الجزء الأول - عبدالله الصباحين - لفهم مفهوم الدولة وجب فهم الحضارة بمكونها ونسيجها الاجتماعي .
بدايةً النسيج الاجتماعي غير مُحدد بعرق مُحدد بل هو تشكيل من أعراق تنبي دولة فالقومية هي عرق جنسي ينحدر من أصول واحده تجتمع لتكوين تجمع قومي لفئة ٍبشرية مُحددة.
الآمة مُصطلح قانوني وسياسي و فلسفي معرفي يربط القوميات في إطار وحدة المصير والرابط بينهم الأرض الواحدة والمصلحة العليا للمجتمع والكيان السياسي يوحد ثقافات الأعراق داخل المجتمع الواحد بدون محاصصه.
الآمة هي كُل القوميات بدون خصوصية عنصرية وهي كُل الأجيال السابقة واللاحقة وطبعاً المُعاصرة،الآمة هي التركيبة التي يتحقق فيها و بموجبها الامتداد القانوني والمتضامن فهماً تراثي بين جميع الأجيال المتعاقبة و دوام وثبات المصالح المُشتركة في إطار كيان سياسي تتعدد فيه الثقافات بين القوميات في إطار الكيان الوطني الواحد بعدالة المواطنة المُطلقة.
والآمة بكل مكوناتها تصنع وتبني الحضارة دون فضل من قومية على قومية لأن الوحدة بينهم تشاركيه، والحضارة هي صناعة وجود ثقافي وتراثي وتقدم علمي وصناعي.
ظهرت عيوب داخل الآمة من بعض المكونات القومية والتي تُسمى بالشعوبية أو الشعبوية التي تؤمن بتفوق عرق بشري على أخر ، وتأثر بهذا الفكر بعض قاده من القوميات في إطار الآمة .
وبدأ الفكر الشعبوي من الكيان الفارسي العنصري وقال عنها "القرطبي" هي حركة "تبغض العرب وتفضل العجم" ، وتطورت الحركة الشعوبية العنصرية الفارسية ليكون لها أعضاء و مُريدين ومنهم الإرهابي
" أبو لؤلؤ المجوسي" قاتل أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب".
وازداد الصراع مع حركة الشعوبية في زمن الدول الأموية ، وقامت من خلال كهنتها بدعم وتأسيس الفرق الباطنية كالقرامطة والنصيرية و الجعفرية وغيرهم من الفرق.
وعلى مدى التاريخ تطورت الشعبوية لتأخذ منحى الانفصال و العزل وقامت قوميات بتبني فكرتها ،و في الشرق الأوسط تحديداً صاغ عدد من أنصاف المثقفين أمثال الصحفي "غاردنز" الهولندي و الكاتب "حنا ميشيل" اللبناني مشروع للشعبوية تضمن دور بعض الأعراق "القوميات" لصنع تاريخ خارج سياق الآمة الواحدة ومسارها الحضاري على سبيل المثال قومية آشورية وكردية وأمازيغية و قبطية.
ثم تطور الأمر بفعل الاستعمار وجاء الكاتب "دانيال ديشون" ليعدل على من سبقوه بتحديث مُصطلح الشعبيوية إلى أنها "ضرورة وجود وطن قومي لكل عرق" وكانت هذه بداية مشروع التقسيم الاجتماعي والذي طبق في آسيا وأفريقيا بدايةً.
بدأت الشعبوية أو الشعوبية من كهنة الفرس وتم تلخيصها في كتاب "الشاهنامة" واستمرت بالتطور إلى أن تحولت لمشروع استعماري يهدف لتقويض الدول بمشروع التفتيت الاجتماعي.
الأصل أن تجتمع كُل الأعراق في إطار سياسي كيان موحد بعدالة وليس مُحاصصه وبنظام يقوم فهماً وتطبيقاً على الليبرالية الوطنية المؤمنة بالحرية و العدالة و وحدة المجتمع.
إن الشعبوية التي أنتجت فكرة التفوق العرقي و التزوير في التاريخ ليجاري تمدد فكرتهم وإعطائها مظهر وقالب من الخصوصية والتفوق العرقي هي عنصرية ، وهذا مهد لولادة مشروع التقسيم الاجتماعي وبحسب عقيد "ميرنو" الأمريكي بفصل الشرق عن الغرب المتفوق.
جاء الوقت ليفهم الجميع إن التاريخ يملكه الجميع وليس عرق خاص ومن يُريد الانفصال و الانعزال إنما يخدم الجهل أولاً و المستعمر ثانياً.
الآمة مجموعة أعراق "قوميات" مُتحدة تصنع الحضارة و الحداثة والدول تقام بفكرة الليبرالية الوطنية " الحرية، العدالة، وحدة المجتمع، القرار الوطني المستقل".
و المعنى الحفاظ على الكرامة الوطنية والتي تعني السيادة المُطلقة جغرافياً وسياسياً واقتصادياً ، وكل من يسعى للانعزال و الانفصال كقومية مُستقلة بجغرافيا مجزئه كمن يضرب سهماً في ظهر كرامة الوطن الواحد.
الشعبوية تطورت لتكون مذهبية و دينية من خلال الفرس أولاً قبل عقود بعيدة ، وأيضاً مسحية برعاية دول لمذاهب مُحددة .
الشعوبية أو الشعبوية تتمدد بين الأعراق و المذاهب الدينية لتفتيت المجتمع. مواجهتا تكون بالليبرالية الوطنية.