زاد الاردن الاخباري -
«الأردني خايف من العيد أكثر من الخروف»، تلك العبارة التي تحمل الكثير من الدلالات كانت من الأكثر تداولاً على منصات التواصل الاجتماعي في الأردن تزامناً مع حلول عيد الأضحى المبارك. والعبارة تشير إلى «فوبيا نفقات» العيد كما يسميها تاجر اللحوم عمران القيسي، الذي يلاحظ في منطقة تلاع العلي غربي العاصمة عمان بأن «القدرة الشرائية للمواطنين وحتى للمقيمين تغيرت بشكل واضح». القيسي بنى «زريبة خاصة» بموجب رخصة دفع كلفتها من البلدية وبدأ يعد تجهيزاته لبيع أضاحي العيد، لكن توقعاته بائسة لهذا الموسم.
اعتاد القيسي في مواسم الأعياد بيع ما لا يقل عن 300 رأس من الأغنام كأضحيات على أقل تقدير لأبناء الحي، حيث شريحة واسعة من السكان العراقيين أيضاً. لكن، وبقراءة مسبقة لأحوال الناس واتجاهات السوق، قرر في الموسم الحالي أن إقامة زريبة صالحة لاستقبال وبيع وذبح وسلخ 100 رأس فقط لا يتوقع أن تدر عليه ربحاً كبيراً موسمياً؛ لأن البلدية بالمرصاد والكلفة عالية ولا بد من إعادة موقع الزريبة نظيفة تماماً كما كانت، تجنباً للغرامات خلافاً للرقابة والشروط الصحية.
مساعد القيسي، وهو عامل وافد يعمل في محل الجزارة طوال النهار، تحدث عن قدرات زبائنه التي تضاءلت، مشيراً إلى أن ميسورين من أبناء الحي شبه الراقي غرب العاصمة بدأوا يقلصون كميات اللحوم التي يشترونها.
ورغم تأكيد وزارة الزراعة أن كمية أضاحي الأعياد من الأغنام البلدية متوفرة وبكمياتها السنوية المعتادة حيث تبلغ نحو 300 ألف رأس من الأغنام، لكن القيسي وزملاء له يتحدون أن يباع نصف هذه الكمية المطروحة في السوق، ويعبرون عن خشيتهم من قواعد لعبة كثرة العرض وتأثيرها على الأسعار والمبيعات.
يلاحظ الوافد فتحي إسماعيل أن الزبائن بصورة نادرة يتحولون باتجاه اللحم المفروم، ويؤكد أن مبيعاته من اللحم المفروم وعدد قطع الدجاج هي المؤشر الأكبر لديه على ركود السوق وتراجع قدرات الشراء عند المواطنين.
وحسب الراصد الإلكتروني عماد البواب، فإن تدبير مصاريف ونفقات العيد بمثابة الهم الأساسي والشغل الشاغل لكل الأردنيين، بصرف النظر عن مستويات دخلهم، فانتهاء العيد يعني الغرق في موسم الحج ومناسباته ونفقاته، وبعدهذلك مباشرة تبدأ المعاناة مع «الموسم الدراسي الجديد».
وفي الموازاة، رفض القطاع البنكي آلية تأجيل الأقساط المستحقة على المواطنين لأغراض تمرير نفقات العيد.
رئيس غرفة تجارة الأردن، خليل الحاج توفيق، بقي طوال الوقت يدعم تأجيل تلك الأقساط على أمل تحريك الأسواق قليلًا خلال العيد، ومن ثم مساعدة المواطنين ثم القطاع التجاري الذي يعاني الأمرين.
واعتبر أن «ضخ قدر من السيولة النقدية بأيدي المواطنين عبر تسهيلات، مسألة تحرّك الاقتصاد». وبين أن «حركة العبور في بعض الأسواق بالمناسبات الأساسية والزحام، لا يعكسان حقائق المشتريات والمبيعات في أسواق القطاع التجاري».
وزاد: «المسألة تحتاج لمقاربة أفضل، لأن القطاع التجاري يمثل الكثير في الدورة الاقتصادية وتحريك المال، وفي عائدات الضريبة على الخزينة أيضاً».
وفيما تعكس إعلانات الأضاحي بالتقسيط جانياً إضافياً من الأزمة، تخفق الحكومة بدورها في الاستجابة لاقتراحات الخبراء بأن تضغط على القطاع البنكي، وهو الوحيد الذي يمتلك اليوم سيولة نقدية حتى تحصل تسهيلات تضخ المال في الأسواق.
وينتج عن الأزمة المعيشية التي يزيدها العيد تعقيداً على الناس عموماً سلسلة أزمات فرعية أبرزها تراجع حاد في القدرة الشرائية لدى المواطنين، وضعف تدبير المحلات والشركات والمؤسسات في الأسواق لتكاليفها، علماً بأن التاجر عبد الحليم النمري يلفت النظر إلى أن كل المبيعات بكل أصناف البضائع تتراجع في الأسواق المحلية، بدليل أن محلاته المتخصصة بصيانة الأجهزة الكهربائية بدأت تعمل على صيانة الأجهزة القديمة أكثر من بيع الجديدة