زاد الاردن الاخباري -
هديل غبّون ــ كشفت دراسة هي الأولى من نوعها أعدتها الهيئة التنسيقية للتكافل الاجتماعي، بعنوان "فقر المرأة في الأردن"، عن "زيادة احتمالية وقوع الأسر الأردنية التي تعولها النساء في الفقر، عن تلك الأسر التي يتولى أمرها الرجال، وذلك من خلال رصد أوضاع تفصيلية لنحو 660 من النساء الفقيرات في مختلف المناطق الجغرافية خلال العام 2009".
وألقت نحو 72% من النساء الفقيرات المبحوثات في الدراسة بالمسؤولية على المجتمع في تحديد فرصهن بالعمل والإنتاج. من خلال ما يصفه المجتمع بـ"لائق وغير لائق" عند الحديث عن سلوكيات المرأة الاقتصادية، في حين كانت 62% من النساء الفقيرات من فئة الأرامل.
وأظهرت الدراسة تدنيا في مستوى مشاركة النساء سياسيا، حيث بلغت نسبة مشاركتهن في السلك الوزاري 14.3%، والسلك الدبلوماسي 17.2%، ومجلس الأعيان 12.7%، ومجلس النواب 6.4%، والمجالس البلدية 27.4%، والنقابات العمالية 21.0%، والأحزاب السياسية 27.8%، والنقابات المهنية 22.7%.
وأعلن عن نتائج الدراسة، التي رعت إطلاقها الأمين العام للجنة الوطنية لشؤون المرأة أسمى خضر، خلال مؤتمر صحافي عقد في مقر الصندوق الهاشمي للتنمية البشرية أمس.
واعتبرت خضر أن الدراسة نوعية على مستوى الدراسات الراصدة لواقع الفقر وتوصيفه.
مشيرة إلى أن نتائجها ستساعد في إجراء القياس للأهداف العامة للاستراتيجية الوطنية الخمسية لشؤون المرأة في مرحلتها الأولى.
وأضافت خضر في كلمتها خلال حفل الإطلاق "أن مهمة اللجنة رفع توصيات الدراسة إلى الجهات المعنية والحكومية، للدفع باتجاه إدخال تعديلات على التشريعات المختلفة، والسعي نحو الحد من الفقر لأقصى درجة ممكنة".
مشيدة بالمقترحات المتعلقة بقضايا الميراث التي وردت ضمن مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد.
وأشارت إلى أن حرمان المرأة من حقها في الميراث، يعد واحدا من الأسباب الرئيسية لفقرها.
وعرض مدير عام الهيئة التنسيقية الدكتور ممدوح السرور ملخصا حول الدراسة، وقال إن الهيئة بصدد إطلاق عدد من الدراسات المتعلقة بالفقر خلال العام الحالي، في سياق تحقيق رؤى وأهداف الهيئة لرسم السياسات والاستراتيجيات الشاملة والكفيلة بتنسيق جهود المؤسسات العاملة في مجال التكافل الاجتماعي.
وبين أن من أبرز التحديات التي تواجهها الجهود الوطنية ضمن سياسات مكافحة الفقر، "الازدواجية" وتداخل أدوار المؤسسات المعنية.
وتعرف الدراسة بخصائص الفقر الواقع على المرأة ومظاهره، معتبرة أن الفتاة البالغ عمرها 15 سنة فأكثر، تعاني من الحرمان على مستوى البقاء أو المعرفة أو التعليم أو العيش الكريم، إضافة إلى قدرتها التعليمية والصحية.
وفي السياق، أشارت الدراسة الى انخفاض المشاركة الاقتصادية للنساء الفقيرات ليسجلن ما نسبته 14.2% فقط، مقابل انتشار معدل البطالة بينهن بما نسبته 24.4%، وممارسة 30.8% منهن للعمل من دون أجر، عدا عن المشاركة الاجتماعية الضعيفة مع محيطهن وأسرهن.
وفي الوقت الذي خصصت فيه الدراسة محورا مستقلا عن دور المؤسسات الوطنية في التمكين الاقتصادي، حملت المرأة الأردنية نصف المسؤولية عن فقرها، بسبب ضعف مساهمتها في سوق العمل، نتيجة "ضيق دائرة خياراتها"، بينما يتحمل المجتمع النصف الآخر من مسؤولية فقرها، نتيجة "تنميط صورتها في المناهج الدراسية والتمييز ضدها والتقليل من شأنها".
