بالقدر الذي تميّزت فيه عملية الموساد لاغتيال محمود المبحوح الناجحة بالتعقيد ، جاء نجاح شرطة دبي في حلّ "الطلاسم" كما أطلقت عليها ، وكنّا نشاهد على التلفزيون شريط فيديو وكأنّنا نتابع فيلماً بوليسياً مثيراً ، وللحظة معيّنة ظنّنا أنّ الكاميرات سجّلت حادث القتل نفسه ، كما سجّلت قبله كلّ شيء.
الموساد نجح في الاغتيال ، لكنّه فشل في محو آثاره هذه المرّة ، لأنّ هناك جهازاً أمنياً محكماً في الإمارة العربية الصغيرة ، ولأنّ هناك إرادة واضحة وصارمة بجعل البلد آمناً مطمئناً ، بزرع الكاميرات في كلّ مكان ، ووراءها جهاز بشري قادر على الجمع والتحليل.
أوّل ردّ فعل على الفيديو جاء من ابنتي حين تساءلت: وبعد كلّ هذا يتّهمون سوريا بقتل الحريري؟ وفي قناعتها لو أنّ بيروت كانت مؤمّنة بالكاميرات وبالجهاز الأمني المُحكم لعرفنا أنّ الموساد يقف وراء الاغتيال ، وفي يقينها أيضاً أنّ ضبط شبكات الموساد في لبنان ، وآخرها الكشف عن ضابط لبناني كبير أمس ، يؤيد وجهة نظرها.
شرطة دبي تستأهل التحيّة ، وقيادة دبي تستأهل الاحترام ، فهي لم تُقيّد العملية ضدّ مجهول ، بل ثابرت وكشفت ، ويبدو أنّها ستواصل الأمر حتى النهاية ، ويبقى أنّ الشخصين الفلسطينيين اللذين اخترق الموساد من خلالهما المبحوح ، لا بدّ أنّهما قدّما مفتاحاً يوصلنا إلى اليقين ، وفي كلّ الأحوال فهذا عدو لا يمكن أن يأمن أحد جانبه ، وأملي الشخصي أن يستطيع حزب الله وحركة حماس الوصول إلى صيدين ثمينين مقابل عماد مغنية ومحمود المبحوح.