زاد الاردن الاخباري -
اقام منتدى الرواد الكبار أول من امس، ندوة بعنوان "ملامح لوجود عدة.. قصص قصيرة جدا"، لعضو اللجنة الثقافية في منتدى الرواد الكبار، الدكتورة دلال عنبتاوي، وقدمت فيها الدكورة مرام أبو النادي قراءة نقدية.
الامسية التي ادارتها المستشارة الثقافية للمنتدى القاصة سحر ملص، وحضرها جمهور من المهتمين بالشأن الثقافي، إلى جانب مديرة المنتدى هيفاء البشير التي رحبت بالحضور قائلة "في عالمنا المتسارع هذا لم يبق للإنسان وقت لقراءة المطولات الأدبية من الروايات الطويلة على الرغم من جمالها ولم تكن يوماً القراءة هدفها الاوحد الإمتاع بل هي تغذية للروح والفكر، وبث رسائل حياتية للقارىء وقد تعدد ت أشكال السرد وتنوعت وطغت القصة القصيرة لتكون وسيلة تعبير كما يجول في أعماق الكاتب".
واضافت البشير "نقف اليوم أمام القصة القصيرة والمعَبرة جداً لنستلهم منها ما تتحدث به صفحات في الرواية لتختصره ومضة القصة القصيرة، لتترك القارىء في دهشته وحيرته"، وقالت البشير نسعد اليوم معاً وقد عدنا بعد احتفالات بالعرس الوطني لصاحب السمو ولي العهد الأمير حسين وعروسه رجوة لنكمل احتفالنا من خلال متابعة المسير في درب العمل والثقافة، ومن على هذا المنبر أرفع آيات التهنئة والتبريك لجلالة الملك عبد الله الثاني وجلالة الملكة رانيا بإسمي وبأسم منتدى الرواد الكبار.
من جانبها قالت الدكورة مرام أبو النادي بين الاختصاص في النقد والإبداع الأدبي نجحت عنبتاوي في التعامل مع كل نص من نصوص المجموعة القصصية وفقا لمعايير القصة القصيرة ومقوماتها؛ فلم تبالغ بتعريضه لأدوات النقد ليظهر جسد كل نص على الصورة المثالية التي ستؤول إلى مجرد صنم غير حيّ بجمال ظاهري يفتقر إلى الحميمية لدى المتلقي- القارئ، على خلاف ذلك فقد كان التخصص العلمي لأديبتنا مرآة استعانت بها لتشذيب العمل الأدبي ليخرج بشكل أقرب ما يكون انعكاسا لبوح كل واحد منا ولكن بطريقتها الأدبية التي ارتأت أن يكون على صورة القصة القصيرة جدا.
واضافت أبو النادي يمكن أن نلمس في هذه المجموعة الوحدة العضوية لكل قصة قصيرة وردت في منتجها، وهي "123"،؛ حيث استطاعت عنبتاوي أن تحافظ على وحدة المشاعر ووحدة التصوير الفني لكل قصة بحيث تتماسك أجزاءها بل وأدى كل جزء وظيفته بكل اتقان، ووجدت أن الاحترافية تتمثل هنا بأن النص نفسه قصير فقد بلغت قصة (تجاهل) الثلاثة أسطر ومع ذلك أتقنت التعامل مع مفاتيح الوحدة العضوية لها.
وتابعت أبو النادي حديثها عن الوحدة الموضوعية قائلة "تعرف عنبتاوي وجهتها في مسار كل قصة؛ فاقتصار النص على موضوع الفكرة الواحدة، يجعل القارئ متمكنًّا من موضوع القصة القصيرة، فيكفيه أن يرجع فقط إلى عنوانها ليستذكر الهدف أو الفكرة منه، ويدخل في تعزيز الوحدة الموضوعية التكثيف، فالركيزة الأساسية التي اعتمدتها المؤلفة في مجموعة القصص القصيرة جدا والتي تعد من أهم عناصرها هي اللغة المكثفة إذ استخدمت لغة مختارة بعناية ليصل المعنى مركزا وغنيا للقارئ. فعملية الاختزال في الدلالات والمعاني تتطلب جهدا ذهنيا وأعتقد أن المؤلفة أجادت في عملية حصر القارئ بعوالم افترضتها".
اما في مجال اللغة والأسلوب، فقد رأت المحاضرة أنها ضمنت أدوات اللغة من الصور البلاغية والمحسنات في كل قصصها القصيرة، والتي أدت وظيفتها في السياق؛ فلم تكن مجرد كماليات أو استعراض لجزالتها اللغوية بل كانت تسري سريان الماء في الجداول بانسيابية ومن هنا أشيد باعتمادها على أسلوب الغائب في السرد في معظم المواقع وتجنبها للغة الخطابية وهذا ما يساعد من وجهة نظري في تكثيف المشهد والتخلص من اللغة الحوارية، مبينة أن عنبتاوي اعتمدت على أهم عنصر من عناصر القصة القصيرة وأي عمل نثري ألا وهو عنصر الدهشة – الإدهاش فلم تخل قصة من القفلة التي تشكل صفعات إن جاز التشبيه.
كما تحدثت أبو النادي عن بنيت هذه القصص، مشيرة إلى أنها تنتمي إلى الواقعية، ويمكن أن أعتبره شخصيا من أنجح الأنواع؛ لأن القارئ سيكون شريكا مع الأحداث شاء أم أبى؛ وقد يجد نفسه بين الشخصيات؛ فهي منا، وسيساوره الشك إن كانت د. دلال تقصده في مواطن مختلفة!!! لقد كانت الأديبة حقيقية واقعية فدمجت الخيال بالكثير من الواقع المعاش؛ فسيلتحم القارئ بمعظم الأحداث لأنها عوالم كما ذكرت افترضتها ولكنها اقترضتها من وحي حياة نعيشها جميعا. وهنا تكمن الجمالية فأحداثها ليست ببعيدة عنا؛ والقارئ جزء منها دون شك.
ولفتت المحاضرة إلى أن وجود اسقاطات حياتية متناثرة تركتها عنبتاوي في بعض قصصها يستطيع القارئ من التقاط العبارات الأكثر تكرارا... كأن البوح الداخلي لا يمكن كبحه وهذا له دلالة واضحة على أن الأديب ينتج أعماله الأدبية الفنية، و يستحيل أن ينفصل عنها بكليته كإنسان.
ثم عرجت أبو النادي على الموضوعات التي تم تناولها في المجموعة وهي كما قالت "تنوّعت الموضوعات وهذا مؤشر واضح على الثراء الحياتي للأديبة، فالخبرات تولد الحكمة وهذا ما سيلمسه القارئ في معظم القصص، تنوع القضايا الاجتماعية ارتبط بالمنظومة الأخلاقية التي حاولت الأديبة أن تمررها في مجموعتها ومن هنا وجب على أن أنحني احتراما لشخصها تقديرا لدورها الثقافي و المتمثل بالدور الأدبي الأخلاقي، ففقد جعلت مجموعتها القصصية منارة تشع بالقيم، فلم تترك قيمة سلبية و إيجابية إلا وأضاءت عليها، وأنا أقدر دور المثقف الإصلاحي للمجتمع الذي يعيش فيه".
تلا ذلك قر أت عنبتاوي مجموعة من القصص التي تضمها المجموعة.