مع تسارع وتيرة الانتقال نحو السيارات الكهربائية، قد يظن البعض أن عصر المشتقات النفطية قد بدأ في الانكماش، ولكن، إذا نظرنا بعمق أكبر، سنجد أن الواقع يقدم صورة مختلفة. على الرغم من زيادة أعداد المركبات الكهربائية في الأسواق العالمية، فإن السيارات التقليدية التي تعمل بالبنزين والهايبرد ما زالت تشكل جزءًا كبيرًا من السوق، خاصة في دول مثل الأردن. العالم ما يزال بحاجة للوقود الأحفوري، فعلى سبيل المثال، تتوقع الصين - التي تعد من أكبر مستهلكي الطاقة في العالم - استمرار استخدامها للوقود الأحفوري حتى عام 2050، كما أظهرت بريطانيا، التي كانت من أكبر الداعمين للتحول البيئي، واحتضنت مؤتمر المناخ COP 26، أن الوقت قد يكون مختلفًا، حيث منحت تراخيص للتنقيب عن النفط في بحر الشمال، مستندة إلى حاجتها لتوفير الوقود لمواطنيها بتكلفة مقبولة، كما برر رئيس وزرائها ريشي سوناك. بالإضافة إلى ذلك، اضطرت دول مثل ألمانيا لتأجيل توقيف مفاعلاتها النووية، وقررت دول أخرى الاستمرار في استخدام الفحم الحجري، كل هذه الأمور تشير إلى أن العالم ما يزال بحاجة ماسة للوقود الأحفوري. ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، تجاوز المعدل اليومي لاستهلاك النفط في العالم 102 مليون برميل يوميًا هذا العام، ورغم زيادة الاهتمام بالسيارات الكهربائية، فإن السيارات التي تعمل بالبنزين والهايبرد ما زالت تستهلك كميات كبيرة من الوقود. ومحليا، من يرى الطرقات المزدحمة بالمركبات ذات محركات البنزين والأخرى "الهايبرد" وتلك العاملة بالديزل، خاصة نسبة جيدة من تلك المركبات من ذات سنة صنع أي أنها حديثة للغاية، يتأكد تماما أننا ما زلنا بعيدين عن الانتقال إلى الطاقة الكهربائية في التنقل. معظم المقارنات الاقتصادية التي تُجرى على أساس نصف سنوي حول انخفاض الاستهلاك من المشتقات النفطية قد لا تعكس الصورة الكاملة، فقد أثرت الظروف الاقتصادية المؤقتة، مثل دفء الطقس في بداية العام، في انخفاض الاستهلاك من الديزل، إضافة إلى ذلك، التحول نحو استهلاك الغاز المسال قد عزز هذا الانخفاض. إن الحجم الكبير من السيارات التقليدية، بحاجة مستمرة إلى المحروقات، وهنا تأتي أهمية مشروع توسعة مصفاة البترول الأردنية. مشروع التوسعة لا يُقدم فقط وقودًا للسيارات التقليدية، ولكنه أيضًا يدعم الاقتصاد الوطني من خلال توفير فرص عمل وزيادة الإيرادات، خاصة وأن الاعتماد على النفط لن يزول في الفترة القريبة، حتى مع تزايد استخدام السيارات الكهربائية. إن مشروع التوسعة الرابع للمصفاة يُظهر الرغبة في مواكبة التطورات العالمية وضمان جودة المشتقات النفطية المحلية، وهذا يعكس الرؤية الإستراتيجية للشركة في مواجهة التحديات الحالية وتحقيق التنمية المستدامة. بلا شك في السنوات الأخيرة أصبح التوجه نحو المركبات الكهربائية كبيرا، إلا أن التحول الكامل إليها يواجه العديد من التحديات، ومن بين هذه التحديات وجود البنية التحتية المناسبة لشحن هذه المركبات وكذلك توفير مصادر طاقة نظيفة لتشغيلها. وللتأكيد، حتى وإذا شهدنا تغيرات في أنماط استهلاك الطاقة، فإن وجود شركة مصفاة البترول الأردنية يظل ذا أهمية حيوية لضمان استقرار الاقتصاد وتلبية احتياجات السوق المحلي من المشتقات النفطية، ويجدر بنا التأكيد على أن التوازن بين التطور التقني والحفاظ على الصناعات الأساسية مثل مصفاة البترول الأردنية هو مفتاح لاقتصاد وطني قوي ومستدام.