وفي الإطار الكمي، بينت الدراسة أن معظم النساء الفقيرات هن في الفئة العمرية 31-60 عاما، بينما بلغت نسبة الأرامل 62% من مجموع النساء الفقيرات، إضافة الى انتشار "ظاهرة الزواج المبكر" بينهن، كما بلغ متوسط حجم الأسرة لديهن 4 أفراد، في حين لم تتلق 96% منهن تعليما عاليا يؤهلهن للدخول إلى سوق العمل.
وعن الخصائص الاقتصادية الأخرى للأسر التي جاء دخل غالبيتها من صندوق المعونة، تبين أن 64.1% منها تتقاضى "دون متوسط مقدار المعونة الوطنية" البالغ 76.5 دينار أردني شهريا.
وفيما أظهرت أن أكثر من ثلث النساء الفقيرات يعملن ضمن أعمال صغيرة، سجلت نسبة النساء العاملات في القطاع الحكومي أو الخاص نسبة ضئيلة جدا بلغت 1%.
وتعد وفاة المعيل أو غيابه بداعي السفر، واحدا من الأسباب الاجتماعية والديمغرافية الرئيسية لفقر النساء، كما أن دخول "النساء الفقيرات قد تأثرت بمستواهن التعليمي حيث إن 85.8% منهن، لم يحصلن على التعليم الذي يؤهلهن "لامتهان إحدى الوظائف أو الأعمال المأجورة".
وفي الاثناء، جمعت الدراسة بين المنهجين الكمي والنوعي في رصد أوضاع النساء الفقيرات من خلال عينتين أساسيتين؛ الأولى بحث الأسر الفقيرة التي تتولى أمرها امرأة ممن يتقاضين معونات شهرية من صندوق المعونة، إضافة الى عينة الأسر التي تتولى أمرها نساء غير متقاضيات لمعونة شهرية، لكن دخول أسرهن الشهرية تتجاوز القيمة النقدية لخط الفقر.
واستوفت الدراسة بياناتها الكمية بالمقابلات إضافة الى رصد 25 متطوعة للبيانات النوعية عن خصائص النساء الفقيرات، إلى جانب رصد 17 عملا صحافيا عكست بمجملها أسباب فقر الأسرة التي ترأسها امرأة.
أما عن الأسباب الصحية المسببة لفقر النساء، فأشارت الدراسة إلى ان هناك 21.8% منهن يرون أن صحتهن العامة "غير جيدة"، في حين إن كثيرا من النساء مصابات بالأمراض العضوية، عدا عن كبر حجم الأسرة نتيجة عدم تنظيمها، إضافة الى أن 78.7% من الأسر تضم بين أفرادها شخصا عاجزا أو من ذوي الإعاقة.
أما من منظور النساء المبحوثات، فرأت 72% منهن، أن المجتمع هو الذي حدد "ما هو لائق وغير لائق" من سلوكيات المرأة الاقتصادية ما أفضى الى حرمانهن من "فرص تحسين الدخل"، ضمن الأسباب المؤدية إلى فقرهن.
وتخلص الدراسة إلى أن "عدم قدرة المرأة وأميتها وحرمانها من ميراثها وتنميط دورها الاجتماعي، إضافة الى انعدام ملكيتها للأصول الإنتاجية وتعرضها للعنف بأشكاله، من أهم أسباب فقرها".
في السياق نفسه، أوصت الدراسة بتنظيم حملات توعية بالمشكلات الأسرية والنظر في قانون الأحوال الشخصية ليتماشى مع المواثيق الدولية لحقوق النساء، من أجل الحد من الفقر والقضاء عليه.
كما دعت إلى ضرورة إنشاء قواعد بيانات في الجمعيات ولجان الزكاة المعنية بالمرأة الفقيرة، وبخاصة "الأرامل" منهن، وربطها بمثيلاتها في مؤسسات العون الاجتماعي، مع الاهتمام بالمشاريع التنموية الكاملة.
الغد