بقلم : واصل المبيضين
بعبع الوطن البديل
لا غرابة أن يلوح بعض قادة الكيان الصهيوني بمخططاتهم التوسعية في الوطن العربي ، لأن الصهيونية أيدلوجية عنصرية تعتبر اليهود شعب الله المختار،واعتبار اليهودية رابطة قومية تربط اليهود في جميع أنحاء العالم ، ويجب أن يشكلوا دولتهم من النيل إلى الفرات ، ومن أهدافها أيضا إقامة دولتهم العالمية ، والتي تستدعي تجميع اليهود عن طريق هجرتهم إلى أرض الميعاد ، وهذا مبرر لهم للتوسع على حساب الدول المجاورة ، ويؤكد ذلك رفضهم حق العودة ، والعبث المستمر بجغرافية المنطقة ، من خلال التوسع بالمستوطنات، وضم القدس ومرتفعات الجولان ، وهذا ليس مجرد رأي المتطرفين فحسب ، بل هو الإجماع السياسي لهذا الكيان .
وأن مذكرات (( تيودور هرتزل ))تشير أنه قد توصل مع الحاكم البريطاني في مصر ((كر ومر)) إلى مشروع اتفاقية الحصول على امتياز الاستيطان في شبه جزيرة سيناء باعتبارها موقع جبل الطور الذي نزلت عليه الوصايا العشرة ، وأن الحاخامات اليهودية وعلى رأسهم (( مائير كاهانا )) يعتبرون أن أرضهم الموعودة وفق اتفاقية ((سايكس بيكو )) تمتد حتى الخط الحديدي الحجازي ، وتستمر تصريحات قادة الكيان الصهيوني بالتلويح بالتوسع وترحيل الفلسطينيين (( الترانسفير)) حيث عبرت ((تسيبي ليفني)) ذات مرة بضرورة طرد عرب 1948 إلى شرق الأردن ، وكذلك تصريحات (( نتنياهو))وغيره من المتطرفين ، ومن قبله (( شارون )) في كتابه (( مكان تحت الشمس )) والجميع يؤكدون استهدافهم الأردن وطنا بديلا.
ولقد أعلن عضو الكنيست (( آرييه الداد)) بضرورة إعلان الأردن وطننا بديلا للفلسطينيين ؛ مؤكدا أن هذا يلقى تعاطفا لدى المسئولين في أمريكا، وذلك في مجمله يؤكد السياسات والممارسات الإسرائيلية ، المتمثلة بالتصدي لقيام دولة فلسطين ، وتحريم بحث قضية اللاجئين ، وإعاقة مفاوضات السلام والعودة للحوار.
وجاءت وثائق(( ويكليكس الأردن )) لتؤكد أن أمريكا وإسرائيل تهدفان إلى تصفية القضية الفلسطينية خارج فلسطين ، وضمن مشاريع استعمارية وصهيونية ، أما بخصوص ادعائها بوجود مؤيدين محليين لمثل هذه المطروحات هي محض افتراءات تسعى من ورائها إلى خلق البلبلة وإثارة الفتنة في النسيج الاجتماعي الأردني الواحد العصي على كل المؤامرات ومعاول التشكيك.
أن مثل هذه الضغوط تأتي ردود فعل لمطالبات جلالة الملك عبدا لله الثاني بن الحسين المستمرة بإقامة الدولة الفلسطينية على تراب فلسطين وعاصمتها القدس ؛ وتركيزه على حق العودة في كافة المحافل الدولية ، وضرورة إخراج عملية السلام من حالة الجمود ، ووجوب حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وفق دولتين مستقلتين ؛ و إصرار الأردن ملكا وحكومة وشعبا على كل ذلك؛ يثير غيض الكيان الصهيوني وكل المتعاطفين معه.
ولقد أكد جلالة الملك أكثر من مرة ؛ أن مثل هذه التصريحات ما هي إلا منغصات لتحويل أنظار العالم إلى قضايا تبعد الكيان الصهيوني عن الالتزام بالأسس والمرجعيات التي قامت عليها عملية السلام ؛ولقد كان الملك – مثل عادته دائما – شجاعا صريحا حازما لإنهاء كل قول فيه ، حيث قال: (( أريد أن أطمئن الجميع بأن الأردن لن يكون وطننا بديلا لأحد ، وهل يعقل أن يكون الأردن بديلا لأحد ونحن جالسون لا نحرك ساكنا ، لدينا جيش ومستعدون أن نقاتل من أجل وطننا ومن أجل مستقبل الأردن ، ويجب أن نتحدث بقوة ، ولا نسمح حتى لمجرد هذه الفكرة أن تبقى في عقول بعضنا 0)).
الأردنيون جميعا وعل اختلاف منابتهم وأصولهم وأفكارهم لن يتوانوا لحظة عن الذود عن حياض وطنهم بمهجهم وأرواحهم ؛ وستكون دماءهم رخيصة فداء لكل ذرة تراب من تراب وطنهم، ومثل هذه المؤامرة الخطيرة لن تزيد الشعب الأردني إلا تمسكا بوحدته الوطنية و الاستمرار بدعم لأشقاء الفلسطينيين لتعزيز ثباتهم على أرضهم.
لا يخفى على أحد ، تلك العزلة السياسية التي تعيشها إسرائيل في الوقت الحاضر نظرا لسياستها العنصرية المتطرفة، وغير القادرة على مواصلة علاقات السلام مع دول الجوار ؛ ويؤكد ذلك إحراق العلم الإسرائيلي في عدد من الدول العربية والإسلامية واقتحام سفارتها في القاهرة ، والمطالبة برحيل سفيرها في عمان ؛ وسوء علاقتها مع الدولة التركية ، وتخوفها من القوة الإيرانية، كما أنها تعرف تمام المعرفة أن اتفاقيات السلام الموقعة مع بعض الدول العربية ،مرفوضة شعبيا لقناعتهم التامة بالمثل القائل : (( عمر الحية ما صارت خيه )) خصوصا بعد حربها في غزة وحصارها الذي لم ينتهي بعد، كما أن الربيع العربي والحراك الشبابي لن يقبل التسويف والمماطلة والقبول بوعود كاذبة لا تغني ولا تسمن من جوع.
وأتمنى على الحكومة الأردنية العمل على تفعيل قانون خدمة العمل ، وتدريب الشعب الأردني ليبقى رديفا وظهيرا لقواتنا المسلحة الأردنية ، ليبقى الأردن قلعة منيعة ومقبرة لكل من يفكر النيل من سيادته الوطنية.