنة رأسه المتفجر نحو 90 كيلوغراماً.
تفعيل "مقلاع داوود" إقرارٌ إسرائيلي بحجم مشاكل "القبة الحديدية"
وشرح منصور أنّه على المستويَين التقني والتسليحي، تعتمد "إسرائيل" حالياً على 5 منظومات أساسية للدفاع الجوي، هما النسختان الثالثة والرابعة من منظومة "حيتس"، ومنظومة "مقلاع داوود"، ومنظومة "القبة الحديدية"، إلى جانب المنظومة الأحدث، "درع النور". وهذه المنظومات مجتمعة تُعَدّ عملياً المكونات الأساسية لشبكة الدفاع الجوي الإسرائيلية، متعددة الطبقات.
تُعَدّ منظومة "مقلاع داوود" من أحدث المنظومات الدفاعية الإسرائيلية، التي دخلت الخدمة الفعلية في وحدات الدفاع الجوي الإسرائيلية، بحيث أُعلن اعتمادُها عام 2017، نتيجة لتعاون مشترك بين شركة "رافائيل" الإسرائيلية وشركة "رايثيون" الأميركية، أسفر عن تطوير هذه المنظومة المخصَّصة للتعامل مع الأهداف الجوية، في المديين المتوسط والبعيد. وتتميز هذه المنظومة بتزوُّدها بصواريخ اعتراضية تعمل وفق مرحلتين، على نحو يتيح لها هامشاً أكبر من المناورة والعمل على ارتفاعات كبيرة، لاستهداف الصواريخ المقتربة من مسافات تتراوح بين 100 و200 كيلومتر، مقارنةً بالمدى الأقصى لمنظومة "القبة الحديدية" الذي لا يتجاوز 70 كيلومتراً.
وأوضح الكاتب المصري والباحث في الشؤون العسكرية، محمد منصور، للميادين نت، أنّ تفعيل منظومة "مقلاع داوود" ذات التكلفة العالية، يمكن النظر إليه أيضاً على أنّه إقرارٌ إسرائيلي بحجم المشاكل التي تُعانيها منظومة "القبة الحديدية"، وهي مشاكل بدأت "تل أبيب" في رصدها على ضوء المواجهات التي جرت بينها وبين المقاومة الفلسطينية خلال العامين الأخيرين، و"التهديد المستحدث"، الذي باتت تمثله الصواريخ الفلسطينية، والمتمثّل بـ"الإغراق الصاروخي".
هذا "الإغراق الصاروخي" يجعل من الصعب على المنظومات الإسرائيلية المضادة للصواريخ أن تتعامل معها على النحو الميداني المطلوب، ويجعلها تختار أن تعترض الصواريخ التي تُشير الاحتمالات إلى أنها قد تصيب هدفاً حيوياً. فـ"إسرائيل" تمتلك، في الوقت الحالي، نحو 12 بطارية من منظومات "القبة الحديدية" المضادة للصواريخ قصيرة المدى، تحتوى مجتمعة على 33 قاذفاً، يمكن أن تطلق في توقيتٍ واحد 720 صاروخاً اعتراضياً من نوع "تامير".
وبالتالي، بالنظر إلى المجريات الميدانية الحالية، فإنّ المخاوف الإسرائيلية من العجز عن التصدي لصليات صاروخية كبيرة آتية من سوريا أو إيران أصبح أكثر تعاظماً، لأنّه بالقطع لن تكفي كل الصواريخ الاعتراضية المتوافرة لاعتراض مجموعات من الصواريخ القادمة، قد يتراوح عددها بين 500 و1000 صاروخ.
ورأى منصور أنّ دخول القدرات المسيّرة في المعادلة كان دافعاً إضافياً أمام "تل أبيب" للبحث جدياً في تطوير منظومة "القبة الحديدية" وزيادة مداها إلى 250 كيلومتراً، ومحاولة تحسين قدرتها على التصدي للصواريخ من اتجاهاتٍ متعددة. وهذا كان من أسباب محاولات التحديث والتحسين الإسرائيليَّين في هذه المنظومة، والتي أفضت إلى بدء إنتاج منظومة مساعدة لها أُطلق عليها اسم "درع النور"، وهي منظومة دفاعية تستخدم أشعة الليزر من أجل اعتراض القذائف الصاروخية والطائرات من دون طيار وقذائف الهاون