الشراكة بين القطاعين العام والخاص، هي تعاقد طويل المدى بين جهة حكومية وجهة من القطاع الخاص، لتنفيذ مشروعات أو تقديم خدمات ، بحيث تتحمل جهات القطاع الخاص بموجب هذا التعاقد مسؤولية الإدارة و جزء كبير من المخاطر، يتولى القطاع الخاص كافة أو معظم المسؤوليات والمخاطر خلال جميع مراحل الخطة الاستراتيجة لادارة مشروع معين وحتى تنفيذه . وبالتالي فان هذا يشكل حافز له لتحمل المسؤولية التامة عن نجاح المشروع ، وتحقيق أفضل النتائج، وعليه يكون القطاع الخاص في العادة هو المسؤول الأول عن انجاز هذا المشروع ويتحمل اي مخاطر تنتج خلال سيره وحتى نهايته وما بعدها .
عند دراسة بعض الحقائق التالية نجد مايلي :
ـــــ استشراء الواسطة والمحسوبية في بعض ادارات المؤسسات والدوائر الحكومية في الدولة ، ادى الى تراجع الخدماتها .
ـــ ضرورة التطوير والتحديث لتحقيق الاهداف التي رسمتها منظومة التخطيط الاستراتيجي والامن القومي للاصلاح، واستغلال التطور التكنولوجي في ادارة مؤسسات الدولة .
ــــ من فوائد الشراكة بانها تتيح إمكانية تمويل المشاريع والاستفادة من التكنولوجيا والابتكارات الحديثة لدى القطاع الخاص وتقديم خدمات حكومية أفضل من خلال تعزيز الكفاءة.
ــــــــ تعزز الشراكة القدرة على التحكم بالموارد المالية المتاحة وادارة الندرة منها ، من خلال تحديد التكاليف الحالية والمستقبلية لاي مشروع .
ــــ تعتبر الشراكة وسيلة لزيادة مشاركة القطاع الخاص تدريجياً في توفير الخدمات الحكومية بشكل افضل ومسؤول.
ــــــ إن تولي القطاع الخاص مهام ومسؤولية اعداد الخطط الاستراتيجية مقرونة بالخطط الزمنية للوصول الى الاهداف والغايات المطلوبة يشكل حافز له لإنجاز المشاريع وتسليمها خلال فترة زمنية محددة .
ــــــ من السلبيات المتوقعة للشراكة بين القطاع العام والخاص ، تجنب القطاع الخاص المخاطر الكبيرة وهناك حذر شديد عند قبوله بمستويات مخاطرة قد تفوق قدراته.
من خلال دراسة وتحليل بعض الحقائق نجد مايلي :
ـــــــ عندما يتذمّر المواطنون من بُطء المعاملات في دائرة حكومية معينة، فهم لا يقارنون نوعية الخدمة العامة بخدمة عامة أخرى ، بل يقارنون رداءة الخدمة في بعض دوائر القطاع العام مع ماهو متعارف عليه في القطاع الخاص.
ــــ في القطاع الخاص، ترى عادةً حماسة عند مقدم الخدمة لمساعدتك ، ويمنحك وقته من دون كللٍ أوملل، أما عندما تذهب إلى مؤسسة ما في القطاع العام من أجل تخليص معاملةٍ ما، غالبا مايعاملك بعصبية، ولا يهتم لمشاعرك أو مصلحتك، ولا تهمّه خدمتك. ما الذي يمنع هذا الموظف الذي يعمل في القطاع العام، من تأدية عمله بشكل يخدم فيه مصلحة المواطن، مثلما يحصل في القطاع الخاص؟ وقد يعزى هذا السبب لما يلي :
أولاً: الزبون هو المصدر الاساسي للتمويل لذلك يحرص صاحب العمل في القطاع الخاص، على خدمته بأفضل طريقة ممكنة، ومساعدته، وتلبية حاجته، أما في القطاع العام، فلا حاجة لإقناع الزبون أوخدمته.
ثانياً: اذا كان المواطن غير راضٍ عن الخدمة في القطاع الخاص، فهناك بدائل اخرى وجهات اخرى تقدم نفس الخدمة، أما في القطاع العام، فليس هناك بديل لتقديم الخدمة .
ثالثاً : يتغنى القطاع العام بكونه لا يبغى الربح وهدفه المصلحة العامة، وصحيح أن الإدارات العامة لا تحقق الربح، وتتكبد الخسارة! لكن هذا لا يخدم المصلحة العامة، بل يثقل كاهل الدولة والمواطن بالضرائب والديون. كما أن زيادة الاستثمار في القطاع العام، غير مرتبط بالإنتاجية (إذ أنه يعمل بخسارة أصلاً)، وبتالي فهو غير مرتبط برضى المستهلك عن الخدمة.
من خلال معرفة بعض الحقائق وتحليلها قد نستنتج ما يلي:
ـــــــ سر نجاح الشراكة بين القطاع العام والخاص ، يكمن في أنها تستغل خبرات وإبداعات القطاع الخاص وقدرته على الاستفادة من الموارد والفرص المتاحة .
ــــــــ من الصعب جداً على الحكومة تلبية الطلب المتنامي والمستمر على تقديم الخدمات بمفردها في ظل القيود المتزايدة على الموازنة العامة ونقص الخبرات، وبالتالي عليها زيادة، الاعتماد على قطاعات أخرى في المجتمع.
ــــــ الشراكة تجمع بين موارد وخبرات القطاعين العام والخاص وهذا ما يحقق المنفعة لكليهما.
ــــــــ الاستفادة من التطور التكنولوجي في انجاز الخدمات من دون تحيز او تمييز .
لذلك نتمنى على الحكومة ما يلي وهي الرائدة في صياغة وصناعة القرار الاستراتيجي في تنمية الفكر البشري وادارة الندرة من الموار المتاحة :
ـــــ ظرورة الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص ،حيث ان تبدأ متاخرا خير من ان لاتبدا .
ـــــ ان تكون البداية على مراحل وحسب اولويات، من خلال تشكيل لجان متخصصة مع الاستعانة بخبراء من بعض الدول التي لديها خبرة في هذا المجال .
وفي النهاية : الشراكة تحمل القطاع الخاص نسبة كبيرة من المخاطر و مسؤولية تمويل رأسمال المشروع وتكاليف تشغيله وصيانته وإدارة عملياته خلال فترة محددة من الزمن، و لابد من فتح السوق على المنافسة والسماح للقطاع الخاص بإنتاج ما كان حكراً على الدولة، إذ أن المنافسة تعطي نتيجة أفضل بكثير من بعض المؤسسات والدوائر الخدمية في الدولة ، علما بان معظم دول العالم تتجه اليوم إلى فتح السوق على المنافسة.
ولابد من السير بتنفيذ نتائج اللجنة الملكية لمنظومة الاصلاح. حيث جاء في رسالة جلالة الملك الى رئيس اللجنة الملكية لتحديث وتطوير منظومة الاصلاح السياسي ، " وهنا أجد لزاما عليّ التأكيد أن الأوراق النقاشية السبعة التي طرحتها للنقاش العام قبل سنوات، وما قوبلت فيه من اهتمام، هي وثيقة استرشادية لعملكم، من شأنها الإسهام في رسم خارطة لمستقبل بلدنا وشعبنا. "
الدكتور مفلح الزيدانين | السعودي
متخصص في التخطيط الاستراتيجي وادارة الموارد البشرية