زاد الاردن الاخباري -
* الثقافة الجنسية لا تتعارض مع السياق المجتمعي والثقافي والديني في الأردن
* ما وضع الأردن من مرض الإيدز؟
تعرّف الصحة الإنجابية والجنسية بأنها قدرة الأفراد على الاستمتاع بحياة جنسية آمنة ومسؤولة ومرضية، وأن يكون لديهم القدرة على الإنجاب وحرية اختيار التوقيت والوسيلة المناسبة. تشمل الصحة الإنجابية والجنسية معرفة الرجال والنساء بوسائل منع الحمل الآمنة والفعالة وبأسعار معقولة ومقبولة. وتتضمن أيضًا الحصول على خدمات الرعاية الصحية المناسبة في مجال الطب الجنسي والإنجابي، وتوفير برامج التثقيف الصحي للتأكيد على أن الحمل والولادة الآمنين يوفران فرصة أفضل للحصول على طفل سليم.
ويتماشى التعريف الصادر عن منظمة الصحة العالمية مع وجهة نظر دكتور علي الغرابلي، محلل برنامج الصحة الإنجابية والجنسية في صندوق الأمم المتحدة للسكان في الأردن، الذي صرح لموقع "خبرني" أن الصحة الإنجابية والجنسية تشمل حالة الرفاه البدني والعقلي والاجتماعي، ولا تقتصر على المرض أو العجز فيما يتعلق بالجهاز الإنجابي ووظائفه وعملياته.
بمعنى آخر، يتجاوز المفهوم العام للصحة الجنسية العلاقات الخارجة عن الإطار الشرعي، أو القضايا المتعلقة بالنساء بشكل خاص والأمهات والأطفال، ويحوي جوانب أكثر شمولاً مثل: الاستعداد والأهلية للزواج، تنظيم الأسرة، الأمومة الآمنة، فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، سن الأمل مرحلة المراهقة (اليافعين)، العنف المبني على النوع الاجتماعي والعنف الأسري وفق الغرابلي.
* الأردنيون يواجهون تحدي المعلومات المضللة.
ويرى الغرابلي انتشار المعلومات المضللة تحديًا يواجهه الأردنيون في طريقهم للوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الإنجابية والجنسية. داعيا الجهات المعنية، ممثلة في وزارة الصحة والمنظمات غير الحكومية، إلى القيام بدور أكبر في توفير معلومات صحية صحيحة وتعزيز الوصول الشامل للجميع.
وأشار الغرابلي إلى ضرورة تمييز القطاع الصحي بين الفئات المستهدفة، مثل النوع الاجتماعي (الرجال، النساء) والفئات العمرية لكل فئة، لكي يتسنى لمسؤولي الرعاية تقديم المساعدة الطبية لتلك الفئات في سبيل تثقيفها، ووقايتها من الأمراض.
وبحسب الغرابلي، لا تدخل الأمراض المنقولة جنسيًا ضمن الرعاية الصحية والفحص المختبري بشكل متكامل. ويعتمد إجراء الفحوصات الطبية للأمراض المنقولة جنسيًا على طلب الفرد ومدى وعيه بضرورة التأكد من سلامته، وليست جزءًا من برامج الرعاية الصحية والفحص المختبري في الأردن.
* القطاع الخاص في الأردن ملاذ لتقديم الرعاية الصحية الجنسية
ووفقًا للغرابلي، تعكس الأرقام المسجلة لحالات الإصابة بفيروس الإيدز، والبالغة 600 إصابة منذ اكتشاف أول حالة في الأردن عام 1986، الوعي الكبير والممارسات الجنسية للمجتمعات المسلمة.
وأشار إلى أن الأمراض المنقولة جنسيًا ليست مقتصرة فقط على الإيدز، بل هناك أمراض أخرى تنتقل جنسيًا مثل الزهري والهربس، ويتم إخفاءها بسبب الحرج منها في المجتمع الأردني. وبالتالي، يكون القطاع الصحي الخاص ملاذًا آمنًا لتقديم الرعاية للأشخاص المصابين بهذه الأمراض.
* الثقافة الجنسية لا تتعارض مع السياق المجتمعي في الأردن
بدورها أكدت طبيبة النسائية والتوليد منال تهتموني عدم تعارض الثقافة الجنسية مع السياق المجتمعي أو الثقافي أو الديني في المجتمع الأردني، بل يمكن تطويعه وتطويره بما يتناسب مع حاجة الفرد.
وأبدت تهتموني بصفتها أيضا خبيرة وطنية ودولية في مجال الصحة الإنجابية والجنسية أسفها بحصر الثقافة الجنسية في مفهوم الدعوة لممارسة الجنس غير الآمن (خارج إطار العلاقات الزوجية) وهو كلام غير صحيح بالمطلق.
وأوضحت في حديثها أن الثقافة الجنسية منهاج علمي مدروس يطرح القضايا المختلفة المتعلقة في تركيب الجهاز التناسلي ووظائفه والإنجاب ومراحل البلوغ والنمو والتغيرات المصاحبة للمراهقة (الانتقال من سن الطفولة إلى البلوغ) وما يترتب عليه من تغيرات وترتيبات في الواجبات والحقوق.
وتابعت: "تطرح الثقافة الجنسية الوعي بالذات وترد على بعض الإشكاليات التي تواجه الشخص خلال معرفته بذاته وعلاقته بأسرته، ومع الجنس الاخر كون عملية الحب والانجذاب والزواج والتخطيط المستقبلي كلها قضايا متعلقة بالثقافة الجنسية فضلا عن موضوعات الصحة الإنجابية والجنسية مثل رعاية الحمل والنفاس والولادة وتنظيم الأسرة والأمراض المنقولة جنسيا.
