في خضم ما يعيشه مجتمعنا الأردني من حالة مد وجزر حيث البعض يؤيد والآخر يرفض ويدحض وذلك بعد ما نتج عن سماعهم عن قانونا سيتم التعامل معه وفرضه لغايات الحد من موضوع الجرائم الألكترونية ، وما سيترتب عليه من عقوبات ستلحق بكل من يسيء ويتنمر ويؤذي بكلمات أو مضمون منشور مغرض أو قدح وتشهير بحق أشخاص أو مؤسسات أو مسؤولين ، حيث أن هذا الموضوع الذي بات يزعج الكثيرين ويعمل على نشر حالة من الغضب لدى كل من يتعرض لذلك ولمن هم حوله وحتى من قبل العامة ، حيث من الضروري أن يتم تناوله بالنقاشات المنطقية والحوارات العقلانية وتمحيص القانون من حيث مضمونه ومصطلحاته بحيث يجيء مقنعا ومقبولا لدى الجميع ليسهم ذلك في خلق أرضية مشتركة يراها الغالبية مساحة لتخطي الكثير من الهفوات والمضايقات والنقد الجارح واستخدام الكلمات البذيئة في التعبير وذلك كله لما فيه مصلحة المجتمع والأفراد وتحقيق درجة معقولة من التوازن الأخلاقي والتربوي عند تناول أي من قضايانا المحلية ة او الإقليمية وحتى العالمية دون اساءة أو خلط بين ما هو حق تعبير وبين ما هو تجريح لا داعي له إذ أنه في غالبه هو تعبير عن حالة نفسية تعاني من صراعات تجد في ذلك متنفسا وملاذا للتعبير فيه عنما في ذاتها من غضب وتضارب .
نحن مجتمع يحترم ذاته من خلال ثوابت تربوية ومنظومة أخلاقية نشأ معظمنا عليها ، نراعي ما نقول ونتريث فيما سنتلفظ به قبل قوله خوفا من إساءة الفهم أو جرح المسامع أو إيذاء المشاعر ، لكننا ومع اتساع رقعة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وهذه الحداثة في القفزات التكنولوجية وانتشارها السريع ، تكشف لنا مدى الإستخدامات المسيئة والنقد الهدام وسلبية الكلمات والألفاظ البذيئة التي بتنا نراها ونسمعها ونقرأها صبح مساء ، وذلك عند نشر أي خبر أو صورة أو عرض أي قضية وطرح أي موضوع فنجد ردود الفعل المبالغ بها وكم الشتائم والتعليقات المؤذية التي لا يسلم منها كبيرا أو صغير ، مسؤولا أو مواطن عادي، فنان أو لاعب أو سياسي وما إلى ذلك من شتى الأمور والمواضيع ، مما بات يشكل ظاهرة مشوهة لكل حقيقة أو رأي أو خبر ، فكل بات في مرمى الألفاظ والتنمر والسخرية المخجلة والمحرجة مع عدم الأخذ بعين الإعتبار حرمته كشخص له اعتباره وكينونة الإنسانية ، ذكرا كان أو أنثى مسن أو يافع حي أو متوف ، فكل ينال حصته من ذلك التشريح والتجريح والتعليق والإستهزاء في الغالب مع تحفظي على أن هناك من هم إيجابيون وعقلانيون ومميزون لكن القلة تتبخر في ظل الكثرة للأسف وهذا ما يحدث .
قد يراني البعض أبالغ فيما أقول لكنها الحقيقة يا أسياد ، وعلينا أن لا نخبيء رؤوسنا في الرمال ، فقد بدأنا نعاني من ذلك حقيقة ، وبشكل أفسد علينا متعة المشاهدة والمتابعة والقراءة والمشاركة اختصارا لتلك المشاهد المحزنة ، لأننا وبتصور ما سينالنا ذاك التشويه اللفظي الغير منطقي الذي لا تهمه مصلحة عامة ولا خاصة ولا تريد بناءا بل هدما ، و هي لا تزيد عن كونها تجد مساحة حرة لتفريغ شحنات حاقدة تخلط السم بالدسم مدعية انها جريئة في طرحها وناقدة لا تخشى شيئا ، وهي في واقعها بعيدة كل البعد عن ذلك ، فالنقد لا يجرح ولا يسب ولا يقزم ولا يستصغر أحدًا ،بل يقول دوما كلمة حق ويناقش بفكر راق لا غوغاء وتشويش فكري يسوده ،لا يهاجم الا ليذود عن حق مع التزام بإطار خلقي ولفظي ليكون نموذجا صادقا راقيا لكل من يسمع أو يقرأ أو يشاهد من قبل أبناء المجتمع لا أكثر .