والله "احترنا منين نقضبها" اذا تأخر المطر او قل الهطول, رفع القصابون اسعار اللحوم البلدية وغير البلدية بحجة ارتفاع التكلفة على مربي المواشي الذين يلجأون في هذه الحالة الى تقديم العلف لحيواناتهم, واذا هطل المطر مدرارا رفعت اسعار اللحوم بحجة ان المربين لا يستعجلون بيع خرافهم لتوفر المراعي الخضراء.
هذه المعادلة غريبة وجديدة ولم تكن قائمة في السنوات الماضية لانها تخالف جميع المعادلات الاقتصادية التي تقول ان قلة المطر تؤدي بمربي الماشية الى البيع السريع للمواليد الجدد للتخلص منها وتقليل تكلفة التعليف وكذلك إن كانت "مرابعنا خضراء" قلت التكلفة وهو ما يستدعي تخفيض السعر لان الاسعار مرتبطة بقيم التكلفة.
لكن للاسف فان الحكومة تتدخل دائما في الوقت غير الصحيح وتنحاز الى جهة التجار ومربي الماشية, فكلما ارتفعت اسعار اللحوم الحمراء في الاسواق المحلية فتحت باب التصدير الى المملكة العربية السعودية وهي خطوة تؤدي الى رفع الاسعار على المستهلكين المحليين والاصل ان يفتح باب الخراف البلدية كلما انخفضت الاسعار الى مستويات قياسية في خطوة مطلوبة لمساعدة مربي الماشية على استعادة التوازن ومنع خسارتهم.
من يراقب اسعار اللحوم في اسواقنا يجد انها تتراوح بين 9- 11 دينارا للكيلو غرام وهو رقم خيالي, وكنا في حكومات سابقة نصيح عندما يصل سعر الكيلو الى ثمانية دنانير, فماذا نقول اليوم, عندما اصبح سعر اللحوم المستوردة ايضا في "العلالي" حتى "سقط الذبائح" من رؤوس وكرشات وكراعين ومعاليق اصبح في "علب العرايس" حتى ان راس الخروف المسلوخ يباع باربعة دنانير وكيلو "الطحالات" بثمانية دنانير, الله اكبر!
وهنا نتساءل اين دور المؤسسة الاستهلاكية المدنية وزميلتها العسكرية في التدخل من اجل ضبط إيقاع الاسعار في الاسواق المحلية? وقد سبق للمؤسسة المدنية ان تدخلت واستوردت الخراف في رمضان الماضي من سورية.
إن وزارة الصناعة والتجارة تعرف جيدا ان ثمة احتكارا مخفيا لتجارة المواشي واللحوم في الاردن تسيطر على شركات معروفة لا يمكن لاحد ان ينافسها لانها تملك امكانيات لوجستية هائلة من بواخر ومحطات استيراد وخبرات وعلاقات هائلة مع الشركات العالمية الموردة لا يمكن لاي شركة صغيرة او فرد برأسمال صغير ان ينافسها, بل هي مستعدة لكسر اي منافس جديد خلال ايام بتخفيض اسعار اللحوم لاخراج "المتطفلين".
وهذا الاحتكار "قانوني" بمعنى لا يوجد فيه ما يخالف القوانين والانظمة النافذة ما دامت الطريق مفتوحة من قبل وزارة الصناعة والتجارة امام اي شركة او جهة لاستيراد الخراف واللحوم الطازجة والمجمدة, لكن من يقدر على المغامرة والمنافسة المحكومة بالفشل?
وهنا لا حل الا بتدخل وزارة الصناعة والتجارة في السوق وتحديد اسعار عادلة لكلا طرفي المعادلة المربين والتجار من جهة والمستهلكين من جهة اخرى, وهي مسألة قابلة للضبط,لان الحكومة هي التي تعرف تكلفة استيراد المواشي واللحوم وبامكانها ان تحدد اسعار البيع وهوامش الارباح وخاصة في اللحظات التي ترتفع فيها الاسعار في السوق المحلي بشكل جنوني وغير عقلاني.
ان سوق المواشي واللحوم تعاني من فوضى هائلة في الانواع والاسعار, حتى ان المواطن لم يعد مطمئنا لما يأكله من لحوم ولم يعد مقتنعا بما يدفعه من ثمن لكيلو اللحم, وهذه هي مسؤولية الحكومة لفرض التوازن بين الاطراف المختلفة لان في ذلك مصلحة وطنية.0