أعادت قمة العلمين التي جمعت جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس في مدينة العلمين المصرية، القضية الفلسطينية إلى واجهة الحدث العربي والدولي، في وقت تشهد فيه القضية تراجعا في الاهتمام والتفاعل الدولي، لتشكّل القمة قفزة لصالح القضية الفلسطينية وتجديد التأكيد على الثوابت العربية حيالها.
القمة التي خصصت لبحث آخر المستجدات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، تأتي في وقتٍ غاية في الأهمية والدقة، حيث تشهد الأراضي الفلسطينية يوميا أشكالا متعددة من الانتهاكات والاعتداءات والاقتحامات، نتيجة لإجراءات الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي يتزعمها نتنياهو، التي وضعت أمام السلام حواجز تجعل من تحقيقه مسألة صعبة جدا.
جاءت قمة العلمين في إطار استمرار الجهود والمشاورات الأردنية الفلسطينية المصرية، وعلى أعلى مستوى، بكل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني من تطورات ومستجدات، وهو ما تسعى له عمّان والقاهرة على مدار سنين الاحتلال، جاعلة من أبرز أولوياتها فلسطين وحقوقها المشروعة وعلى رأسها ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، واستعادة الشعب الفلسطيني لكامل حقوقه المشروعة، بما في ذلك حقه في تقرير المصير، وفي تجسيد دولته المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الشرعية الدولية، وتحقيق حل الدولتين وفق المرجعيات المعتمدة.
وفي تجديد على الموقف المصري الفلسطيني من الوصاية الهاشمية، وأنها الأساس في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس المحتلة، أكد فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي وفخامة الرئيس محمود عباس على أهمية الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ودورها في الحفاظ على هويتها العربية الإسلامية والمسيحية، فهو حسم فلسطيني متجدد بأهمية الوصاية الهاشمية ليس فقط لحماية المقدسات إنما أيضا لبقاء الحق المقدسي ثابتا دون انتقاص تحديدا في أن المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف بكامل مساحته البالغة 144 دونما هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي الجهة صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف كافة، وتنظيم الدخول إليه، فهذا هو الثابت الأردني بقيادة جلالة الملك والذي يتشبّث به المقدسيون ويرون به دربا حقيقيا لنيل حقوقهم وصون المقدسات.
القمة التي وضعت على طاولتها الشأن الفلسطيني بأدق تفاصيله ، ولم تترك جانبا إلاّ وناقشه صاحب الجلالة وفخامة الرئيسين، يمكن التأكيد على أنها تعدّ خارطة طريق جديدة للقضية الفلسطينية، ولوضع مدينة القدس والمقدسات، وتحمل أهمية بالغة في التوقيت، وتقديم الدعم للفلسطينيين بصوت أردني مصري يجدد التأكيد على حقوقهم ويوجه رسالة دعم واضحة لكل ما يواجهه الشعب الفلسطيني من الحكومة اليمينية المتطرفة والتي تمارس كافة أشكال الاضطهاد بحقه سواء كان من خلال الاستيطان واتساع رقعته على حساب أراضي الفلسطينيين وممتلكاتهم، والاعتداءات على المقدسات الاسلامية والمسيحية في مدينة القدس المحتلة، والاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى، ناهيك عن الاعتداءات على شيوخ الدين ورجال الدين المسيحي، إضافة لعمليات القتل واستباحة الدم الفلسطيني بشكل يومي عبر القتل والاعتقال والمداهمات والاقتحامات، لتأتي القمة وتشكّل نقطة بدء ومرجعية عربية لحال فلسطين جديد يلقى كل الدعم من الأردن وفلسطين.