زاد الاردن الاخباري -
تعتبر التحديات التي تعصف بالاقتصاد الوطني في غاية الصعوبة, ومعالجتها لا تكون بوسائل ضريبية فقط بل بإجراءات سياسية واجتماعية واقتصادية شاملة ضمن برنامج اقتصادي شمولي يحدد خارطة الطريق الاقتصادية للمملكة للمرحلة المقبلة.
وكانت السياسات الضريبية المطبقة في الاردن قد أدت الى ارتفاع كبير في مستويات العبء الضريبي الذي يقاس بنسبة حصيلة الايرادات الضريبية بجميع أنواعها المباشرة وغير المباشرة إلى الناتج المحلي الاجمالي.
وبحسب آراء بعض الخبراء والمحللين الاقتصاديين فان ضبط النفقات يعتبر الخيار الوحيد للحكومة لمواجهة عجز الموازنة,ويأتي هذا من خلال تفهم الوزراء ومدراء الهيئات المستقلة إلى طبيعة التحديات التي يعاني منها الاقتصاد الاردني وان يعتبروا جميعا انفسهم في الوقت الراهن وزراء للمالية من ناحية التشدد والانفاق غير الفاعل الذي لا يساهم بأية قيمة مضافة للاقتصاد والمشاركة بإعداد حزمة مشاريع منتقاة بعناية تساهم بتحفيز الاقتصاد ضمن حدود مقبولة ومنطقية.
وبحسب هؤلاء الخبراء ايضا فان معالجة عجز الموازنة لا يأتي بمذكرة يوقعها مسؤول أو قرار يتخذه مجلس الوزراء إنما يأتي ضمن خطة شمولية تتعلق بمجمل الاداء الاقتصادي للدولة, ومن هنا تأتي أهمية فهم الوزراء والمسؤولين لطبيعة الازمة التي تعيشها الخزينة وضرورة تضامن موقفهم في إعداد موازنة على قدر الامكانات والموارد المتاحة.
وحول الحلول لتخفيض عجز الموازنة اكد مجموعة من الخبراء والمحللين الاقتصاديين في استطلاع ل¯ العرب اليوم ومنهم وزير الصناعة والتجارة الاسبق د. محمد الحلايقة الذي بين أن فرض الضرائب ليس هو الحل لتخفيض عجز الموازنة مشيرا ان زيادة الاعتماد على الضرائب, وذلك من أجل تمويل الانفاق العام, تؤدي إلى مخاطر ارتفاع العبء الضريبي والذي لا يقتصر على زيادة الاعباء الاقتصادية على المواطنين فحسب, بل تتعداها إلى الاضرار بالاقتصاد الوطني من حيث تقليل حوافز الانتاج, بحيث لا تفي الضرائب بمتطلبات الانفاق العام وسد الحاجات, مما يجعلها تضطر إلى اللجوء لتمويل العجز في موازنتها عن طريق القروض العامة مثلاً.. مقترحا أن يكون هناك التزام بترتيب مصادر الايرادات, والقدرة على السّداد, مع ضبط النفقات الترفيهية وترشيد الانفاق العام.
وزير الاقتصاد الوطني السابق سامر الطويل اكد بدوره أنه لابد من مراجعة الاسباب التي أدت إلى العجز الكبير في موازنة 2009 و2010 وتحليلها مشيرا انه لا تتم معالجة العجز الا ببرنامج حكومي شامل يعيد النظر بالسياسات الاقتصادية الموجودة وأهمها امكانية إلغاء ودمج الدوائر المستقلة مع امكانية تحقيق العدالة من خلال السياسة الضريبية, بالالتزام بنص المادة 111 من الدستور التي تنص على تصاعدية الضريبة في ظل غيابها على الافراد والشركات والتي لن تحقق العدالة الاجتماعية والمساواة, مؤكدا وجوب توحيد ضريبة الدخل بين هذه القطاعات بحيث يتحمل من يحقق ارباحا وعوائد اكبر ضريبة اعلى, مضيفا أنه يجب على الحكومة أن تتوجه الان نحو الاقتراض الخارجي أكثر من الاقتراض الداخلي لإتاحة المجال لاستغلال السيولة المحدودة الموجودة لدى الجهاز المصرفي الاردني لتمويل الاستثمار والاستهلاك المحلي.