* جوانب مهملة في طرح قضايا الصحة الإنجابية والجنسية
كشفت تهتموني عن وجود تركيز كبير في طرح قضايا الصحة الإنجابية والجنسية المتعلقة بالمرأة بشكل خاص مثل الرضاعة الطبيعية والعناية بالمولود الحديث وتنظيم الأسرة على حساب جوانب أخرى مهمة جدا تعنى بصحة اليافعين، والصحة الإنجابية والجنسية لليافعين والمراهقين، وصحة الرجال ومشاركتهم في مواضيع الصحة الإنجابية (العقم، ضعف الخصوبة) وعن الأمراض المنقولة جنسيا.
وأضافت أن المجتمع أصبح واسعا ومصادر المعلومات فيه متعددة وغير قابلة للسيطرة عليها إلا بالوعي وفتح قنوات الحوار بين الآباء والابناء، والمدرسين والطلاب وخاصة في ظل وجود تحدي الثقافة الإلكترونية غير الممنهجة، وبالتالي لا بد للأسر الحديثة من مواكبة التطورات.
* إعلام غير متخصص ويطرح القضايا بشكل تقليدي
ترى تهتموني أن الإعلام الحديث ممثلا بمواقع التواصل الاجتماعي يلعب دورا كبيرا في بناء القاعدة الثقافية والمعلوماتية لدى الأفراد وبدأ تأثيره يطغى على المصادر القديمة مثل الأهل والمدرسة والقنوات الرسمية.
وحول الإعلام الرسمي وصفت تهتموني دوره بالتقليدي وليس مواكبا للاحتياجات المتسارعة للمجتمع في قضايا الصحة الإنجابية والجنسية، معتبرة إياه بغير المتخصص في طرح قضايا الصحة الإنجابية والجنسية وتغطيتها بالشكل المأمول.
* ما وضع الأردن من مرض الإيدز؟
قال المدير التنفيذي لمركز سواعد التغيير وهو المنظمة غير الحكومية الأردنية الوحيدة العاملة في مجال مرض الإيدز عبدالله الحناتلة إن الأردن يصنف عالميا من الدول ذات معدلات الانخفاض المنتشر بالنسبة لفيروس نقص المناعة البشرية (HIV).
وبحسب أرقام وزارة الصحة فإن الأردن سجل نحو 600 إصابة بمرض الإيدز على مدار37 عاما منذ اكتشاف أول حالة في الأردن عام 1986.
وعلى الرغم من امتلاك وزارة الصحة لسجلات حول أعداد الحالات المسجلة إلا أنه لا أحد يعرف حجم انتشار فيروس الإيدز وفق الحناتلة الذي أكد عدم وجود دراسات وأبحاث تبين تفاصيل وجود المرض بين الفئات السكانية حيث أن الأعداد الموثقة لا تستطيع تخمين حجم المرض الحقيقي.
* الإيدز ليس أولوية الحكومة والمجتمع!
يقول الحناتلة إن مرض الإيدز لم يأخذ أولوية الحكومات المتعاقبة، ولا حتى المجتمع لكونه واحدا من الأمراض المنقولة جنسيا، ويستوجب رفع الوعي بشأنه للحد من انتشاره وارتفاع أعداد الإصابة به.
وبين أن تقديم خدمات الرعاية الصحية يقع على عاتق الدولة ممثلة في وزارة الصحة لكنهم يساندون الجهود الرسمية من منطلق المشاركة بإجراء الفحوصات وتقديم المشورة اللازمة مشيرا إلى اكتشاف المركز لـ 16 حالة إصابة بالفيروس العام الماضي 2022.
* الصحة الإنجابية والجنسية والأمراض
ينتشر الإيدز عالميا عن طريق ممارسات جنسية غير آمنة، أو مشاركة الادوات كشفرات الحلاقة، وينتقل من الأم الحامل إلى الجنين أثناء الولادة او الرضاعة وبالتالي قلة المعرفة تؤدي إلى نقل العدوى وفق الحناتلة الذي أكد ضرورة الوعي بالمرض للحد من انتشاره.
وينظر إلى قضايا الصحة الانجابية والجنسية بأنها مرتبطة بمحرمات في المطلق وهذا أمر خاطئ تماما، بسبب قلة البرامج التوعية، وهذا المفهوم يعزز الوصمة والتمييز تجاه المصابين وبخلق نوعا من اليأس، يدفع لعدم التوجه لإجراء الفحوصات.
* الوصمة الاجتماعية شبح يطارد المرضى
بين رئيس جمعية الأطباء النفسيين الدكتور علاء الفروخ أن الأشخاص المشخصين بأمراض تنتقل جنسيا أكثر عرضة للقلق والاكتئاب لأن طبيعة المرض مزعجة على الصعيد الاجتماعي وفق تعبيره.
وأوضح أن الوصمة الاجتماعية تعد شبحا يطارد المرضى ويتم التعامل معهم على أنهم مجرمون، وهو ما يزيد الأمر سوءا على نفسيتهم ويمكن أن يقضي على فرص قبول ذاتهم وتعايشهم مع المرض.
وبحسب الفروخ قد تمنع النظرة السلبية المصابين بأمراض تنتقل جنسيا ذهابهم لإجراء الفحوصات وتلقي العلاج ما يعني زيادة معاناتهم النفسية والجسدية.