مكرم أحمد الطراونة - استوقفتني إجابة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة على مداخلة المحامية هبة الشمايلة في جامعة مؤتة يوم أمس، بعد أن طالبته بالحصول على فرصتها في الأردن، وتأكيدها على عدم إيمانها بالحركة الحزبية بشكلها الجديد محليا، انطلاقا من أن من يقوم عليها مسؤولون سابقون، بحسب وصفها، وأن هؤلاء يصادرون دور الشباب.
الخصاونة قال إنه سيجيب عن هذا السؤال من منطلق رأي شخصي، مبينا أن على الشباب ألا يكونوا وقودا لمن يريد أن يتصدر المشهد، وأن المسؤولية تقع على عاتقهم، وأن على من أخذ فرصته من مسؤولين أن يترك هذا المجال للشباب، أو على أقل تقدير أن يكون هناك دمج حقيقي بين جيل المستقبل وأصحاب الخبرة، على أن يتنحى هؤلاء لاحقا. كلام الرئيس صحيح، كما أن مداخلة الشمايلة أيضا فيها من الألم الكثير، حين تقول "أريد فرصتي. لن أغادر هذا البلد، وأريد فرصتي فيه".
بين وجهتي نظر الطرفين، هناك اتفاق على أن الشباب هم من يجب أن يكون لهم الدور الأبرز في المرحلة المقبلة، لكن آلية حدوث ذلك تبقى المعضلة الأكبر، حيث من المستحيل أن يترك المسؤولون السابقون مواقعهم ومناصبهم للشباب، فهم يطمحون إلى مزيد من المكاسب والمناصب، بينما الشباب يتحينون الفرصة لكسب مزيد من الخبرة والمهارات، لكي يتاح لهم تسيّد المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي لاحقا.
أما الدولة، فإن ما نسمعه عنها من ضرورة دعم الشباب ومنحهم فرصا للمضي قدما في أهدافهم تبقى تصريحات فارغة لا شيء يسندها، إذ إنها لم تترجم حتى يومنا هذا على الأرض، فلم تشهد هذه الفئة العمرية أي مؤشرات تزرع الطمأنينة في قلوبهم، إذا ما استثنينا نظام الحياة الحزبية في الجامعات التي يجب على طلبتها استغلاله والانطلاق منه نحو حياة سياسية حقيقية.
إذا ما هو المطلوب؟ يبدو من الواقعي القول إنه من الضروري أن لا يركن الشباب على الدولة ومؤسساتها ومسؤوليها للفوز بفرصتهم، وعليهم انتزاعها عنوة، وأن لا يقفوا مكتوفي الأيدي وهم يراقبون من يتصدر المشهد من دون حول لهم ولا قوة. عليهم الفوز بحصتهم الوافرة من المشاركة النشطة والفاعلة في الحياة السياسية، وأن يكون تحركهم ذاتيا، وأن يفرضوا أنفسهم على الجميع.
الفرصة الحقيقية اليوم هي في يد الشباب، وعليهم استغلال الوضع الراهن، وعدم الاستمرار في التذمر، واستجداء الفرص، بل خلقها والتشبث بها والحيلولة دون سرقة جهودهم من قبل أحزاب تنشأ حاليا وهم وقودها. لا بد من بلوغ مرحلة من الوعي بأنهم أساس المنظومة الحزبية الجديدة، والحياة السياسية الأردنية في مئويتها الثانية، وأن ذلك لن يكون إلا بالسعي وفرض الذات، لا انتظار من يساعدهم وهو في حقيقة الأمر يستغلهم.
إن أرادوا أن يكونوا جزءا من الحياة السياسية الفاعلة، ووصولهم إلى المناصب القيادية في الأردن، فعليهم أن يقاتلوا من أجل تحقيق ذلك، بالتأكيد لن يكون الطريق مفروشا بالورود، فهناك طامعون كثيرون لن يسمحوا لهم بذلك، ويحاولون على الدوام إقصاءهم من الاستمرار بالتواجد في المطبخ السياسي، لكن إذا ما كانت هناك إرادة جادة لدى أولئك الشباب فإنهم سيفرضون أنفسهم على الجميع.
إذا ما أخذنا الأرقام الأخيرة الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، فيتبين لنا أن هناك 63 % من الأردنيين هم أقل من 30 عاما، بينهم مليونا شاب في الفئة العمرية من 15 – 24 عاما. هذا عدد كبير، ونسبة ساحقة من المجتمع، لكن التحدي الأساسي أمامها أنها كتلة غير منظمة، إذ لم تؤسس حتى اليوم لتجمع يرعى مصالحها وأهدافها، ويدرس تحدياتها. أنشئوا حزبكم الخاص بكم، وستكونون يوما أصحاب القرار في هذا البلد.