اما أستاذ الاقتصاد المساعد في جامعة الحسين بن طلال د. فؤاد كريشان فبين أن عجز الموازنة يتمثل بزيادة نفقات الحكومة على الايرادات مما يشكل عبئا واضحا على الميزانية, مشيرا ان حل عجز الموازنة لا يكون بزيادة الايرادات دون تخفيض النفقات, لأنهما عاملان مهمان في تخفيض العجز, مبينا أن الاقتراض الحكومي من الخارج جيد في حالة توجيه هذه القرض نحو المشاريع الاستثمارية التي تحقق إيرادات للخزينة, مشيرا ان أي اقتصاد سواء كان دولة أو افرادا فأنه قائم على الديون ولولا ذلك لما كان هناك وجود للمصارف الدولية أو البنوك, مؤكدا انه يجب على الحكومة في المرحلة المقبلة الابتعاد عن الضريبة الغذائية لأن هذه النوع من الضرائب يعمل على زيادة الضغط المباشر على المواطن.
وأضاف المحلل الاقتصادي د.منير حمارنة ان تخفيف عجز الوازنة لا يكون بفرض الضرائب بل بإعادة النظر بالانفاق الحكومي وترتيب الانفاق حسب الضرورة لهذا الانفاق, والعمل على إلغاء العديد من المؤسسات المستقلة التي تكون مربكة لعمل الوزارات ويكون العمل فيها مكررا.مقترحا فرض طابع أو رسم طابع على المعاملات المالية بسوق عمان المالي ولو بنسبة واحد من الالف لأن هذه النسبة لن يتأثر بها المضاربون لكن ستدر دخلا يصل إلى خمسة أضعاف على الميزانية.
المحلل الاقتصادي د.فهد الفانك قال إن فرض الضرائب هي من أفضل الحلول لتخفيض عجز الموازنة لكن بشكل منظم والعمل على ضبط العجز والمديونية وذلك عن طريق تخفيض النفقات, وشطب الدوائر التي لها تكرار في العمل ومهمتها الوحيدة اعاقة عمل الوزارات, مع وجوب لجوء الحكومة إلى تدابير مالية, مثل تقليص الانفاق العام وذلك لكسر دوامة التضخم الجارية. لان هذا قد يحدث تباطؤا في معدلات النمو الاقتصادي. ويكون لارتفاع مستويات التضخم تأثير مباشر على الجميع.
وبين المحلل الاقتصادي د.يوسف منصور ان الزيادة على فرض الضرائب تعمل على تقليل النشاط والحراك الاقتصادي مما يقلل الانفاق الحكومي, لكن الحل هو بتحسين نوعية الانفاق لأن الانفاق الحكومي سيؤثر على الوضع العام لأن الانفاق الحكومي يتمثل بدفع الرواتب والفوائد وإقساط الديون, واقترح ان يتم الاقتراض من جهة خارجية بقيمة العجز لأن الفوائد الخارجية اقل,فعندما يسد العجز يزيد الانفاق الحكومي والنشاط داخل الدولة.
وتشير بيانات قانون موازنة 2010 فيما يتعلق ببند الايرادات المحلية والتي قدر أنها ستحقق ارتفاعا مقداره 252 مليون دينار أو ما نسبته 6 بالمئة فان من المعروف جيدا إن الايرادات المحلية خاصة فيما يتعلق بإيرادات ضريبة الدخل والتي هي محصلة للنشاط الاقتصادي لعام 2009 فان الوضع في هذه الضريبة يدلل بوضوح على أنها ستتراجع بنسبة 30 بالمئة باعتبار ان إرباح الشركات ستنخفض بهذه النسبة كحد ادنى.
اما ضريبة المبيعات ونتيجة لانزلاق التضخم للسالب فان النمو المقدر بنسبة 15.6 بالمئة يجعل منها مستحيلا لذلك فانه وعلى ضوء عملية إعادة النظر في تقديرات بعض بنود الايرادات مستندة إلى تراجع حصيلة ضريبة الدخل على ارباح الشركات المساهمة العامة والبنوك في عام 2009 والبالغة كلفتها 50 مليون دينار إضافة إلى الاثر المالي الذي أوجده القرار الحكومي بتمديد التخفيض على رسوم نقل ملكية الاراضي والشقق السكنية وخدمات الايواء في الفنادق والبالغة قيمتها 40 مليون دينار فان بعض النقص الحاصل في مجمل الايرادات الحاصلة سيزيد على 90 مليون دينار. وإذا ما أضفنا هذا النقص والنفقات الجديدة والبالغة قيمتها 160 مليون دينار وهبوط المساعدات 170 مليون دينار فان عجز الموازنة الحقيقي للعام 2010 سيرتفع من 685 مليون دينار إلى 1.105 مليار دينار وهو العجز الحقيقي الفعلي لموازنة 2010.
العرب اليوم