أخوض هذه الأيام مفاوضات صعبة مع أحد المتوفّين القدامى ..كل صباح أحضر ملفّي تحت إبطي، وهو يحضر ملفّه تحت إبطه..نجلس على طاولة منزوية في مقهى محايد، أطلب له أرجيلة «تفاحتين» ولي أرجيلة «سلّوم» ونبدأ التفاوض..
اليوم كنت حازما معه فقلت له بالحرف الواحد:
ما الذي يريبك؟ على الأقل عندنا تشم الهواء،وتتحرك بحرية، وتمارس حياتك الاعتيادية، أفضل من الرقود هناك 2م تحت مستوى سطح القبر، لا نوافذ، لا برندة، لا رسيفر،لا نميمة، لا كرت الجزيرة الرياضية.
اسمع، سأرتّب الأمور كما تشاء، سأترك لك طقم الكنب والكمبيوتر والطابعة في مكانها..ايّوه تماماً في الغرفة التي فوق «معّاطة الجاج»،اعطني قلم وورقة سأرسم لك مخطط البيت .. هنا فوق سطح بيتي خزان ماء 2م، وفي قاع الدار بئر «كفري»،لك مدخل منفصل من هنا..هؤلاء جيران طيبون، ومن هنا الدرج، ومن هنا باب البيت، هنا غرفة الجلوس، وهنا الصالون والحمام والمطبخ.
بالمناسبة قبل ان انسى هذه مفاتيح سيارتي، انها مرخّصة لمدة عام وفيها بنزين «تحت النصّ بشوي»..نعم؟ نوعها ؟ كيا سيفيا، موديل ال95 حيشاك..فواتيري جميعها مسدّدة، الكهرباء مدفوعة،المسقفات صافي يا لبن ، ومن باب الاحتياط أصدرت لك «اذن اشغال» اذا ما رغبت بالقيام بعمل انشائي جديد «أثناء غيابي «، يا سيدي لا تقلق والمياه والانترنت مدفوعة كذلك لن أكلّفك شيئاً..كتبي وقصاصاتي كذلك تحت امرك، التزاماتي؟ لا أذكر..فقط ما عليك سوى أن «تسلّك» الجريدة بمقال يومي..وتناقش»موسى حجازين» ببعض اللوحات الكوميدية...وبعد ثلاثة شهور..نعود، أنا إلى بيتي وحياتي، وأنت ألى قبرك ومماتك، ثم نبدّل من جديد انا الى حياتي وانت الى مماتك وهكذا!! قسماً، قسماً لا طمع لي الاّ براحة البال...ها شو قلت؟...
وضع الهيكل العظمي رجل على رجل فاصدر صريراً مزعجاً ثم حك قفصه الصدري بأصابع أصدرت صوتاًً كقلادة الخرز وقال: بدها صفنه!!...
ahmedalzoubi@hotmail.com