زاد الاردن الاخباري -
كريمان الكيالي - في الحديث عن ايام زمان نتطرق دائما الى دفء العلاقات بين الناس والطيبة والتسامح والايثاروالنخوة برغم بساطة الحال وقلة المال ،حيث كانت المشاعرالانسانية هي الاقوى بين الناس .
باختلاف الاحوال والظروف ، اصبحت المصالح تتحكم في حياة الناس وتحدد اقترابهم وابتعادهم من بعضهم البعض ، فنادرا مايتصل او يطرق الباب شخص لايريد مصلحة او خدمة او مال .!
حب المال والثراء واحلام الكسب السريع هذا ما تطرحه برامج مسابقات تعد المشاهدين بالملايين والذهب والكنوزوالسيارات والبيوت والاثاث ، فيما تتلاشى في المقابل قيم طالما كانت مهمة مثل الحب والعائلة والصداقة ، امام رغبة جارفة في رصيد وفير بالبنوك او ثلاجة مليئة بالاكل ، هذا ما خلصت اليه دراسة بريطانية شملت 10 الاف طفل تتراوح اعمارهم بين 6-16 عاما ، وبينت كذلك بأن الطفل البريطاني هواكثرانانية من غيره ، يتقاضى اجرا عن كل عمل يقوم به في المنزل مثل غسيل سيارة الاسرة اوالذهاب الى البقالة او قص حشائش الحديقة ، فيما يتساءل المفكر الفرنسي «ريجيه دوبريه « في كتابه «حياة الصورة وموتها « ما الذي نتوقعه من هذا الجيل بعد ذلك السيل العارم من الاعلانات والبرامج التي تؤكد فقط قيمة المال ؟
على الصعيد المحلي ، متابعة هذه البرامج والتفاعل معها يستقطب كثيرا من المواطنين ، ويصفها مغترب سابق»طارق 34عاما « بأنها متعة مريرة حيث حاول مرات عديدة الاتصال ببرنامج شهير يؤهله للفوز بمبلغ مذهل ، لكنه خرج بفاتورة موبايل تصل لضعفي راتبه ، مما اضطره لتقسيط المبلغ ويقول بأنه مايزال يحتفظ بها للذكرى وبعدها اخذ قرارالمقاطعة لهذه البرامج ، اما «ابو وائل « فهو ممن يعشقون هذه البرامج ، وكم يتمنى ان تفتح له طاقة القدر ، لكنه للسنة الثالثة على التوالي لم يفلح في الاتصال ببرنامج محلي في رمضان يربّح عالهوا بمجرد ان «يلقط « الخط ، اضافة الى ذلك فهو من المواظبين على الاتصال باكثر من برنامج للمسابقات عبر اكثر من اذاعة اف ام لكن النتيجة لاتختلف كثيرا ، فالاسئلة التي تطرح لايسهل معرفتها. ومحاولاته كما يقول تبوء دائما بالفشل .
الجري ورا المال يؤدي لتدمير العلاقات بين الناس ، كما يقول العالم «دانيل كانيمان « الذي تفرد ببحث استحق عليه جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2002، ويقول في البحث المذكور بأن اصحاب المال والمستثمرين مثل بقية الناس يستجيبون وينفعلون عند سماع اخبار تقلقهم بخصوص البورصة ، وهناك من تضطرب حياته او صحته بسبب المال، ولعل هذا يعيد للذهن كارثة انهيار شركات البورصة في الاردن عام 2008 التي دفعت بمئات الاسر وعشرات الالاف من المواطنين الى الافلاس بعد ان استثمروا مايملكون من مال وعقار وحتى مصاغ الزوجات .
في كتابه» سيكولوجية المال .هوس الثراء وامراض الثروة « يقدم « د.اكرم زيدان» رؤية مختلفة باعتبار النقود ظاهرة نفسية تعمل على المستويين الفردي والاجتماعي فتؤثر في الوجدان والادراك باعتبارها مصدرا للقوة والحرية والمكانة وتقدير الذات يتحدد من خلالها علاقة الانسان بالاخرين ، كما يبحث في الدور السلبي الذي يؤديه المال في قضايا البخل والرشوة والصنب والاحتيال وغيرها.
في ذات السياق نشرت مجلة عربية مؤخرا تحقيقا صحفيا به الكثيرمن القصص المثيرة في حب ابطالها للمال ، ومنهاا ن احد الآباء اضطرلرقع قضية في المحكمة على ابنته لانها لم تف بوعدها باعطائه جزءا من راتبها كل شهر، فهو كان احد الشروط لموافقته على زواجها ، وتبررالابنة اخلالها بالوعد بانها اضطرت للكذب حتى تتخلص من جشع الاب الذي كان يستولى على معظم راتبها برغم انه غير محتاج ، حيث وجدت في الزواج الحل الامثل ، فما كان من القاضي الا ان رد الدعوة لكن الاب اعلن قطيعة مع الابنة .
اما زوجة في منتصف العقد الثالث فقالت بانها تنفق راتبها كله على بيتها فيما الزوج يرفض ان يساهم باي من نفقات الاسرة بمافيها الاكل والشرب والملابس وفواتير الماء والكهرباء ، ما يدفعه فقط اقساط طفلهما في المرحلة الابتدائية،ونفقاته الشخصية مثل بنزين السيارة والموبايل واشتراك الانترنت والمقاهي مبررا ذلك بأنه يطمح لرصيد في المستقبل يصل مئات الآلآف وعليه أن يدخر ، ولايهم اذا كان على حساب الزوجة والبيت! وتساءلت :اذا كان مفهوم الحياة الزوجية ان انفق انا على الاسرة ، فلماذا لانتقاسم المهام الاخرى مثل الكنس والطبخ والغسل ... ؟!
من الصعب ان ندعو للقول المأثور»المال وسيلة وليس غاية « في عصر كل شيء يتحرك فيه بالفلوس حتى مشاعر البشر التي اصبحت مثل البورصة تعلو وتهبط بحسب المد النقدي، لكن الجري وراء المال لايقطع الانفاس فحسب بل والمودة بين الناس ، ولنتذكرقول احد الزاهدين في الدنيا : «نحن من نأتي بالفلوس وليس هي !!